,, تخيلتُ ,,

,, تخيلتُ ,,
كتبته : هناء بنت عبد العزيز الصنيع
h_sanee3@

بسم الله الرحمن الرحيم

في صالات المطارات...
في انتظار المستشفيات..
في استراحة الموظفين..
في أروقة المدارس و الجامعات..
في التجمعات العائلية..

يمسك كل فرد بهاتفه المحمول..يكتب يقرأ.. يتصل يستقبل.. يلعب و يتسلى.

في جيب كل رجل هاتف محمول..
في حقيبة كل امرأة هاتف محمول.

آه ما أجمل هذا المنظر و أبهجه عندما تخيلتُ أن الذي في أيديهم هو القرآن:
تلاوة ، حفظاً ، مراجعة..

تخيلتُ أن الفتيان و الفتيات يبكون حسرةً و ألماً عندما لا يتوفر لهم مصحف يتجولون به، تماما كبكائهم لأجل الحصول على هاتف محمول أو عند منعهم منه!

تخيلتُ أن الآباء و الأمهات حريصون على أن يقتني كل واحد من أبنائهم مصحفا صغيراً يصحبه في تنقلاته،كما حرصا أن يقتني جميعهم الهاتف المحمول.

تخيلت أن الناس يُكثرون التلاوة من مصاحفهم المحمولة في كل مكان..
تخيلوا معي و لنخطط لتحقيق هذا الهدف..فالخيال قد يصبح حقيقة يوماً ما.
اللهم ارزقنا تلاوة كتابك آناء الليل و أطراف النهار على الوجه الذي يرضيك عنا.

الدين المعاملة

الدين المعاملة
نبيل جلهوم

بسم الله الرحمن الرحيم

الدين المعاملة ... أو الدين معاملة .

من الكلمات الجميلة العظيمة الحقيقية التي كان يتناولها كثيرا معى شقيقى رحمه الله المهندس جابر .. وقد كانت الجُملة بكلمتيها المحدودتين تشكل لدى أخى جابر كل اهتمام وكنت بالطبع على ذلك أوافقه تماما لقناعتى التامة بها ..لهذا أحببت أن أتذكره وأَذْكُرَه بهذه الكلمات وأتجوّل بقلمى حول بعض معانيها .

بالفعل ... إنها حقيقة .
فان كلمة طيبة ..
أو تقدير واحترام وذوق فى التعامل .
أو شعور راق ..
أو احساس بآلام الآخرين وهمومهم.
أو اهتمام بسيط .
أو سؤال عابر ..
أو مؤازرة فى محنة .
أو مشاركة فى مأتم .
أو مشاركة فى فرح وعرس .
أو تفقدك لطفل مبتلى بجسد قعيد .
أو ذوقك فى التعامل مع جارك ( بيت - عمل - مواصلات ...)
أو اتصال هاتفى .
أو رسالة على الموبايل النقال .

كلها .. صحيح أنها أعمال صغيرة لكنها كبيرة عند كثير من الناس .
كلها .. صحيح انها غير مكلفة بالمال لكنها اغلى عند الناس من تلال الاموال .
كلها .. صحيح أنها عندك قد تكون بسيطة لكنها فى ميزان الحبيب محمد تقربك منه يوم القيامة.
كلها .. صحيح أنها لاتستغرق وقتا لكنها عند ربك قد تفوق ساعات تقضيها مقيما ليلك بين يديه.

بكل بساطة ..
هذا هو الإسلام العملى .

فبالله عليك ..
قبل أن تحدث الناس عن تدينك وهمتك للاسلام وأسلمتك للمجتمع .

حدثهم أولا عن كيف حال ذوقك وتعاملك معهم خاصة فى هذه الأيام .

واعلم .. أيها الغالى الكريم
أن نبي الأخلاق رفيع الذوق محمد صل الله عليه وسلم قال :
لاخير فيمن لايألف ولا يؤلف .
وقال : ان المرء ليبلغ يحسن خلقه درجة الصائم القائم .

-------------------------

رحمة الله عليك يا أخى جابر ... صدقت ... فالدين المعاملة .

 


دعوة إلى الضمير الحي نبيل جلهوم

الضمير الحي من منظوري بأبسط تعريفاته هو محاسبة النفس خاصة فيما يتعلق بما اقترفته نحو العباد .

لذا فأهمية الضمير في حياتنا اليوم على المستوى الفردي والجماعي على السواء أصبحت أهم فى حقيقتها من الطعام والشراب .

والسبب ..

يكمن في أن الضمير الحي الذي يبنى على مفهوم محاسبة النفس على ما اقترفته تجاه الغير وتقييم هذه النفس أولا بأول بلا هوادة ولا تراخى إنما يعنى حتمية إفراز منظومة عظيمة من السلوكيات والفضائل الجميلة التي تدفع المجتمعات نحو الاستقرار والنهضة والخير والأخذ بأيدي الناس نحو
تحقيق الأمن النفسي والإرتقاء الروحى .

فاذا انعدم هذا الضمير الحى الذى يحمل بين طياته كل هذا الجمال لانعدمت معه كل مظاهر الخير والجمال والسعادة .

إلى رواد العمل الخيري : لا تنسوا قلوبكم

إلى رواد العمل الخيري : لا تنسوا قلوبكم
نبيل بن عبد المجيد النشمي
 
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ،،، وبعد :
إن الأهداف السامية التي يسعى القائمون على العمل الخيري – أيٍ كان موقعهم – في تحقيقها تجعلهم في مصاف العظماء وإن لم يشعروا ، وإن الجهود العظيمة التي يقومون بها من إطعام الطعام وكسوة الفقراء والسعي على الأرملة واليتيم وإعانة المحتاج وإيواء الأيتام وتربيتهم والتعليم والإرشاد وبذل المعروف ونحوها من تفريج الهموم وتنفيس الكروب على الأسر والمحتاجين ومساعدة الشباب على التعفف وغيرها تتطلب منهم الحرص على سلامة هذه الجهود ونقاء هذه الأهداف من أن تشوبها شائبة لتبقى عظيمة في الدنيا ولآخرة .
فالعاملون في المجال الخيري ومنفعة الناس من فضل الله سبحانه وتعالى عليهم أن هيأ لهم عملا ومؤسسات توفر لهم المكان والوسائل ليكونوا سببا من أسباب الخير والرحمة في المجتمعات وبهذا ينبغوا أن يشعروا بنعمة الله عليهم وفضله وما اختاره لهم من مهمة {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ }الجمعة4

وحتى تبقى أعمالهم صافية سليمة سامقة عليهم بتعهد قلوبهم ومراقبة أحوالهم مع الله سبحانه وتعالى من أول قدم يضعونها في هذا الطريق وفي أثناء الطريق وحتى النهاية ، ويكون ذلك بسلوك مستمر وبرنامج ثابت في مسارين هما : 


الأول : العناية بأعمال القلوب :
 فيبقى الإخلاص سيد الموقف دائما وتعهده ومجاهدة النفس فيه لا يغفل عنها العامل فمداخل النفس ومصائد الشيطان أخفى من أن تراها العيون وأبعد من أن تدركها الظنون وليس أعرف بها من صاحبها فيجاهد المرء نفسه ويجدد عزمه ويصقل نيته باستمرار ليحفظ جوهر جهده وينال أجره من ربه كاملا فتطيب نفسه بإذن الله تعالى وتسعد في الدنيا والآخرة .
ويتحرى الصدق مع الله في أعماله ويحرص بكل ما أوتي من قوة أن يقدم عملا صادقا يدفعه الشعور الداخلي ويزينه الأسلوب الحسن ويردفه الشكر لله والحمد له وحده على توفيقه ويسبقه الدعاء بالتوفيق والسداد ويمنع عنه المن والحديث بالإنجاز لغير مصلحة شرعية معتبرة لا شخصية ، ويحرسه من ثناء الناس ومدحهم ما استطاع إلى ذلك سبيلا .
وهكذا المراقبة والخشية لله تعالى والخوف منه ورجاء ما عنده ونحوها من أعمال القلوب التي ينبغي العناية بها على كل حال.

الثاني : دوام الاتصال بالله سبحانه وتعالى والتعلق بما عنده :
 فالعامل في المجال الخيري قد يغرق في زحمة العمل وينشغل في موجة المهام المكلف بها وقد ينسى حتى مصالحه الشخصية أحيانا خاصة إذا أَعطى العمل كليته وجهده وشعوره ونفسه وأنفاسه وهو ولا شك في مرتبة عظيمة وعزة وشرف كبير غير أنه يقع في غفلة وسهو – وإن لم يقصد - عن أن يخصص له وقتا وعملا - وإن قل - يكون بينه وبين الله تعالى كصلاة ليل أو خلوة ذكر أو جلسة تدبر لآيات من كتاب الله أو لحظة دعاء واستغفار ينطرح فيها بين يدي مولاه معترفا بفقره إليه سائلا مستغفرا راجيا يملئ قلبه إيمانا ويقينا ليكون وقوده الذي لا ينتهي في طريقه إلى الله سبحانه وتعالى فلا غنى لأحد مهما بلغ جهده وجهاده عن أن يكون له اتصال بخالقه ورازقه ولذا لا تستغرب من عظيم الإنجازات التي حققها الصحابة رضوان الله عليهم في برهة من الزمن فقد كانوا مع عظيم الجهود والأعمال التي يقومون بها كانوا على اتصال دائم بالله سبحانه وتعالى .
وحتى يتغلب على حظوظ النفس ويتذوق حلاوة الصبر على صعوبة العمل أو قلة ذات اليد وضعف المردود الدنيوي : لتكن الجنة والفوز برضوان الله تعالى قضية حاضرة بين عينيه ممتلئ بها خاطره ومتعلق بها قلبه في كل حركة وسكون وجهد ومهمة في هذا الطريق .

إلى رواد العمل الخيري وجنوده : هنيئا لكم عظيم المهمة وشريف المنزلة والتي تجعلكم أحرص على سلامتها من حرصكم على سلامة أبدانكم
سدد الله خطاكم وبارك في جهودكم وتقبل أعمالكم
{وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }التوبة105
وصلى الله وسلم على النبي الكريم وآله وصحبه أجمعين

نبيل بن عبد المجيد النشمي

حين تقطر الأحرف دمًا

حين تقطر الأحرف دمًا
إبراهيم بن محمد الحقيل

بسم الله الرحمن الرحيم

كتبت عنوان هذه المقالة هكذا: حين تعتصر الكلمات ألمًا، ثم مسحتها؛ لأن أحرفها نزفت دمًا غزيرًا على ما جرى في البيضا وبانياس وجديدة عرطوس وحمص وحماة ودرعا ودوما، وجميع أنحاء سوريا، ولن يحتاج أحد في زمننا هذا إلى أن يُشرح له حديث النبي عليه الصلاة والسلام: «يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها» فقال قائل: ومن قلة نحن يومئذ؟ قال: بل أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن الله في قلوبكم الوهن» ، فقال قائل: يا رسول الله، وما الوهن؟ قال: «حب الدنيا، وكراهية الموت».

عليه فقط لفهم هذا الحديث، والاستغناء عن المطولات في شرحه: أن ينظر إلى المذابح السورية بإزاء نظره إلى واقع المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها؛ فإخوانهم يُذبحون ويعذبون وتغتصب نساؤهم، وينحر أطفالهم، وفضائياتهم ترقص وتغني، وملاعبهم تمتلئ بالمشجعين، وتعج بأهازيجهم، واستراحاتهم وبراريهم مملوءة بالمتنزهين، ولم يتغير شيء من واقع حياتهم. وحتى نكون صادقين مع أنفسنا فلينظر كل واحد منا ماذا تغير فيه وهو يرى المذابح كل يوم، ويسمع الاستغاثات كل ساعة؟! سوى أن إحساسه يموت شيئا شيئا، وحماسه لإخوانه يذبل كل يوم، وينصرف إلى همومه الدنية، وينسى فروض الإخوة الإيمانية، وينتظر دوره في المذابح الباطنية الصليبية.

ماذا عسى الواحد منا أن يلقى الله تعالى به وهو يعلم أن أمنية الطفل السوري قد باتت تنحصر في أن يُرمى برصاصة في رأسه تستخرج روحه بسرعة ليفارق هذا العذاب الشديد، أو ينحر بسكين حادة حتى لا يطول عذابه، وقد قالها طفل سوري لجلاده: مشان الله عمو سن السكين مشان ما أتعذب كما تعذب أخي.

تعتصر الكلمات ألما 
حين نفرح بدك إسرائيل -وهي عدو مبين- لمواقع الصواريخ السورية؛ لئلا يمطر بها النظام النصيري أهل السنة في المحافظات السورية، ونحن نعلم أن إسرائيل إنما فعلت ذلك لئلا تصل الصواريخ إلى أيدي المقاومة فتشكل خطرا على إسرائيل، فنفرح بتدمير ما قد يكون غدا بأيدي المسلمين من سلاح فتاك لأن المسلمين يُقتلون به الآن، وتدك به مدنهم وقراهم.

تعتصر الكلمات ألما
 حين نشاهد على اليوتيوب عشرات المقاطع وفيها أطفال وشباب من أهل السنة موثقون وينحرهم النصيريون والروافض نحر الأنعام، وحين نشاهد أطفالا رضع أحرقت أجسادهم ومزقتها.

تعتصر الكلمات ألما 
حين نشاهد مجموعة من كلاب النصيرية يستفردون بامرأة سنية محجبة فيضربونها ضرب غرائب الإبل، ويجلدونها بسياطهم، ويركلونها بأرجلهم وهي مقرفصة تتألم ولا تتكلم.

تعتصر الكلمات ألما
 حين ينحر النصيري رقبة سني نصف نحرة ويتركه يتلوى ويصرخ وينزف حتى ينقطع صوته ويموت، يريد أن يستمتع بعذابه وصراخه.
تعتصر الكلمات ألما حين نرى امرأة تمد يدها من تحت الأنقاض التي دكتها الصواريخ النصيرية تريد من يخرجها، فيجلس بجوارها أخوها لا يقدر على إزالة الأنقاض إلا أنه يمسك بيدها وهو جالس حتى تيبس يدها في يده وهو لا يتحرك من عجزه ويأسه.

تعتصر الكلمات ألما
 حين نعلم أن جملة من الفتيات السوريات يناشدن المقاومة أن يقصفوا السجون التي هن فيها ويفجروها لتهدم عليهن ويمتن قبل أن يضربهن المخاض بأولاد لا يعلمن من آباؤهم من كثرة من اغتصبوهن من النصيريين.

تعتصر الكلمات ألما 
حين قرأنا سؤالا لفتيات محاصرات في البيضا يستفتين علماء الإسلام إن كان بإمكانهن أن يقتلن أنفسهن قبل دخول النصيرية عليهن واغتصابهن، وهل يعد ذلك انتحارا. وقبل أكثر من سنة سأل نساء أخريات أيجوز لهن إجهاض أجنتهن من جراء الاغتصاب.. وصرخت نساء منهن يطالبن المسلمين بحبوب منع الحمل إن كانوا عاجزين عن حمايتهن.

كأني بمن بقي في قلوبهم حياة منا يتمنون أنهم ما عاشوا تلك الحقبة من الزمن ويرددون قول ابن الأثير لما رأى جرائم التتر في المسلمين وراء النهر: لقد بقيت عدة سنين معرضا عن ذكر هذه الحادثة استعظاما لها، كارها لذكرها، فأنا أقدم إليه رجلا وأؤخر أخرى، فمن الذي يسهل عليه أن يكتب نعي الإسلام والمسلمين؟ ومن الذي يهون عليه ذكر ذلك؟ فيا ليت أمي لم تلدني، ويا ليتني مت قبل حدوثها وكنت نسيا منسيا. (الكامل في التاريخ:10/ 333، دار الكتاب العربي).

وذكر الطبري في أحداث سنة تسعين ومئتين قصة تقطع القلوب لامرأة هاشمية قرشية شامية أذلها القرامطة، ودنسوا عرضها الشريف؛ حكتها امرأة أدخلت عليها لتوليدها وهي في عسكر القرامطة، فسألتها: من والد هذا الصبي؟ فقالت: إني امرأة هاشمية ...وإن هؤلاء القوم أتونا فذبحوا أبي وأمي وإخوتي وأهلي جميعا، ثم أخذني رئيسهم فأقمت عنده خمسة أيام، ثم أخرجني فدفعني إلى أصحابه فقال: طهروها، فأرادوا قتلي فبكيت، وكان بين يديه رجل من قواده، فقال: هبها لي، فقال: خذها، فأخذني وكان بحضرته ثلاثة أنفس قيام من أصحابه فسلوا سيوفهم وقالوا: لا نسلمها إليك، إما أن تدفعها إلينا وإلا قتلناها، وأرادوا قتلي وضجوا، فدعاهم رئيسهم القرمطي وسألهم عن خبرهم، فخبروه فقال: تكون لكم أربعتكم فأخذوني فأنا مقيمة معهم أربعتهم، والله ما أدري ممن هو هذا الولد منهم. (تاريخ الطبري: 10/101، دار التراث).

هذه القصة وقعت في بلاد الشام قبل أحد عشر قرنا ونصف قرن، على أيدي أجداد النصيريين، حين أذلوا كرام القرشيين، وهي الآن تقع في بلاد الشام، في بيوت كريمة كثيرة، قتل رجالها وأطفالها، ودنست أعراض نسائها، أفلا تعتصر الكلمات ألما وهي تدون ذلك؟!

لقد بات الجهاد محرم دوليا وإقليميا، وحماية المسلمين المضطهدين جريمة يرمى صاحبها بتهمة الإرهاب، ونجدة المنكوبين لا بد أن تكون عبر المنظمات الدولية وأخواتها العربية مع ما فيها من تحيز وتلاعبات، ومن يتجاوزها فهو عرضة للمساءلة والجزاء.

بل حتى مجرد التعاطف مع المسلمين الذي يذبحون عدوه سذاجة عاطفية لا تليق بالعقلاء، لقد غدا شعورنا بمصاب إخواننا مستكثر علينا، ونلام عليه، ونعاب به؛ لأنه بعيد عن الكياسة والسياسة.. والمطلوب منا أن نصمت ونكون أكثر برودة وبلاهة، فننظر إلى مذابحهم وعذابهم بصمت كأن الأمر لا يعنينا، وأن لا نتخذ أي موقف إيجابي لإنقاذهم، وإلا فنحن معرضون للدخول في دائرة الإرهاب الدولي التي رسمها لنا الصليبيون والصهاينة وقبلناها حتى صرنا أشد حماسة لها منهم.

تعتصر الكلمات ألما
 حين نرى انضمام الروافض للنصيرين علانية من العراق وإيران وحزب الشيطان، وتحت سمع وبصر المجتمع الدولي ولا أحد يحرك ساكنا، همهم الأكبر في تسلل الإرهابيين إلى سوريا..ثم نحن نعول على مبادرات هذا المجتمع الدولي الطاغوتي الذي ما سُنت قوانينه وأنظمته ولا أُنشئت منظماته المتعددة إلا لإذلال المسلمين وتسليط الأمم الأخرى عليهم ورعاية مذابحهم، ولننظر إلى مواقفهم من مذابح المجوس والبوذيين والهندوس والصليبيين والصهاينة للمسلمين لنعلم أنه مجتمع يشرِّع لذبح المسلمين وإيذائهم بكل الطرق الممكنة، ويسوغ ذلك بالحجج المتعددة، ومع كل ذلك نصدق أكذوبة المجتمع الدولي بمنظماته وأنه إنما وضع لإرساء الأمن والسلم العالمي، ورد الاعتداء، وإنصاف المظلومين.

قاتل الله السياسة وآثارها المخزية.. وقاتل الله تعالى قلوبا ليس فيها عواطف لحيوانات تقتل عبثا وإفسادا، ثم قاتل الله تعالى قلوبا ليس فيها عواطف لكفار يقتلون ظلما وعدوانا، ثم قاتل الله تعالى قلوبا لا تتعاطف مع قتل مسلمين يشهدون شهادة الحق، ثم قاتل الله تعالى قلوبا لا تتعاطف مع نساء مؤمنات تغتصب، وأطفال يذبحون يقطعون ويحرقون. وما حال الدول الإسلامية إلا حال من ينتظر دوره في المحرقة الباطنية، أفلا تعتصر الكلمات ألما، وتنزف الأحرف دما على واقعنا المخزي؟!

يا أمة الإسلام، يا خير أمة أخرجت للناس : 
أدركوا إخوانكم في الشام.. أنقذوا إخوانكم في سوريا قبل أن تنزل بكم عقوبة الله تعالى، وقبل أن يصل المد الباطني إلى دياركم، ولنعلم أن ابن الأثير حين كتب مقطوعته السابقة التي تمنى فيها أنه لم يولد وكان نسيا منسيا، إنما كتبها قبل أن يصل التتر إلى بغداد؛ لأنه مات قبل ذلك بست وعشرين سنة، ولكن تخاذل المسلمين عن نصرة المنكوبين آنذاك أوصل التتر إلى بغداد فأنهوا الخلافة العباسية، وفعلوا بالمسلمين في العراق ما لو أدركه ابن الأثير لانصدع قلبه، وليكن إحساس كل واحد منا بمصاب إخوانه كما لو كان هو المسئول عن ذلك وحده؛ فإن الله تعالى سائله يوم القيامة ماذا فعل؟ وماذا قدم؟ ولن يسأله عن غيره.

اللهم أيقظ قلوبنا من الرقدة، ونبهها من الغفلة، وارفع عن إخواننا الكربة آمين.

ليلة الثلاثاء 27/6/1434هـ

،، كلمات من الحياة ،، (6) ( المجموعة السادسة )

،، كلمات من الحياة ،،
(6)
( المجموعة السادسة )
كتبتها : هناء بنت عبدالعزيز الصنيع 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، هذه المجموعة السادسة من حروفي، نظمتها في كلمات ثم غردت بها في (تويتر) ،أسأل الله الإخلاص والقبول والبركة.

* مشاعرك ثمينة و صحتك كذلك.. وقتك وجهدك أيضا ثمينان .. وطيبة قلبك جمال نادر.. فلا تؤذِ نفسك بتسرعك في مخالطة من لا يستحق هذا كله.

* تظهر في بعض الكتابات مظاهر الاعتراض على القدر والتسخط .. ما يفيدك كتابة هذا الكلام إلا الاستكثار من السيئات وسخط الله..أحسن الظن بربك وأبشر.

* تأدبوا مع الله فيما تكتبونه واحذروا نقمته... تقربوا إلى الله في كتاباتكم و أبشروا بنعمته.

* الكلام يذهب والكتابة تبقى فاحسب ألف حساب قبل أن تكتب كلمة.. وليس جملة.

* هناك كلام لا يمكن التعبير عنه إلا بالفصحى ليصل المعنى الصحيح لا غيره.

* أنت عربي تتحدث وتكتب بأجمل لغات العالم، ما الحكمة من كتابة اسمك بالانجليزية..؟،الكتابة بالعربية تعني أنك تعتز بلغة الكتاب والسنة وإن اتقنت غيرها.

* هل رأيت الأعاجم يكتبون أسماءهم بالعربية..؟ كل شعب يعتز بلغته ويحافظ عليها و يرفض أن يكون تابعا بل يسعى أن يكون متبوعا.

* للغة العربية سحر بيان ..وقوة جمال.. ودقة تعبير..
وغزارة مفردات تعجز عنها اللغات الأخرى.

* قد تكون علاقتك ببعض الأشخاص ضرر عليك و أنت لا تعلم، فاسأل الله الخيرة في علاقاتك قبل أن تقويها ثم تعاني من الصدمات وتندم.

* لا مانع أن يكون لك ألف زميل ومعارف كثر،لكن الصداقة منزلة عالية لا ترفع إليها أي شخص إلا بعد مواقف عدة تؤكد أنه يستحق مكانة خاصة لديك.

* الصديق الوفي نادر لكنه موجود ... له علامات تستشف من خلالها بريقه النقي قبل أن تصادقه.

* المرأة تحترم الرجل الذي يخاف الله، الذي يوحي قوله وفعله بتمكن هذه الآية من قلبه (إني أخاف الله رب العالمين) ،كذا الرجل يحترم المرأة التي تخشى الله.

* أنت تعطي والديك عبادة لله ، بغض النظر إن كانا بحاجة أم لا ...ولا يحق لك أن تحاسبهما على تصرفهما في عطيتك فهذا حق لهما...وأبشر بثواب البر.

* من البر أن تبتدئ والديك بالعطية..لا تحوجهما لطلب ذلك منك والانكسار لك ، فالمؤمن لا يحتمل رؤية نظرة الانكسار والطلب في عيني والديه.

* أعز والديك كما أعزاك طوال عمرك عن الطلب من الناس..خصص لهما مبلغا شهريا تتقرب به إلى الله، هناك من الآباء من يستجدي أقاربه
و أولاده أغنياء.

* قد ينفق أحد الأولاد (ذكر،أنثى) على والديه أكثر من إخوته والسبب:احتساب الأجر، فهو يرى أن المال الذي ينفقه في المطاعم،والأسفار، لن يعجز أن ينفق مثله على والديه.

* على المربي أن يستخدم الألفاظ الشرعية مع الطفل ..
ولا يخلط بين كلمتي (حرام) (خطأ) فلكل واحدة منهما مدلولها المغاير.

* لم يحعل الله المعصية سببا في جلب الرزق..بل في الحرمان منه..التبرج والتعري لا ييسران زواجك، ففي الحديث{ إن العبد ليحرمُ الرزق بالذنب يصيبُه{.

* يا من اشتد بكم العطش ومزق أكبادكم الجفاف.. ظمأ الأرواح لا ترويه إلا آيات القرآن..و..سجدات السحر.

* أقوى العلاقات الناجحة التي بين الأبناء والآباء ،و الأزواج ،و الإخوة ، ليست العلاقات العاطفية أو علاقة النسب بل علاقة الحب في الله.

* الحب الصادق للإسلام يحفزك على: تعلمه، الدعوة إليه، الصبر على ذلك، تحمل الأذى لأجله ، إخماد الفتن لا إثارتها.

* حب الإسلام وأهله يكون: بتبني قضاياهم، الدفاع عنهم، مساندتهم، رفع الجهل عنهم ، لين الجانب للمسلمين فهم أحبابك و إخوانك في الله.

* كوني مشرقة الألوان..لك انعكاسات مضيئة.. تضيء حياتك..وحياة من حولك ..تملأ أيامك بهجة..وتجعل الجميع يبتهج بك ..أخلاق عالية وطباع راقية.

* لا تملك بيتا..تتمنى ذلك.. حَسِن أخلاقك واحصل على بيتك الخاص في أعلى الجنة، هذا أكيد فلا تُضِعه، أما بيت الدنيا فقد يكون وقد لا يكون ، ( وأنا زعيمٌ ببيتٍ في أعلى الجنَّةِ لمن حسُن خلُقُه). حديث حسن

* مساعدة الناس على التغيير للأفضل يحتاج إلى:إخلاص واحتساب أجر ،علم، حكمة، زمن، صبر، إحسان للمدعو ، تنويع طرق، مخالطة.

* الشعور بالأمان حاجة أساسية لاستقرار الحياة الأسرية.. كُن أنت الأمان لزوجتك وأولادك.

* عالم الكتابة بحر يغوص فيه المهرة من الكتّاب ليكتشفوه و يخرجوا أجمل ما فيه.

* المساواة في معاملة المحسن و المسيء تجعل المحسن يزهد في إحسانه فتخسره، والله سبحانه لم يساو بينهما.

* عدم التدخل في خصوصيات الآخرين والتنقيب عن أسرارهم يجعلك تنعم براحة البال، ( لا تؤذوا المسلمين ، و لا تعيروهم ،و لا تتبعوا عوراتهم )حديث صحيح

* حياؤك من علامات إيمانك..ستشعر به عندما تجد نفسك تستحي من قبيح : الكلام ، السلوك ، اللباس.

* عانيت من الناس..؟ ، قل: اللهم دلني على أهل الخير ودلهم علي..واصرفني عن أهل الشر واصرفهم عني..ستجد العجب في الصرف والجذب! ولكن عليك أن ترضى.

،، الحمد لله كما ينبغي لجلال وجهه و عظيم سلطانه ،،

الدرر اللآلي من أقوال الحسن البصري (4)

الدرر اللآلي من أقوال الحسن البصري (4)
أيمن الشعبان
 
 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه، وبعد:
كم نحن بحاجة في أيامنا هذه لتتبع أقوال وأحوال سلفنا الصالح، والسير على طريقهم واقتفاء أثرهم، ومِن هؤلاء الأعلام الزهاد الورعين، الحسن البصري رحمه الله، الذي تكلم بكلام الصديقين كما وصفته عائشة رضي الله عنها، وعندما قيل لعلي بن الحسين رضي الله عنهما: إن الحسن يقول: ليس العجب لمن هلك كيف هلك؟ وإنما العجب لمن نجا كيف نجا؟ فقال علي: سبحان الله! هذا كلام صديق.
فهذه نبذة من أقواله عسى أن تنير الطريق وتعين الرفيق، في دنيا الفتن والشهوات وابتعاد الناس عن الأمر العتيق.

يقول الحسن البصري رحمه الله[1]:

1-    ابن آدم! تستحلُ المحارم، وتأتي الجرائم، وتركبُ العظائم، وتتمنى على الله الأماني! ستعلمُ حين لا ينفع مالٌ ولا بنون، إلا من أتى الله بقلبٍ سليم.
2-    تَركُ الخطيئة أهونُ من معالجة التوبة، فسمع ذلك محمد بن واسع، فقال: رحم الله الحسن، صدق – والله – لو وافق قلبا للطاعة فارغا، وعقلا من غلبة الشهوة سالما.
3-    ابن آدم! مالَكَ وللشرِّ، وهذا الخيرُ صاف؟! ابن آدم! اتق الكبائر؛ فإنك لا تزال بخير ما لم تُصب كبيرة تُغَيِّرُ عليك قلبك، وتَهدِمُ صالح عملك.
4-    لله دَرُّ أهل الحق، كانت دِرَّةُ عُمَرَ – رضي الله عنه- أهيبَ من سيف الحجاج.
5-    المؤمنُ يلقاه الزمانُ بعد الزمان بأمر واحد، ووجهٍ واحد، ونصيحة واحدة، وإنما يتبدل المنافق، ليستأكل كل قوم، ويسعى بكل ربح.
6-    المؤمنُ صَدَّقَ قولَهُ فِعلُهُ، وسِرَّهُ علانيتُه، ومشهدَهُ مغيبُه، والمنافق كذَّب قولَهُ فِعلُه، وسره علانيته، ومشهده مغيبه.
7-    ثلاثة لا غيبة فيهم: الفاسقُ المُعلِنُ بفسقه؛ أن يُذكر ذلك منه، وصاحبُ البدعة؛ أن يُذكر ببدعته، والإمامُ الجائر؛ أن يُذكر بجوره.
8-    لقد مضى بين أيديكم أقوامٌ، لو أنفق أحدُهُم عدد الحَصى، لخَشي ألا يُقبل منه، ولا ينجو؛ لِعِظَمِ الأمر في نفسه.
9-    والله ما أحدٌ من الناس بُسِطَ له في أمرٍ من أمور دنياه، فلم يخَف أن يكون ذلك مَكرا به، واستدراجا له، إلا نَقَصَ ذلك من عمله ودينه وعقله، ولا أحدٌ أمسك الله الدنيا عنه، ولم يَرَ أن ذلك خيرٌ له، إلا نقص ذلك من عمله، وبان العجزُ في رأيه.
10- ما من مسلم رُزِقَ يوما بيوم، فلم يعلم أن ذلك خير له، إلا كان عاجز الرأي.
11- إن الله عز وجل لَيُعطي العبد من الدنيا، مكرا به، ويمنعُه نظرا له.
12- أدركت أقواما كانت الدنيا أهون عندهم من التُّراب الذي تمشون عليه.
13- رحم الله أقواما كانت الدنيا عندهم وديعة، حتى ردوها إلى من ائتمنهم عليها، ثم راحوا خفافا غير مُثقَلين، ولقد أدركت أقواما كانت الدنيا تَتَعَرَّضُ لأحدهم، وإنه لمجهودٌ، فيتركها مخافة الساعة.
14- والله ما بلغت الدنيا ولا انتهى قدرها إلى أن يُضيعَ الرجل فيها حَسَبَهُ ودينه.
15- والله ما عجبت من شيء كعجبي من رجل لا يَحسَبُ حُبَّ الدنيا من الكبائر، وايمُ الله! إن حبها لمن أكبر الكبائر، وهل تشعبت الكبائر إلا من أجلها، وهل عُبدَت الأصنام وعُصي الرحمن إلا لحب الدنيا، فالعارف لا يجزع من ذلها ولا ينافس بقربها ولا يأسى لبُعدها.
16- أيها الناس! والله ما أعزَّ هذا الدرهم أحدٌ إلا أذله الله تعالى يوم القيامة.
17- إذا أحب بنو آدم الدنيا، فما أُبالي ألا يعبدوا صنما، ولا يتخذوا إلها غير الله ربَّا، حُبُهُم الدنيا يُرثُهُمُ المهالك.
18- رأينا من أُعطي الدنيا بعمل الآخرة، وما رأينا من أعطي الآخرة بعمل الدنيا.
19- المؤمن لا يصفو له في الدنيا عيش.
20- من عرَفَ ربه أحبه، وآثر ما عنده، ومن عرف الدنيا وغُرُورها زَهِدَ فيها.
21- من نافسك في دينك فنافسه، ومن نافسك في دنياك فألقها في نحره.
22- أيها الناس! أدركتُ أقواما، وصحبتُ طوائفَ، ما كانوا يفرحون بشيء من الدنيا أقبلَ، ولا يَحزنون على شيء منها أدبر، ولهي عندهم أهون من التراب الذي تَطَؤونه بأرجلكم.
23- ابن آدم! لا تُعَلِّق قلبك بشيء من الدنيا، تَعَلُّقُها شرُ تَعَلُّق، اقطع عنك حبائلها، وأغلق دونك أبوابها.
24- أيها الناس! خذوا صَفوَ الدنيا، ودعوا كدرها، فليس الصفو ما عاد كدرا، ولا الكدر ما عاد صفوا، دعوا ما يريبكم إلى ما لا يريبكم، تُرتجى السلامة في العاجلة والآجلة لكم، وقد رأيت أقواما كانوا فيما أحل الله لهم من الدنيا أزهد منكم فيما حُرِّم عليكم منها.
25- ما أُعطي رجلٌ شيئا من الدنيا إلا قيل له: خُذهُ ومثله من الحرص.
26- من حَمِدَ الدنيا ذم الآخرة، وليس يكره لقاء الله إلا مقيمٌ على سخطه.
27- ابن آدم! ما أعطاك الله تعالى الدنيا إلا اختبارا، ولا زواها مُذ خلقها عن عباده المؤمنين إلا اختبارا.
28- إن مما يُزَهِّد ذا الهمة في الدنيا، ويُلزمُهُ تركها، ويُجبُ عليه ألا يحرص عليها: عِلمُهُ بأن الأرزاق لم تُقسم فيها على قدر الأخطار.
29- أهينوا الدنيا، فأكرم ما تكون حيت تُهان.
30- ابن آدم! إن لك عاجلة وآجلة، فلا تؤثِرَنَّ عاجلتك على آجلتك فتندم، واعلم أنك إنْ تَبِع دُنياك بآخرتك تربحهما، وإن تَبِع آخرتك بدنياك تَخسرهما .
31- ابن آدم! لا يَضُرُّكَ ما زُوي من دنياك إذا ادُّخِرَ لك خيرُ آخرتك، وما ينفعك خير ما أصبت منها إذا حُرِمتَ خير آخرتك.
32- ابن آدم! إن الدنيا مطية، إن ركبتها حملتك، وإن حملتها أثقلتك.
33- إن كان بغيتك من الدنيا ما يكفيك، فأدنى ما فيها يَكفيك، وإن كان الذي تعملُ منها ما يكفيك، فليس شيء يكفيك.
34- لَئِن كانت الدنيا مُلِئَت باللذات، فلقد حُشيَت بالآفات، ووجبت من أجلها التِّباعات.
35- ابن آدم! إياك أن تكون صاحب دنيا، لها ترضى ومكن أجلها تغضب، وعليها تقاتل وفيها تتعب وتنصب، ارفضها إلى النار إن كنت طالب الجنة، أو فدع التمني يا لُكع، فإن حكيما قال:
وإن امرأٌ دُنياه أكبرُ هَمِّه * لَمُستمسكٌ منها بحبلِ غُرورِ
36- إن المؤمن كَيِّسٌ، نظرَ فأبصر، وتفكر فاعتبر، ثم عمدَ إلى دنياه فهدمها، وبنى آخرته، ولم يهدم آخرته لبناء دنياه، ولم يزل ذلك عمله حتى لقي ربه فرضي عنه وأرضاه، وإن المنافق عَمِدَ فنافس عن دنياه، وعَمي عن آخرته، اتخذ الدنيا إلها، ويحهُ! ألها خُلِق؟ أم بالجمعِ لها أُمر، سيعلم المغرور يوم ( يُعرَفُ المجرمون بسيماهم فيؤخذُ بالنواصي والأقدام ).
37- ابن آدم! وُصفت لك الدنيا، وغابت عنك أمور الآخرة، وقَرُبَ منك الأجل، وأُمِرتَ بالعمل، وحقُّ الله ألزمُ لك، فاعمل لمعادك، فلن يرضى ربُك منك إلا بأداء ما فُرِضَ عليك.
38- عقوبةُ العلماءِ موتُ قلوبهم، لطلبهم الدنيا بعمل الآخرة.
39- أيها المغرورون! إنما الدنيا جيفةٌ ينهشُها عُشاقُها، فهي تقتلُ بعضهم ببعض، وهم لا يشعرون، من ركن إليها، ذّلَّ واقتصر، ومن زَهِدَ فيها، عَزَّ واقتدر.
40- إنما الغُدُوُّ والرواحُ وحَظٌّ من الدُّلجةِ والاستقامة لا يُلبِثَنَّكَ أن تَقدَمَ على الله وهو راضٍ عنك، فيُدخِلك الجنة، فتكون من المُفلحين.
41- أيها الناس! إن الله لا يُخدَعُ عن جنته، ولا يعطيها أحدا من عباده بالأماني.
42- المؤمن أسيرٌ في الدنيا، يسعى في فكاك رقبته، لا يأمنُ حتى يلقى ربه.
43- إذا أصبح العبد وجبت عليه أربعة أشياء: حبُّ الله تعالى، وحُبُّ دين الله، وحُبُّ الآخرة، وبُغضُ الدنيا.
44- ابن آدم لا تحمل على يومك همَّ غدك، وليَكفِ كُلَّ يومٍ هَمُّهُ، إن غدا إن كان من عُمُرِك، أتاك فيه رزقك.
45- رحم الله عبدا جعل العيش عيشا واحدا، فأكل ما يُمسكُ رَمَقَهُ، ولَبِسَ خَلَقَهُ، وأَلصَقَ بالأرض خَدَّه، مُجتهدا في عبادة ربه، حتى يأتيه أجله، وهو كذلك.
46- ابن آدم! صُم كأنك إذا ظَمِئتَ لم تكن رَويتَ، وإذا رويت لم تكن ظمئت، فإن الحال أضيقُ، والعُمُرَ أقصرُ، والأمرَ أيسرُ أن تبقى فيه على حال.
47- إن الله يعطي العبد، مكرا به، ويَحرمُه نظرا له، ومن تعرض لمكر الله، استوجب عُقوبته.
48- ابن آدم! إن لك أجلا وأملا، فإن أدركت أملك، قربك من أجلك، وإن أدركت أجلك، اجتاحك قبل أملك.
49- ابن آدم! إنك لو قصرت مسير أجلك، لأبغضتَ غُرور أملك، ولو أبصرتَ قليل ما بقي من عُمُرك، لزهدت في أكثر ما ترجوه من أملك.
50- أيها المرء! أجلُكَ أنت السواد المُختَطَف في يومك، أيها المرء! إنك لا تدري بأي سبب تموت، أيها المرء! داوِ نفسك قبل أن تقف بك على العطب.

أيمن الشعبان
14/4/2013
--------------------------------------------
[1] جميع المقولات في هذا الجزء منتقاة من كتاب " آداب الحسن البصري وزهده ومواعظه، ابن الجوزي ".

أبناؤنا تربية دعوية

أبناؤنا تربية دعوية
د.ولاء رفاعى سرور

بسم الله الرحمن الرحيم
إن دخول الطفل المسلم حقل الدعوة منذ الصغر لخليق بأن يصنع جبلا رائدا يقود ولا يقاد, يرى الحق ولا يرى له ,وإن من الأخطاء الفادحة التى تقع فيها الأسرة هى إخراج الطفل من الحجرة بمجرد دخول الضيف إليها, وعلى العكس فإن حضور الطفل لحوارات الكبار وسماع القضايا العامة يثير فى حسه روح التفكير والتفاعل مع الواقع بما يكسبه شخصية تختلف عن غيره من الاطفال .إن هذا الطفل قد مر عليه من المشكلات عرضا وحلا ما يجعله قادرا على اتخاذ قرار مبنيا على الخبرة واالحكمة كما انه قابل عدد من الشخصيات والنفوس البشرية المختلفة ما يجعله قادرا على التمييز بين الصالح وغيره , ولا أحسب سيدنا عمر بن الخطاب رضى الله عنه عاتب ابنه عندما لم يجب عن سؤال الرسول فى حديث النخلة قائلا له لو قلت لكان أحب إلى من كذا وكذا لا احسبه رضى الله عنه أراد التباهى بابنه وإنما اراد لابنه التفاعل مع الكبار فترنو نفسه ان يصبح مثلهم.

كما ان مشاركة الطفل والأخذ برايه فى معالى الأمور يكسبه ثقة بالنفس تؤهله لتحمل تكاليف الدعوة فيما بعد.فلقد تعود منذ صغره ان يقول ما يراه صوابا فإذا ما سمع التكليف بالامر بالمعروف والنهى عن المنكر كانت الاستجابة أسهل وأسرع فلا نراه يخاف فى الله لومة لائم

كما ان مشاركة الطفل والاخذ برأيه فى معالى الامور بنشئ بداخله روح الريادة بما يحميه فيما بعد من اتباع كل ناعق, او أن يكون إمعة إن أحسن الناس احسن وإن أساءوا أساء

وحماية لهذا الطفل من خطر الغرور والكبر أو حتى الثقة الزائدة بالنفس التى قد تطرأ عليه نتيجة لهذه المعاملة لزم على المربى ان بوجه إمكانات الطفل العقلية والبدنية إلى خدمة المسلمين وقضاء مصالحهم ,وأن يزرع فى نفسه أن قيمته ومكانته مرهونة بما يقدمه للاسلام والمسلمين فهذا أخ مريض وجب علينا زيارته , وهؤلاء ابناء معتقل ينتظرون زيارتنا والاخر يوم زفافه فلنشاركه فرحته وهناك أرملة بحاجة إلى قضاء حوائجها, وهكذا يجد الطفل نفسه بين ابناء المجتمع المسلم يعيش لهم وبعيشون بوده لهم فإن أحبه الناس فلما يقدمه من عطاء وإلا فأنه كأى فرد فى المجتمع لا يزيد عن من حوله شئ.فإذا كانت حياة الطفل على هذا النحو من الانغماس فى أحوال المسلمين ثم تليت عليه آيات التكليف بالولاء لله وللرسول والذين آمنوا كانت الاستجابة أسهل وأسرع إذ أنه عاش منذ صغره فى خدمة من أمر بالولاء لهم ,ولا نجد شخصا اكثر تأثرا بحديث الرسول( فكو العانى) أى الأسير من شخص عاش فى طفولته يتفقد ابناء هذا الاسير , حتى أن توزيع الطفل بنفسه للصدقات على فقراء المسلمين يجعل منه شخصا عطاءا كريما فإذا ما سمع الامر بالتكليف بالصدقة كانت الاستجابة اسهل وأسرع إذ انه تعود منذ صغره غلى العطاء

على اننا يجب ألا ننسى اننا نتحدث اولا وآخرا عن طفل .بمعنى انه يجب ان يعيش طفولته بكل ما تحمله الكلمة من معنى . فلا يتعارض ما قلنا مع ان يلهو الطفل ويلعب مع غيره من الاطفال أى أن اشعاره بالمسئولية مجرد تدريب وتأهيل لمرحلة التكليف وليس العبء النفسى والضغط الذي يحمله مالا يطيق وإلا انقلب الامر وتحول إلى نفور.وكيف يدخل السعادة على قلب غيره ولم يذق هو طعمها ؟.ولا يتعلل المربى بالانشغال عن هذه الامور فما داعب النبى صلى الله عليه وسلم أبا عمير وسأله عن عصفوره إلا وهو راجع من قتال فالمقصود هو بناء شخصية سوية تحمل بين جوانحها امالا تمكنها بإذن الله من الإصلاح

وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين

سر الحزن وقانون العنكبوت

سر الحزن وقانون العنكبوت
ابراهيم الشملان
@abuasaac891

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الحب من الفراغ لا يثمر إلا فراغا , والضيق الذي تحمله في صدرك ولا تعرف ما سببه سأفسره لك الان فهل أنت مستعد لعلاج هذه الظاهرة ؟؟ لابد أن نربط بين الجسد والروح لأسباب عديدة ومنها :أن هذا الجسد بدون روح لا فائدة منه وإن كان سليما صحيحا وأن هذه الروح مع الغموض الذي يعتريها هي شيء مهمل من قبل البشر وبهذا الاهمال كانت المصيبة العظيمة
فالجسد له غذاء ويحرص البشر على تغذيته حق التغذية وينسون غذاء الروح , لا تستغرب من كلامي لو قلت لك أن الملوك وهم ملوك قد اهملوا ارواحهم فباتت جائعة تنتظر من يغذيها .

الماضي الكئيب :

عندما اتذكر الماضي أشعر بالحزن والضيق لدرجة أني اكره نفسي وأتمنى الموت لي ولكل من كان سببا في حزني ..
لا شك أن موقع العقل في القلب فبالقلب نعقل وهو الارتباط الأعظم ففي سور الحج (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (46)) فدعاهم الله ان يسيروا في الأرض ويتفكرون بماضيها وحاضرها وما حوته من الأمم ودعاهم ليتفكروا في أخطاء الأمم السابقة وأسباب هلاكهم .
ولاحظ أخي ( الحزين ) أنه لم يقل لهم ارجعوا للماضي وابكوا واضربوا رؤوسكم واحزنوا على ما فات بل حثهم على التفكر بأمم سابقة وما حدث لهم وما هي أسباب هلاكهم وحزنهم .
ومنه فإني لا أقول لأحد انسَ الماضي ولا تذكره , بل لابد من تذكر الماضي ولكن ( للعبرة والعظة ) وليس ( للحزن والكآبة ) .

إن الماضي إذا لم يتم تنظيفه بين الحين والآخر سيجلب لنا الأمراض وفي هذه الحياة ::

 كم مرة عانيت من خيانة من تحبه ....
• • كم مرة قال عنك الناس أنك فاشل لن تنجح أبدا ...
• • كم مرة عانيت من الفقر والافلاس حتى تمنيت الغنى وبكيت بكاء الثكالى .
• • هل نظرت إلى الإغنياء فقلت في نفسك لماذا هم أغنياء وانا فقير؟
• • كم مرة بكيت من ألم ما قد أصابك وأحسست أنك لو مت لكان خيرا لك ؟؟

هذه الهموم والأحزان لن تنقضي بمجرد البكاء أو النحيب فتخيل معي هذه القصة :

قانون العنكبوت :

أحد الأطفال وفي غرفته قد لعب حتى أصابه الملل فأراد أن يتسلى بشيء ما , نظر من حوله فلم يجد إلى عنكبوتا قد بنى بيته في إحدى الزوايا فابتسم الطفل ابتسامة الماكر وفكر في تخريب بيت العنكبوت , وبالفعل قد خرّبه وهرب العنكبوت , بعد أيام عاد العنكبوت ليبني بيته فجاء الطفل وخرّب بيته مرة أخرى , وما زال الطفل يخرّب بيت العنكبوت وكان بالمقابل أن العنكبوت لا يزال يبني بيته بحب وسعادة , في هذه القصة قانون عجيب من قوانين الحياة لا أظن أن رجلا له عقل عادي لم يفهم هذا القانون .
إن قانون العنكبوت ( أستمر في بناء بيتي حتى لو هدموه ألف مرّة ) بل إن مزايا القانون أن يبني بيته بكل سعادة , لا تجد عنكبوتا بعد هدم بيته يجلس في إحدى الزوايا ويبكي ويقول أنا فاشل . أنا حظي سيئ كما يفعله بعض الناس اليوم .
كن عنكبوتا في حياتك , لا تفكر بمن خانك ولا تكترث لآلام الحياة ذكرني هذا بأحد المحاضرين قد سمعته يقول لجمهوره :
أتريد ان تنجز أعمالك وتنتهي منها ؟ عليك أن تعمل بدون توقف .
كانت الاجابة جميلة جدا بل هي اجابة عنكبوتية تابعة لقانون العنكبوت .

المعجزة تتحقق :

ظن بعض الناس أن المعجزات قد انتهت , ألم يخترعوا المصباح والكهرباء والسيارات والطائرات والهواتف , إن هذه في الحقيقة معجزات لكنها في بداية الأمر هكذا كانت أما الان فقد ولد أناس بعد تلك الاختراعات فلم ننتبه على أنها معجزات , هذه الكلمات وأنت تقرأها لقد مرت بالكثير من المراحل فبعد أن جمعت الأفكار وكتبتها ونقلتها إلى الحاسوب وأرسلتها إلى المطابع فرتبوها ونسخوها وأخرجوها على الأوراق وهذه الأوراق فقد مرت بمراحل كثيرة من استخراج المادة وعجنها وصناعتها وقصها وقطعها حتى صارت أوراقا صالحة للكتابة عليها .

قد تسألني ولماذا أذكر هذا ؟ 

كل ما أريد قوله أن الأفكار إذا صادفت عقلا لا ييأس صارت واقعا فهذا الذي اخترع المصباح كان يفكر بالمصباح كثيرا ورغم المحاولات الفاشلة لم يحزن أو ييأس . وأما سبب ذكري لعملية صنع الأوراق وطباعة الكتاب كان السبب فقط لأجل ان أحرك عقلك لتتفكر بكل جزء في الحياة وتسأل نفسك : كيف حصل هذا وكيف صنع هذا وكيف عمل هذا ؟
أخي الحزين سأناديك حزينا حتى تنتهي من قراءة كتابي هذا فإن زال عنك الحزن فعليك مسح كلمة حزين من هذا الكتاب .
(( المعجزات تتحقق إذا صادفت عقلا يستمر بالعمل ولا ييأس ))


ابراهيم الشملان 

عيش محمد صلى الله عليه وسلم

الحمد لله ربِّ العالمين، والصَّلاة والسَّلام على النَّبيِّ الأمين، وعلى آله الطَّيِّبين المنتَجَبين. أمَّا بعد:
غير خافٍ على ذي عينين ما آل إليه حال النَّاس من الفتنة بالدُّنيا، والهلكة في طلبها، والغفلة عن طلب الآخرة، والسَّعي لها سعيها.

ومن أراد التَّخلص من هذه الفتنة العمياء، والمحنة، النَّكراء؛ ليزكوا قلبه، وتشرق نفسه، فلينظر إلى معيشة النَّبيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- وهديه في التَّعامل مع المال، وتدبير أمور الحياة.

لقد علم النّبيُّ -صلّى الله عليه وسلّم- حقيقة الدُّنيا، فجعلها معبرًا للآخرة، وعاش فيها عَيْش الغريب وابن السَّبيل الَّذي هو في سيرٍ دائمٍ وسفرٍ متواصلٍ، لا يقرُّ له قرارٌ، ولا يستريح له بالٌ، حتَّى يصل إلى وطنه الحقيقي، في بلاد الأفراح، حيث الأنهار والجنان، والحور الحسان، وربٍّ راضٍ غير غضبانٍ.

إنَّه -صلَّى الله عليه وسلَّم- أعظم إنسانٍ عرف حقيقة الوجود، فماتت أغراضه، وسكنت اعتراضاته، فآثر في الدُّنيا عيش المساكين، يجوع يومًا فيصبر، ويشبع يومًا فيشكر.

فتح الله عليه الفتوح، وأجرى بين يديه كنوز الذَّهب والفضة، فأنفقها كلَّها في سبيل الله، ولم يجعل لنفسه منها شيئًا، بل ظلَّ على حاله من الرِّضى بالقليل، والقناعة باليسير حتَّى اختاره الله -تعالى- إلى جواره.

كان -صلَّى الله عليه وسلَّم- يعرف خطورة الفتنة بالدُّنيا فيقول: «اللهمَّ لا عيش الا عيش الآخرة» [متفقٌ عليه]. ولذلك فقد جعل الآخرة همَّه، وفرَّغ قلبه عن هموم الدُّنيا، فأتته الدُّنيا تركض، فكان يتحاشاها ويقول: «مالي وللدُّنيا» [صحَّحه الألباني 3283 في صحيح التَّرغيب].

وخاف النَّبيُّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- على أمته بسطة الدُّنيا فقال: «فوالله لا الفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى عليكم أن تبسط عليكم الدُّنيا، كما بسطت على من كان قبلكم، فتنافسوها كما تنافسوها، وتهلككم كما أهلكتهم» [متفقٌ عليه].

وبيَّن -عليه الصَّلاة والسَّلام- لأمَّته حقارة الدُّنيا فقال: «والله! ما الدُّنيا في الآخرة إلا مثل ما يجعل أحدكم إصبعه هذه -وأشار يحيى بالسَّبابة- في اليم. فلينظر بم يرجع؟» [رواه مسلم 2858].

ودخل -عليه الصلَّاة والسَّلام- السَّوق والنَّاس عل جانبيه فمر بجدي أسك -صغير الأذن- ميت، فتناوله، فأخذ بأذنه ثمَّ قال: «أيكم يحب أن هذا له بدرهم؟ فقالوا: ما نحبّ أنَّه لنا بشيءٍ. وما نصنع به؟ قال: أتحبون أنَّه لكم؟ قالوا: والله! لو كان حيًّا، كان عيبًا فيه، لأنَّه أسك. فكيف وهو ميت؟ فقال "فوالله! للدُّنيا أهون على الله، من هذا عليكم» [رواه مسلم 2957].

تلك نظرة النَّبيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- إلى الدُّنيا نظرةٌ ترتقي بالنَّفس الإنسانيَّة فوق حجب الشَّهوات الحسيَّة فتشرق بأنوار الهداية وتزكو بالتَّفرغ للعبادة والخدمة، وإذا نظرنا في واقع معيشة النَّبيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- علمنا أنَّه قد طبق تلك النَّظرة وعاشها واقعًا ملموسًا على الأرض.
قال عمرو بن الحارث أخو جويرية زوج النَّبيَّ -صلَّى الله عليه وسلَّم-: «ما ترك رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- عند موته درهمًا ولا دينارًا ولا عبدًا ولا أمة ولا شيئًا إلا بغلته البيضاء، وسلاحه، وأرضًا جعلها صدقةً» [رواه البخاري 2739].

وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: «توفي رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- وما في بيتي من شيءٍ يأكله ذو كبد، إلا شطر من شعير في رف لي، فأكلت منه حتَّى طال علي، فكلته ففني» [متفقٌ عليه]. قال التِّرمذي: "«شطر شعير» أي شيء من شعير".

وذكر عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- ما أصاب النَّاس من الدُّنيا فقال: «لقد رأيت رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم يظلّ اليوم يلتوي، ما يجد دقلًا يملأ به بطنه» [رواه مسلم 2978].
والدَّقل: هو رديء التَّمر.

فراشه -صلَّى الله عليه وسلَّم-

قالت عائشة -رضي الله عنها-: «كان فراش رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- من أدم -الجلد- وحشوه من ليف» [رواه البخاري 6456].
نام -صلَّى الله عليه وسلَّم- على حصيرٍ، فأثر في جنبه، فرآه ابن مسعود، فقال له: يا رسول الله! ألا آذنتنا، فنبسط تحتك ألين منه؟ فقال له -صلَّى الله عليه وسلَّم-: «ما لي وللدُّنيا وما أنا والدُّنيا إنَّما مثلي ومثل الدُّنيا كراكبٍ ظل تحت شجرة ثمَّ راح وتركها»[رواه أحمد 5/264، والألباني 438 في السِّلسلة الصَّحيحة وقال: حسنٌ صحيح].

قال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: «دخلت على رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- وهو على حصير، قال: فجلست فإذا عليه إزار وليس عليه غيره وإذا الحصير قد أثر في جنبه، وإذا أنا بقبضة من شعير نحو الصَّاع وقرظ في ناحية في الغرفة وإذا إهاب معلق فابتدرت عيناي، فقال: «ما يبكيك يا ابن الخطاب؟»، فقلت: يا نبيَّ الله ومالي لا أبكي وهذا الحصير قد أثر في جنبك وهذه خزانتك لا أرى فيها إلا ما أرى وذلك كسرى وقيصر في الثَّمار والأنهار وأنت نبيَّ الله وصفوته وهذه خزانتك، قال: «يا ابن الخطاب ألا ترضى أن تكون لنا الآخرة ولهم الدنيا قلت بلى» [رواه ابن ماجه 3367 وحسَّنه الألباني].

لقد ضرب النَّبيُّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- المثل بنفسه، فكان يهرب هبات الملوك، ويعطي عطاء الواثق بربِّه، الَّذي لا يخشى الفقر، ثمَّ يرجع إلى داره، فإذا فراشه الحصير وطعامه خبز الشَّعير لم يقل -صلَّى الله عليه وسلَّم-: إنَّ الإمام ينبغي أن تكون له هيئة بين النَّاس وأبهة، حتَّى يعظم شأنه وتزداد هيبته، بل قال -عليه الصَّلاة والسَّلام-: «اللهمَّ! اجعل رزق آل محمَّدٍ قوتًا» [متفقٌ عليه].
والقوت هو ما يكف عن المسألة، ويقيم البدن دون الزَّيادة على ذلك.

ما جاء في ادِّخال النَّبيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم-

قال أنس -رضي الله عنه-: «كان النَّبيُّ -صلَّى الله عليه وسلَّم لا يدخر شيئًا لغدٍ» [رواه التِّرمذي 2362 وصحَّحه الألباني].

وأمَّا ما جاء في الصَّحيحين من حديث عمر -رضي الله عنه- أنَّ النَّبيَّ -صلَّى الله عليه وسلَّم-: «كان يبيع نخل بني النَّضير، ويحبس لأهله قوت سنتهم» [رواه البخاري 5357] فهذا حقُّ أهله في النَّفقة، وكان -صلَّى الله عليه وسلَّم أعدل النَّاس، وهو القائل -عليه الصَّلاة والسَّلام-: «كفى بالمرء إثمًا أن يضيع من يقوت» [رواه أبو داود 1692 وحسَّنه الألباني].
والقائل: «كفى بالمرء إثمًا أن يحبس عمَّن يملك قوته» [رواه مسلم 996].

ولكنَّ الدَّلائل تدلُّ على أنَّ النَّبيَّ -صلّى الله عليه وسلَّم- وأهل بيته كانوا ينفقون هذا القوت في سبيل الله ولا يدخروا منه شيئًا.

قال ابن حجر: "ومع كونه -صلَّى الله عليه وسلَّم- كان يحتبس قوته سنة لعياله، فكان في طول السَّنة ربما استجرّه منهم لمن يردُ عليه ويعوضهم عنه، ولذلك مات -عليه الصَّلاة والسَّلام- ودرعه مرهونةٌ على شعيرٍ اقترضه قوتًا لأهله" (فتح: 9\414).

وممَّا يدلُّ على ذلك: حديث أبي هريرة قال: «جاء رجل إلى رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: إنِّي مجهود، فأرسل إلى بعض نسائه، فقالت: والَّذي بعثك بالحقِّ! ما عندي إلا ماء. ثمَّ أرسل إلى أخرى. فقالت مثل ذلك. حتى قلن كلهنَّ مثل ذلك: لا. والَّذي بعثك بالحقِّ! ما عندي إلا ماء» [رواه مسلم 2054].

فهذه بيوت أزواج النَّبيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- كلُّها لا يوجد فيها طعامٌ لرجلٍ واحدٍ، ممَّا يدلُّ على أنَّ هذا القوت الَّذي كان يدخره -عليه الصَّلاة والسَّلام- لأهله، كان ينفق أيضًا في سبيل الله، وبذلك تأتلف الأدلَّة ولا تتعارض، قال النَّووي: "هذا الحديث مشتملٌ على فوائدَ كثيرةٍ منها: ما كان عليه النَّبيَّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- وأهل بيته من الزُّهد في الدُّنيا، والصَّبر على الجوع وضيق حال الدُّنيا" (شرح مسلم: 13/240).

طعام النَّبيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم-

كان النَّبيُّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- هينَ المؤونة، وكان يأكل من الطَّعام ما حضر فلا يرد موجودًا، ولا يتكلف مفقودًا، وكان يأكل اللحم والإدام والخبز وغير أنَّ أغلب حاله -عليه الصَّلاة والسَّلام- الزّهد وعدم الشَّبع؛ لأنَّه -عليه الصَّلاة والسَّلام- كان ينفق ماله كلَّه في سبيل الله، حتَّى أنَّه -صلَّى الله عليه وسلَّم- كان أجود بالخير من الرِّيح المرسلة ولذلك كان كثيرًا ما يبقى بلا مالٍ ولا طعامٍ ولا شيءٍ.
تراه إذا ما جئته متهللًا***كأنك تعطيه الَّذي أنت سائله
ولو لم يكن في كفِّه غير نفسه***لجاد بها فيتق الله سائله


عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: «ما شبع آل محمَّدٍ -صلَّى الله عليه وسلَّم- من خبز شعير يومين متتابعين حتَّى قُبض رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-» [متفقٌ عليه].
وعن عروة عن عائشة -رضي الله عنها- أنَّها كانت تقول: "والله يا ابن أختي إن كنا لننظر إلى الهلال، ثمَّ الهلال ثمَّ الهلال، ثلاثة أهلة في شهرين، وما أوقد في أبيات رسول الله -عليه الصَّلاة والسَّلام- نار!"
قال عروة: يا خالة! فما كان يعيشكم؟
قالت: الأسودان: التَّمر والماء. إلا أنَّه قد كان لرسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- جيران من الأنصار وكانت لهم منائح وكانوا يرسلون إلى رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- فيسقينا!

فهذا رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-، سيِّد الأولين والآخرين، الَّذي أبى أن تحول له جبال مكة ذهبًا، ليكن عبدًا رسولًا؛ لا يوجد في بيته شربة لبن، حتَّى يهديها له بعض جيرانه من الأنصار فيسقي أهله منها! رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- كما قال عنه أنس: «لم يأكل النَّبيُّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- على خوان حتَّى مات، وما أكل خبزا مرققًا حتَّى مات» [رواه البخاري 6450].
رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- لم ير الخبز الأبيض حتَّى مات.

فقد قال سهل بن سعد -رضي الله عنه-: «ما رأى رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-النّقي من حين ابتعثه الله -تعالى- حتَّى قبضه".
فقيل له: هل كان لكم في عهد رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- مناخل؟ قال: ما رأى رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- منخلًا من حين ابتعثه الله -تعالى- حتَّى قبضه. فقيل له: كيف كنتم تأكلون الشَّعير غير منخول؟ قال: كنا نطحنه وننفخه، فيطير ما طار، وما بقي ثريناه -بللناه وعجناه-»
 [رواه البخاري 5413].

وعن أنس -رضي الله عنه- قال: ولقد رهن النَّبيُّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- درعه بشعيرٍ، ومشيت إلى النَّبيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- بخبز شعير وإهالة سنحة -شحم متغير الرَّائحة- ولقد سمعته يقول: «ما أصبح لآل محمَّدٍ -صلَّى الله عليه وسلَّم- إلا صاع ولا أمسى» وإنَّهم لتسعة أبيات [رواه البخاري].

وعن عتبة بن غزوان -رضي الله عنه- قال: «لقد رأيتني سابع سبعة مع رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- ما طعامنا إلا ورق الحبلة -ثمر السّمر- حتَّى قَرِحت -تجرحت أفواهنا- أشداقنا» [رواه مسلم].

وعن جابر -رضي الله عنه- أنَّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- سأل أهله الإدام. فقالوا: ما عندنا إلا الخل. فدعا به، فجعل يأكل ويقول: «فإنَّ الخل نعم الأدم» [رواه مسلم 2052] قال جابر: فما زلت أحب الخل منذ سمعتها من نبي الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-.

جوع النَّبيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم-

عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: خرج رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- ذات يومٍ أو ليلةٍ، فإذا هو بأبي بكر وعمر -رضي الله عنهما- فقال: «ما أخرجكما من بيوتكما هذه السَّاعة؟ قالا: الجوع، يا رسول الله! قال: وأنا، والَّذي نفسي بيده! لأخرجني الَّذي أخرجكما. قوموا، فقاموا معه، فأتى رجلًا من الأنصار، فإذا هو ليس في بيته، فلمَّا رأته المرأة قالت: مرحبًا! وأهلًا! فقال لها رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: أين فلان؟ قالت: ذهب يستعذب لنا من الماء، إذ جاء الأنصاري فنظر إلى رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- وصاحبيه. ثمَّ قال: الحمد لله. ما أحد اليوم أكرم أضيافا منِّي. قال فانطلق فجاءهم بعذق فيه بسر وتمر ورطب. فقال: كلوا من هذه، وأخذ المدية، فقال له رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: إيَّاك! والحلوب، فذبح لهم. فأكلوا من الشَّاة. ومن ذلك العذق، وشربوا، فلمَّا أن شبعوا ورووا، قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- لأبي بكر وعمر: والَّذي نفسي بيده! لتسألنَّ عن هذا النَّعيم يوم القيامة أخرجكم من بيوتكم الجوع ثمَّ لم ترجعوا حتَّى أصابكم هذا النَّعيم» [رواه مسلم 2038].

وعن أنس -رضي الله عنه- قال: قال أبو طالحة لأم سليم: لقد سمعت صوت رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم ضعيفًا، أعرف فيه الجوع، فهل عندك من شيء؟ فأخرجت أقراصًا من شعيرٍ، ثمَّ أخرجت خمارًا لها، فلفت الخبز ببعضه، ثمَّ دسته تحت ثوبي، وردتني ببعضه ثمَّ أرسلتني إلى رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-، قال: فذهبت به، فوجدت رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- في المسجد ومعه النَّاس، فقمت عليهم، فقال لي رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: «أرسلك أبو طلحة». فقلت: نعم، قال: «بطعامٍ». قال: فقلت: نعم، فقال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- لمن معه: «قوموا». فانطلق وانطلقت بين أيديهم، حتَّى جئت أبا طلحة، فقال أبو طلحة: يا أم سليم ، قد جاء رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم بالنَّاس، وليس عندنا من الطَّعام ما نطعمهم، فقالت: الله ورسوله أعلم، قال: فانطلق أبو طلحة حتَّى لقي رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-، فأقبل أبو طلحة ورسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- حتَّى دخلا، فقال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: «هلمي يا أم سليم، ما عندك». فأتت بذلك الخبز، فأمر به ففت، وعصرت أم سليم عكة لها فأدمته، ثمَّ قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شاء الله أن يقول ، ثم قال : «ائذن لعشرة». فأذن لهم، فأكلوا حتَّى شبعوا، ثمَّ خرجوا، ثمَّ قال: «ائذن لعشرة». فأذن لهم فأكلوا حتَّى شبعوا ثمَّ خرجوا، ثمَّ قال: «ائذن لعشرة». فأذن لهم فأكلوا حتَّى شبعوا ثمَّ خرجوا، ثمَّ أذن لعشرة فأكل القوم كلهم وشبعوا، والقوم ثمانون رجلًا»[متفقٌ عليه].

-هكذا- أخي الكريم كانت معيشة النَّبيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- وأصحابه الكرام وهكذا وصل إلينا هذا الدِّين العظيم على جسور من التَّضحيات والآلام والدِّماء والأشواك، عبر بطونٍ خاويةٍ وقلوبٍ طاهرةٍ، ونفوسٍ مشرقةٍ، فقبيح بنا أن نضيع أمانة هذا الدِّين، أو نفرط في مسؤولية الدَّعوة والبلاغ؛ بالرُّكون إلى الدُّنيا، والانغماس في شهواتها وملذاتها، والغفلة عن هدي النَّبيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- في ترك التَّعلق بالدُّنيا وجعلها مزرعة للآخرة. فهذا -والله- من أعظم أسباب ضعف الأمَّة وتخلِّفها وتسلُّط الأعداء عليها كما قال النَّبيُّ -صلَّى الله عليه وسلَّم-: «يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها». فقال قائل: ومن قلة نحن يومئذ؟ قال: «بل أنتم يومئذٍ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السَّيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن الله في قلوبكم الوهن». فقال قائلٌ: يا رسول الله! وما الوهن؟ قال: حب الدُّنيا وكراهية الموت» [رواه أبو داود وصححه الألباني].


خالد أبو صالح
دار الوطن

وصيتي الشرعية



بسم الله... والحمد لله والصَّلاة والسَّلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه... وبعد:

وصيَّتي الشّرعيَّة


قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «ما حقُّ امرئٍ مسلمٍ، له شيءٌ يُوصي فيه، يَبِيتُ ليلتين إلَّا ووصِيَّتُهُ مكتوبةً عنده» [رواه البخاري 2738].

قال الله -تعالى-: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} [آل عمران: 185].

(هذه الوصيَّة مأخوذة من كتاب (كلُّ من عليها فان\الدّكتور عمر الشَّايجي\ بتصرف. جزاه الله خيرً)).

أيُّها المسلمون:


كثر في زمننا الحاضر موت الفجأة:

بالسَّكتات القلبيَّة... أوِ الجلطات الدِّماغيَّة... أوِ الذَّبحة الصَّدريَّة... أو ارتفاع ضغط الدَّم أو السُّكر أوِ انخفاضهما... وهذا من علامات السَّاعة الّتي أخبر عنها النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-؛ قال -صلّى الله عليه وسلّم: «من اقتراب السَّاعة...... وأن يظهر موت الفجاة» [حسَّنه الألباني 5899 في صحيح الجامع].

فحري بنا أيُّها الأحبَّة أن نعمل بسنَّة النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-... وأن لا ينام أحدنا إلا وهو جاعلٌ وصيَّته عند رأسه...

فكتابة الوصيَّة لا تُقرِّبُ الأجل... كما أنَّ عدم كتابتها لا تُبعده.

أولًا: ما هي الوصِيَّة؟؟

والوصِيَّة هي: ما يوصي به الرَّجل أو المرأة أهله بعد موته من:

1- سداد دين.
2- أو دفع صدقة.
3- أو أن يطلب بأن يقوم بغسله فلان.
4- أو أن يصلِّي عليه فلان... الخ.

ملاحظة:

لا يشترط لكتابة الوصية أن يكون الموصي مالكاً لشيءٍ من المال يتصدَّق منه... فله أن يوصي بوجوه أُخرى من الخير مثل: الدُّعاء... الاستغفار له... مسامحته... وغيرها.

ثانيًا: ما هي أهمية الوصيَّة...؟؟

أهمية الوصيَّة: قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: «ما حقُّ امرئٍ مسلمٍ، له شيءٌ يُوصي فيه، يَبِيتُ ليلتين إلَّا ووصِيَّتُهُ مكتوبةً عنده» [رواه البخاري 2738].

قال عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-: "ما مرت علي ليلة منذ سمعت رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال ذلك، إلا وعندي وصيتي" [رواه مسلم 1627].

فائدة:

عندما مات النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-... كان عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- لم يتجاوز الواحد والعشرين عامًا...!!
فلينتبه الشَّباب والفتيات الّذين يحسبون أن الوصيَّة لا تكتب إلا عند الشَّيخوخة... وليبادروا إلى كتاب وصاياهم.

***

ثالثًا: ماذا على الموصي في وصيَّته...؟

على الموصي تجنب الظُّلم في وصيته... ومن صوره:

1- تخصيص أحد الورثة بمالٍ أو عقارٍ....
2- جَعْلُ عَقارٍ وقفًا على أحد الورثة وعلى ذريَّتِه... دون باقي الورثة.
3- الوصيَّة بأكثر من الثُّلُث.
4- الوصيَّة بحرمان أحد الورثة (ميراث)... إلخ.

تنبيه:

الوصيَّة الّتي تُخالف شرع الله جل جلاله لا تُنفَّذ شرعًا... ولا يَجني الموصي من ورائها إلَّا الإثم... والخسران.... فاحذروا...

رابعًا: من مستحبات الوصيَّة:

يُستحبُّ تعجيل كتابة الوصيَّة... وأن يُشهِدَ عليها...

ملاحظة:

يجوز الزَّيادة عليها... أوِ النَّقصان منها... أو تغييرها (في أيِّ وقت شاء).

***

أخيرًا:

ينبغي فتح الوصيَّة بعد الموت مباشرةً -إن أمكن-، فلربما أوصى الميت بأشياءَ ينبغي فِعْلُها -قبل الدَّفن- وبالتَّالي يَفُوتُ بعضُ الوصيَّةِ بالتَّأخير.

هذه وصيَّتي الشّرعيَّة (نموذج مُقترح للوصيَّة):

بسم الله والحمد الله والصَّلاة والسَّلام على رسول الله وصحبه ومن والاه... وبعد:

قال عليه -صلّى الله عليه وسلّم-: «ما حقُّ امرئٍ مسلمٍ، له شيءٌ يُوصي فيه، يَبِيتُ ليلتين إلَّا ووصِيَّتُهُ مكتوبةً عنده» [رواه البخاري 2738].

هذا ما أوصي به:

أهلي... وورثتي من بعدي... (وجميع المسلمين) وأنا في حال الصَّحة... وتمام العقل:

أنا: ......................

1- أوصِيكُم بتقوى الله -عزّ وجلّ-.

2- والصَّبر عند موتي.

3- وأن تقولوا خيرًا.

4- وتُكْثِروا من الاستغفار... والدُّعاء لي بالرَّحمة... ودخول الجنَّة... والنَّجاة من النَّار...

5- وتُكْثِروا من قولكم: "إنّا لله وإنّا إليه راجعون"، "اللهمَّ أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيراً منها".

وأوصيكم:

1- بالإسراع في تجهيزي...

2- وإعلام قرابتي... وأصدقائي... وأهل الصَّلاح (وتكثيرهم)... ليكونَ لهُم أجر المشاركة في:

1- تجهيزي...
2- وغسلي...
3- وتكفيني... 
4- والصَّلاة عليَّ...
5- وتشييع جنازتي...
6- ودفني...
7- والاستغفار لي...

وأوصِيكُم:

بقضاءِ دَينِي قبل دفني -إن أمكن-... ولا تتهاونوا في أدائه... نظرًا لأهميته الّتي بيَّنها الّنبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- حينما قال:«نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه» [رواه التِّرمذي 1078 وابن ماجه 1972 وصحَّحه الألباني].

كما أُوصِيكُم:

بالإسراع في تنفيذ وصاياي...

ومُجملُ ما عليَّ من الدُّيون هي:

1- ..............................................
2- ..............................................
3- ..............................................
4- ..............................................
5- ..............................................
6- ..............................................
7- ..............................................
8- ..............................................
9- ..............................................
10- ..............................................

ومُجملُ مالي من المُستحَقَّات عند الآخرين هي:

1- ..............................................
2- ..............................................
3- ..............................................
4- ..............................................
5- ..............................................
6- ..............................................
7- ..............................................
8- ..............................................
9- ..............................................
10- ..............................................


11- وبعد قضاء ديوني أُوصِيكُم بأن يُتصدَّقَ بمبلغ، وقدره: .................. من مالي.

وأن تُنفَقَ هذه الصَّدقات على الوجه التَّالي:


1- ..............................................
2- ..............................................
3- ..............................................
4- ..............................................
5- ..............................................
6- ..............................................
7- ..............................................
8- ..............................................
9- ..............................................
10- ..............................................

وأوصي أيضًا بأنْ:


1- ..............................................
2- ..............................................
3- ..............................................
4- ..............................................
5- ..............................................
6- ..............................................
7- ..............................................
8- ..............................................
9- ..............................................
10- ..............................................

كما أُوصي:

أنْ يُقَسَّم مالي بين ورثتي:
تقسيمًا شرعيًّا كما أمر الله -عزّ وجلّ-

وأُعْلِمُكُم وأُشْهِدُكُم:
أنِّي قد سامحتُ كلّ إنسانٍ لي حقٌّ عليه...

وأرجو أن يسامحني:
كلُّ من يَعرِفُني ويَصْفَحَ عن حقِّه... (إن كان له عليَّ حقٌّ)....

وأُوصِيكُم -أيضًا-:

أن تعملوا بكل سُنَّة سَنَّها رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-:
عند الوفاة... وقبلها... وبعدها.

كما إني ابرأً إلى الله -عزّ وجلّ- من كل:
فعلٍ أو قَوْلٍ... يُخالِفُ الشَّرْعَ الحنيف...

وأخيراً.... أُوصِي:

أهلي... وأولادي... والمسلمين جميعًا... بآخر وصيَّةٍ أوصي بها الرّسول -صلّى الله عليه وسلّم- أُمَتَهُ...
فقد كان آخرُ كلامِ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم: «الصَّلاة الصَّلاة! اتقوا الله فيما ملكت أيمانكم» [رواه أبو داود 5156 وصحَّحه الألباني].

كانت هذه وصيَّتي...

وجزاكم الله خيرًا...

وصلّى الله وسلّم على نبيِّنا محمّدٍ وعلى آله وصحبه أجمعين.

سبحان ربّك ربّ العزة عمَّا يَصِفون...

وسلامٌ على المرسلين... والحمد لله ربّ العالمين.

ألا هل بلَّغت... اللهمَّ فاشهد

حُرِّرت: في يوم............ شهر............سنة............ هجرية...............

الموافق: يوم............ شهر............ سنة............ ميلادية................

المُوصِي: .................................................. ........................
التَّوقيع: .................................................. .........................

***

الوَصِيُّ: .................................................. ......................
التَّوقيع: .................................................. ......................

***
الشَّاهدُ الأولُ: .................................................. ...............
التَّوقيع: .................................................. ......................

***

الشَّاهدُ الثَّاني: .................................................. .................
التَّوقيع: .................................................. .......................


ملاحظة:

لا بأس أن تُسجَّل الوصيَّة عند الكاتب بالعدل حتى لا يتلاعب بها أحد... ويَضْمَن الموصي تنفيذ وصيَّته.

الوصيَّة الشّرعيَّة... أولى بالحفظ من:

الأموال.... والذَّهب.... والمستندات... ومن كلِّ شيءٍ.

لا تدع هذا المقال يقف عندك فلا تدري من ينتفع به بعدك
أرسله إلى أصدقائك في القائمة واحتسب الأجر ولا تنس: الدال على الخير كفاعله
مركز وذكر 

نموذج جاهز لطباعة للوصية الشرعية 
http://www.nourislamna.com/vb/t32057.html

المتابعون

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More

 
Free Web Hosting