الأعياد: جمع عيد، وهو اسم لما يعود من الاجتماع العام على وجه معتاد عائد؛ إما يعود السنة، أو بعود الأسبوع، أو الشهر، أو نحو ذلك.
فالعيد يجمع أموراً منها يوم عائد كيوم الفطر، ويوم الجمعة، ومنها اجتماع فيه، ومنها أعمال تجمع ذلك من العبادات أو العادات، وقد يختص العيد بمكان تعينه، وقد يكون مطلقاً، وكل من هذه الأمور قد يسمى عيداً.
فالزمان كقوله صلى الله عليه وسلم ليوم الجمعة: «إن هذا يوم عيد جعله الله للمسلمين» [حسنة الألباني برقم: 908]، والاجتماع والأعمال كقول ابن عباس رضي الله عنه: «شهدت العيد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم» [صحيح البخاري برقم: 962].
والمكان كقوله صلى الله عليه وسلم: «لا تتخذوا قبري عيداً» [حسنه السخاوي في القول البديع برقم: 228].
وقد يكون لفظ العيد اسماً لمجموع اليوم والعمل فيه كقول النبي صلى الله عليه وسلم: «دعهما يا أبا بكر إن لكل قوم عيد، وإن عيدنا اليوم» [صحيح البخاري برقم: 3931].
وبناء على ذلك فلا يجوز لأحد أن يلازم الحفاوة والاحتفال بيوم من الأيام، أو مكان من الأماكن، أو اجتماع من الاجتماعات لم يرد الشرع باتخاذه عيداً سواء كان ذلك بتخصيصه بعبادة من العبادات، أو اجتماع من الاجتماعات، أو عادة من العادات، فإن قارنه الموافقة لأعداء الله من الكفار، والمشركين، وأهل الكتاب من اليهود والنصارى كان الأمر أعظم حرمة وأشد خطراً، وذلك لما فيه من المشابهة الظاهرة بهم، والذي هو طريق للمشابهة في الباطن.
ولذا لما طلب منه رجل أن يذبح في مكان سماه (بوانة) قال له النبي صلى الله عليه وسلم: «هل كان فيها عيد من أعيادهم»(يريد اجتماعاً معتاداً من اجتماعاتهم التي عندهم عيداً) فلما قال: لا. قال له: «أوف بنذرك» [صححه الألباني برقم: 3313]. وهذا يقتضي أن كون البقعة مكاناً لعيدهم مانع من الذبح بها وإن نذر، كما أن كونها موضع أوثانهم كذلك، وإلا لما انتظم الكلام، ولا حسن الاستفصال. ومعلوم أن ذلك لما هو لتعظيم البقعة التي يعظمونها بالتعييد فيها، أو لمشاركتهم في التعييد فيها، أو لإحياء شعار عيدهم فيها، ونحو ذلك؛ إذ ليس الإمكان الفعل، أو نفس الفعل، أو زمانه.
فيحرم الاحتفال بعيد الميلاد، سواء كان للمسيح أو للنبي محمد صلى الله عليه وسلم وغيرهما من الناس، لما في ذلك من مشابهة اليهود والنصارى، وهكذا كل احتفال أو اجتماع يعتاد كل أسبوع، أو شهر، أو سنة، ولم يأت من الشرع ما يدل على إباحته كعيد رأس السنة، أو الاحتفال بالهجرة، أو الإسراء، أو ليلة النصف من شعبان.
ومن ذلك ما ابتدع هذه الأزمان من الأعياد الوطنية، والاحتفال بعيد الشجرة، والاحتفال بالأيام المبتدعة كيوم الغذاء، ويوم الطفل، ونحو ذلك.
ويدل على ما ذكرناه ما في الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم قال: «دعهما يا أبا بكر، فإنها أيام عيد» وتلك الأيام أيام منى. وفي رواية «هذا عيدنا» وفي رواية «وإن عيدنا اليوم».
ودلالته من وجهين:
أولاً: قوله: «فإن لكل قوم عيدا، وهذا عيدنا» [صحيح البخاري برقم: 952] فهذا يقتضي أن لكل قوم عيداً يخصهم كما قال تعالى:{وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا} [البقرة: 148]. فأعياد اليهود والنصارى وسواهم أمر يخصهم دوننا فلا نشاركهم فيه، كما لا نشاركهم في دينهم.
ثانياً: قوله: «هذا عيدنا» فمقتضى هذا اللفظ أن عيدنا يخصنا وليس لنا عيد سواه وقوله: «وإن عيدنا اليوم» أضاف العيد إلى ((نا))، وعرف اليوم، والتعريف باللام والإضافة يفيد الاستغراق، فيقتضي هذا أن جنس عيدنا منحصر في هذا اليوم.
ويدل عليه أيضاً قوله صلى الله عليه وسلم: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» [في الصحيحين] . ولا شك أن هذه الأعياد والاجتماعات ليست من ديننا فهي مردودة أي: باطلة، فيحرم اعتيادها والاحتفاء بها. ويدل على هذا قوله صلى الله عليه وسلم: «كل بدعة ضلالة» [صححه البزار برقم: 2/1164] وهذه الأعياد والاحتفالات من البدع فهي ضلالة، فيحرم اعتيادها والعناية بأمرها.
هذا، والأعياد إما مكانية، أو زمانية، أو اجتماعية.
فأما الأعياد المكانية من جهة حكم الشرع فثلاثة أنواع:
الأول: ما لا خصوص له في الشريعة.
الثاني: ما له خصوص لا يقتضي قصده للعبادة فيه.
الثالث: ما تشرع العبادة فيه لكن لا يتخذ عيداً.
فمثال الأول: عموم الأمكنة مما لا خصوصية له، ولا شرعت فيه العبادة، فلا يجوز تخصيصه، ولا قصده بعبادة، كالصحارى، وسائر الأمكنة مثلاً ما لم يكن عيداً لليهود والنصارى.
ومثال الثاني: كقبر النبي صلى الله عليه وسلم وسائر القبور وكشهر رجب.
ومثال الثالث: كالصلاة في مسجد قباء فهي مشروعة، لكن لا يتخذ عيداً يقصد كل سنة، وكل شهر، ونحو ذلك. وهكذا ليلة النصف من شعبان، ثبوت فضلها لا يجوز اتخاذها عيداً يحتفل به كل سنة.
وأما الأعياد الزمانية فهي أيضاً من جهة حكم الشرع ثلاثة أنواع:
أحدها: يوم لم تعظمه الشريعة أصلاً كأول خميس من رجب، وليلة تلك الجمعة التي تسمى الرغائب.
النوع الثاني: ما جرى فيه من الحوادث ما لا يقتضي كونه موسماً كالثامن عشر من ذي الحجة المشهور بـ (غدير خم).
النوع الثالث: ما هو معظم في الشريعة كيوم عاشوراء، ويوم عرفة، ويومي العيدين، نحوها.
فالأول يحرم تخصيصه بشيء من العبادات أو الاحتفالات، وكذلك الحكم في النوع الثاني. وأما النوع الثالث فلا يتجاوز ما شرعه الله ورسوله فيه.
هذا، وقد يصحب هذه الأعياد المكانية والزمانية من الاجتماعات البدعية ما يجعلها أعظم بدعة، وأغلظ حكماً؛ كمن يقصد القبور يوم العيد، والاجتماع عليها، والاحتفال عندها، أو يقصد المسجد الأقصى من أجل التبرك به، أو الطواف بجبل عرفات، ونحو ذلك من البدع المنكرة التي لم يأت بها دليل من الكتاب ولا من السنة النبوية.
وأما الاجتماعات فهي من جهة حكم الشرع ثلاثة أنواع:
الأول: ما لم يشرع أصلاً كالاجتماع للاحتفال بالمواليد.
الثاني: ما شرع الاجتماع له كصلاة الجماعة، وصلاة العيدين، ونحوها.
الثالث: ما يحرم الاجتماع له كالاجتماع في المقابر، والأضرحة للصلاة المفروضة فيها، ودعاء أهلها، والطواف حولها.
هذا، والواجب على المسلمين أن يحرصوا على تخليص دينهم من كل شائبة تكدر صفوه، أو تتسبب في تغييره؛ لأن الدين إذا كثرت فيه البدع تغيرت صورته، فصار مجموعة من الأعمال الخرافية التي ما أنزل الله بها من سلطان. فإن لحفظ الدين جانبين:
الأول: المحافظة عليه؛ وذلك بتعلم حقائقه، وتعليمها، ونشرها بين الناس حتى تكون معروفة مشهورة ظاهرة واضحة.
الثاني: محاربة ما يكدر صفوه من المكفرات، والمبتدعات، والمعاصي التي تقضي على صفائه، وتكدر حقائقه، فتظهر مشوهة. وبذلك يفرح أعداؤه ويسر أدعياؤه.
قال تعالى: {يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} [التوبة: 32].
ومما تقدم تبين أن الحكم العام لاتخاذ الأعياد والاحتفالات هو الحرمة المقتضية للبدعة؛ وأما كونها وسيلة من وسائل الشرك فذلك بين من جهتين:
الأولى: لما في ذلك من المشابهة للكفار في الظاهر التي تؤدي للمشابهة في الباطن؛ لأن المشابهة بالكفار تدل على استحسان من الفاعل لفعلهم، والذي هو جزء من كفرهم، وشعائرهم الوثنية؛ ولذا استحق أن يحشر معهم.
وفي رواية: «من تشبه بقوم فهو منهم» [صحيح بن حبان برقم: 437]. وهو نص صريح على أن التشبه في الظاهر مؤذن بالتشبه بهم في الباطن.
الثانية: ما يشتمل عليه اتخاذ الأعياد والاحتفالات البدعية من مخالفة ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، والحكم بغير ما أنزل الله. ففيه نوع من شرك الطاعة كما قال تعالى: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ} [الشورى: 21]؛ أي: ديناً وشرعاً.
وعلى هذا فهو إما وسيلة من وسائل الشرك الأكبر أو الأصغر، فإن اشتمل على عبادة غير الله فهو شرك أكبر، وإن اشتمل على ما دونه فهو شرك أصغر. والشرك الأكبر ينافي التوحيد، والشرك الأصغر ينافي كمال التوحيد.
كما أن اتخاذ الاحتفالات والأعياد البدعية كبيرة من كبائر الذنوب، وهي مؤذنة بتغيير وجه الدين، الأمر الذي هو طريق للكفر الأكبر أو الكفر الأصغر؛ فإن اشتمل على ما به يكفر كفراً أكبر خرج من الملة، وإن اشتمل على ما به كفر أصغر لم يخرج عن الملة، واستحق المتلبس به الوعيد إذا مات ولم يتب منه.
ومن هنا يتبين لنا الخطر المؤدي إلى زعزعة العقيدة الإسلامية في قلوب المسلمين عن طريق اتخاذ الأعياد، والاحتفالات البدعية. ولا يقال إننا نفعلها ولا نجد هذا، لأن الشرع ينزل مظنة الشيء منزلة الشيء نفسه، ويجعل وسائل الأشياء في الحكم كالذي تؤدي إليه، فما كان وسيلة للشرك أكبره أو أصغره ينزل منزلة الشرك نفسه أكبره أو أصغره.
بتصرف يسير
الدرر السنية: الموسوعة العقدية
موقع وذكر الاسلامي
فالزمان كقوله صلى الله عليه وسلم ليوم الجمعة: «إن هذا يوم عيد جعله الله للمسلمين» [حسنة الألباني برقم: 908]، والاجتماع والأعمال كقول ابن عباس رضي الله عنه: «شهدت العيد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم» [صحيح البخاري برقم: 962].
والمكان كقوله صلى الله عليه وسلم: «لا تتخذوا قبري عيداً» [حسنه السخاوي في القول البديع برقم: 228].
وقد يكون لفظ العيد اسماً لمجموع اليوم والعمل فيه كقول النبي صلى الله عليه وسلم: «دعهما يا أبا بكر إن لكل قوم عيد، وإن عيدنا اليوم» [صحيح البخاري برقم: 3931].
وبناء على ذلك فلا يجوز لأحد أن يلازم الحفاوة والاحتفال بيوم من الأيام، أو مكان من الأماكن، أو اجتماع من الاجتماعات لم يرد الشرع باتخاذه عيداً سواء كان ذلك بتخصيصه بعبادة من العبادات، أو اجتماع من الاجتماعات، أو عادة من العادات، فإن قارنه الموافقة لأعداء الله من الكفار، والمشركين، وأهل الكتاب من اليهود والنصارى كان الأمر أعظم حرمة وأشد خطراً، وذلك لما فيه من المشابهة الظاهرة بهم، والذي هو طريق للمشابهة في الباطن.
ولذا لما طلب منه رجل أن يذبح في مكان سماه (بوانة) قال له النبي صلى الله عليه وسلم: «هل كان فيها عيد من أعيادهم»(يريد اجتماعاً معتاداً من اجتماعاتهم التي عندهم عيداً) فلما قال: لا. قال له: «أوف بنذرك» [صححه الألباني برقم: 3313]. وهذا يقتضي أن كون البقعة مكاناً لعيدهم مانع من الذبح بها وإن نذر، كما أن كونها موضع أوثانهم كذلك، وإلا لما انتظم الكلام، ولا حسن الاستفصال. ومعلوم أن ذلك لما هو لتعظيم البقعة التي يعظمونها بالتعييد فيها، أو لمشاركتهم في التعييد فيها، أو لإحياء شعار عيدهم فيها، ونحو ذلك؛ إذ ليس الإمكان الفعل، أو نفس الفعل، أو زمانه.
فيحرم الاحتفال بعيد الميلاد، سواء كان للمسيح أو للنبي محمد صلى الله عليه وسلم وغيرهما من الناس، لما في ذلك من مشابهة اليهود والنصارى، وهكذا كل احتفال أو اجتماع يعتاد كل أسبوع، أو شهر، أو سنة، ولم يأت من الشرع ما يدل على إباحته كعيد رأس السنة، أو الاحتفال بالهجرة، أو الإسراء، أو ليلة النصف من شعبان.
ومن ذلك ما ابتدع هذه الأزمان من الأعياد الوطنية، والاحتفال بعيد الشجرة، والاحتفال بالأيام المبتدعة كيوم الغذاء، ويوم الطفل، ونحو ذلك.
ويدل على ما ذكرناه ما في الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم قال: «دعهما يا أبا بكر، فإنها أيام عيد» وتلك الأيام أيام منى. وفي رواية «هذا عيدنا» وفي رواية «وإن عيدنا اليوم».
ودلالته من وجهين:
أولاً: قوله: «فإن لكل قوم عيدا، وهذا عيدنا» [صحيح البخاري برقم: 952] فهذا يقتضي أن لكل قوم عيداً يخصهم كما قال تعالى:{وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا} [البقرة: 148]. فأعياد اليهود والنصارى وسواهم أمر يخصهم دوننا فلا نشاركهم فيه، كما لا نشاركهم في دينهم.
ثانياً: قوله: «هذا عيدنا» فمقتضى هذا اللفظ أن عيدنا يخصنا وليس لنا عيد سواه وقوله: «وإن عيدنا اليوم» أضاف العيد إلى ((نا))، وعرف اليوم، والتعريف باللام والإضافة يفيد الاستغراق، فيقتضي هذا أن جنس عيدنا منحصر في هذا اليوم.
ويدل عليه أيضاً قوله صلى الله عليه وسلم: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» [في الصحيحين] . ولا شك أن هذه الأعياد والاجتماعات ليست من ديننا فهي مردودة أي: باطلة، فيحرم اعتيادها والاحتفاء بها. ويدل على هذا قوله صلى الله عليه وسلم: «كل بدعة ضلالة» [صححه البزار برقم: 2/1164] وهذه الأعياد والاحتفالات من البدع فهي ضلالة، فيحرم اعتيادها والعناية بأمرها.
هذا، والأعياد إما مكانية، أو زمانية، أو اجتماعية.
فأما الأعياد المكانية من جهة حكم الشرع فثلاثة أنواع:
الأول: ما لا خصوص له في الشريعة.
الثاني: ما له خصوص لا يقتضي قصده للعبادة فيه.
الثالث: ما تشرع العبادة فيه لكن لا يتخذ عيداً.
فمثال الأول: عموم الأمكنة مما لا خصوصية له، ولا شرعت فيه العبادة، فلا يجوز تخصيصه، ولا قصده بعبادة، كالصحارى، وسائر الأمكنة مثلاً ما لم يكن عيداً لليهود والنصارى.
ومثال الثاني: كقبر النبي صلى الله عليه وسلم وسائر القبور وكشهر رجب.
ومثال الثالث: كالصلاة في مسجد قباء فهي مشروعة، لكن لا يتخذ عيداً يقصد كل سنة، وكل شهر، ونحو ذلك. وهكذا ليلة النصف من شعبان، ثبوت فضلها لا يجوز اتخاذها عيداً يحتفل به كل سنة.
وأما الأعياد الزمانية فهي أيضاً من جهة حكم الشرع ثلاثة أنواع:
أحدها: يوم لم تعظمه الشريعة أصلاً كأول خميس من رجب، وليلة تلك الجمعة التي تسمى الرغائب.
النوع الثاني: ما جرى فيه من الحوادث ما لا يقتضي كونه موسماً كالثامن عشر من ذي الحجة المشهور بـ (غدير خم).
النوع الثالث: ما هو معظم في الشريعة كيوم عاشوراء، ويوم عرفة، ويومي العيدين، نحوها.
فالأول يحرم تخصيصه بشيء من العبادات أو الاحتفالات، وكذلك الحكم في النوع الثاني. وأما النوع الثالث فلا يتجاوز ما شرعه الله ورسوله فيه.
هذا، وقد يصحب هذه الأعياد المكانية والزمانية من الاجتماعات البدعية ما يجعلها أعظم بدعة، وأغلظ حكماً؛ كمن يقصد القبور يوم العيد، والاجتماع عليها، والاحتفال عندها، أو يقصد المسجد الأقصى من أجل التبرك به، أو الطواف بجبل عرفات، ونحو ذلك من البدع المنكرة التي لم يأت بها دليل من الكتاب ولا من السنة النبوية.
وأما الاجتماعات فهي من جهة حكم الشرع ثلاثة أنواع:
الأول: ما لم يشرع أصلاً كالاجتماع للاحتفال بالمواليد.
الثاني: ما شرع الاجتماع له كصلاة الجماعة، وصلاة العيدين، ونحوها.
الثالث: ما يحرم الاجتماع له كالاجتماع في المقابر، والأضرحة للصلاة المفروضة فيها، ودعاء أهلها، والطواف حولها.
هذا، والواجب على المسلمين أن يحرصوا على تخليص دينهم من كل شائبة تكدر صفوه، أو تتسبب في تغييره؛ لأن الدين إذا كثرت فيه البدع تغيرت صورته، فصار مجموعة من الأعمال الخرافية التي ما أنزل الله بها من سلطان. فإن لحفظ الدين جانبين:
الأول: المحافظة عليه؛ وذلك بتعلم حقائقه، وتعليمها، ونشرها بين الناس حتى تكون معروفة مشهورة ظاهرة واضحة.
الثاني: محاربة ما يكدر صفوه من المكفرات، والمبتدعات، والمعاصي التي تقضي على صفائه، وتكدر حقائقه، فتظهر مشوهة. وبذلك يفرح أعداؤه ويسر أدعياؤه.
قال تعالى: {يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} [التوبة: 32].
ومما تقدم تبين أن الحكم العام لاتخاذ الأعياد والاحتفالات هو الحرمة المقتضية للبدعة؛ وأما كونها وسيلة من وسائل الشرك فذلك بين من جهتين:
الأولى: لما في ذلك من المشابهة للكفار في الظاهر التي تؤدي للمشابهة في الباطن؛ لأن المشابهة بالكفار تدل على استحسان من الفاعل لفعلهم، والذي هو جزء من كفرهم، وشعائرهم الوثنية؛ ولذا استحق أن يحشر معهم.
وفي رواية: «من تشبه بقوم فهو منهم» [صحيح بن حبان برقم: 437]. وهو نص صريح على أن التشبه في الظاهر مؤذن بالتشبه بهم في الباطن.
الثانية: ما يشتمل عليه اتخاذ الأعياد والاحتفالات البدعية من مخالفة ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، والحكم بغير ما أنزل الله. ففيه نوع من شرك الطاعة كما قال تعالى: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ} [الشورى: 21]؛ أي: ديناً وشرعاً.
وعلى هذا فهو إما وسيلة من وسائل الشرك الأكبر أو الأصغر، فإن اشتمل على عبادة غير الله فهو شرك أكبر، وإن اشتمل على ما دونه فهو شرك أصغر. والشرك الأكبر ينافي التوحيد، والشرك الأصغر ينافي كمال التوحيد.
كما أن اتخاذ الاحتفالات والأعياد البدعية كبيرة من كبائر الذنوب، وهي مؤذنة بتغيير وجه الدين، الأمر الذي هو طريق للكفر الأكبر أو الكفر الأصغر؛ فإن اشتمل على ما به يكفر كفراً أكبر خرج من الملة، وإن اشتمل على ما به كفر أصغر لم يخرج عن الملة، واستحق المتلبس به الوعيد إذا مات ولم يتب منه.
ومن هنا يتبين لنا الخطر المؤدي إلى زعزعة العقيدة الإسلامية في قلوب المسلمين عن طريق اتخاذ الأعياد، والاحتفالات البدعية. ولا يقال إننا نفعلها ولا نجد هذا، لأن الشرع ينزل مظنة الشيء منزلة الشيء نفسه، ويجعل وسائل الأشياء في الحكم كالذي تؤدي إليه، فما كان وسيلة للشرك أكبره أو أصغره ينزل منزلة الشرك نفسه أكبره أو أصغره.
بتصرف يسير
الدرر السنية: الموسوعة العقدية
موقع وذكر الاسلامي
1 تعليقات:
بسم الله وبعد
بوركت أخي في الله على طرحك الطيب وبورك جهدك
لا خير في أمة كثرت أعيادها
وفقنا الله وإياكم لما يحب ويرضى
تقبل مروري
إرسال تعليق