صلاة الكسوف ، أحكام ومسائل


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
تمهيد
فبعد أيام قلائل (يوم الأربعاء بإذن الله تعالى) يأتي (في أجزاء كبيرة من الأرض) على النَّاس حدثٌ عظيمٌ ، وأمرٌ مهولٌ ، وهو "كسوف الشمس" ، وليس الأمر كما يظن كثيرٌ مِن النَّاس أنه حدثٌ فلكيٌّ ، أو منظرٌ طبيعيٌّ يتسلى النَّاس برؤيته ، والاستمتاع بمشاهدته!! ، كلا والله إن الأمر جِدُّ خطيرٌ ، وأصبح همُّ الناس ما قد يصيب أعينهم من النَّظر إلى الشمس في كسوفها ، وأصبح التحذير للنَّاس لما قد يسببه النظر من أمراض – وهذا لايُجزم به – وكأنَّه يجوز لهم في غير هذه الحالة النَّظر والاستمتاع!! ، ولقد غفل النَّاس عن أحكام هذه الصلاة، - وتسمَّى صلاة الآيات كما قال شيخ الإسلام في "النبوات" (ص 190) - ، ومعانيها ، ومسائلها ، وضاعت مع ما ضُيِّع مِن الفرائض الكثيرة.

الكسوف والخسوف مِن آيات الله
كثيرةٌ هي آيات الله عز وجل ، وهي مخلوقةٌ للتفكر والاعتبار ، لكن النَّاس عن هذا في غفلةٍ ، ومنه في بُعدٍ ، قال الله تعالى { وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ في السَّمواتِ وَالأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ }!!.
وقال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم " إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ" رواه البخاري (1044) و مسلم (901).

لا ارتباط بين الكسوف وموت أو حياة أحَدٍ من النَّاس
ويعتقد بعض النَّاس أنَّ الشمس تُكسف ، والقمر يُخسف لحياةِ أو موتِ أحدٍ مِن العظماء أو الزعماء ، وهو اعتقادٌ موروث مِن أهل الجاهلية ، قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم "إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ" متفق عليه – وهو تتمة الحديث السابق - ، وقد ظنَّ بعضهم ذلك أول الأمر لما كسفت الشمس يوم وفاة إبراهيم – ابن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم - ، فعَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ : "كَسَفَتْ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ مَاتَ إِبْرَاهِيمُ فَقَالَ النَّاس كَسَفَتْ الشَّمْسُ لِمَوْتِ إِبْرَاهِيمَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ" رواه البخاري (1043) ، ومسلم (915) ، وتامّاً -كرواية البخاري - (915) مِن حديث جابر.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - : وقوله لا تنكسفان لموت أحد ولا لحياته ردٌّ لما كان قد توهمه بعض النَّاس مِن أنَّ كسوف الشمس كان لأجل موت إبراهيم ابن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وكان قد مات وكسفت الشمس فتوهم بعض الجهَّال من المسلمين أنَّ الكسوف كان لأجل هذا فبين لهم النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أنَّ الكسوف لا يكون سببه موت أحدٌ مِن أهل الأرض ونفى بذلك أنْ يكون الكسوف معلولاً عن ذلك وظنوا أنَّ هذا مِن جنس اهتزاز العرش لموت سعد بن معاذ كما ثبت ذلك في الصحيح فنفى النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم ذلك وبيَّن أن ذلك مِن آيات الله التي يخوِّف بها عباده.أ.هـ "الرد على المنطقيين" (ص 271).

الكسوف والخسوف للتخويف لا للتسلية
وقد اعتاد النَّاس في كلِّ عامٍ في العالم كله تجهيز مناظيرهم ، واختيار أفضل الأماكن للسفر إليها لمشاهدة الكسوف أو الخسوف!! وهو مِن تغيير أحكام الشرع ، ومِن مخالفة السبب الذي أوجد الله له هذه الآيات : وهو تخويف عباده ‍‍‍، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ وَلَكِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُخَوِّفُ بِهَا عِبَادَهُ " رواه البخاري (1048) .

و لا يمنع أن يكون ذلك معروفا بالحساب ، قال ابن دقيق العيد : ربما يعتقد بعضهم أن الذي يذكره أهل الحساب ينافي قوله صلى الله عليه وسلم " يخوف الله بهما عباده " وليس بشيءٍ لأنَّ لله أفعالاً على حسب العادة ، وأفعالاً خارجةً عن ذلك ، وقدرتُه حاكمةٌ على كلِّ سببٍ ، فله أن يقتطع ما يشاء مِن الأسباب والمسببات بعضها عن بعضٍ ، وإذا ثبت ذلك فالعلماء بالله لقوة اعتقادهم في عموم قدرته على خرق العادة وأنه يفعل ما يشاء إذا وقع شيءٌ غريبٌ حدث عندهم الخوف لقوة ذلك الاعتقاد ، وذلك لا يمنع أن يكون هناك أسبابٌ تجري عليها العادة إلى أن يشاء الله خرقها ؛ وحاصله : أنَّ الذي يذكره أهل الحساب إن كان حقّاً في نفس الأمر لا ينافي كون ذلك مخوفاً لعباد الله تعالى .أ.هـ " فتح الباري " (2/683) .

وعلَّق على كلام ابن دقيق العيد الشيخُ عبد العزيز بن باز رحمه الله ، فقال : ما قاله ابن دقيق العيد هنا تحقيقٌ جيِّدٌ ، وقد ذكر كثيرٌ مِن المحققين – كشيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم – ما يوافق ذلك ، وأنَّ الله سبحانه قد أجرى العادة بخسوف الشمس والقمر لأسبابٍ معلومةٍ يعقلها أهل الحساب ، والواقع شاهدٌ بذلك ولكن لا يلزم مِن ذلك أن يصيبَ أهلُ الحساب في كلِّ ما يقولون ، بل قد يخطؤون في حسابِهم ، فلا ينبغي أن يُصدَّقوا ولا أن يُكذَّبوا ، والتخويف بذلك حاصل على كل تقديرٍ لمن يؤمن بالله واليوم الآخر . والله أعلم . أ.هـ هامش " فتح الباري" – الموضع السابق - .

وقال شيخ الإسلام – رحمه الله - : والتخويف إنما يكون بما يكون سببا للشر قال تعالى {وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلاَّ تَخْوِيفًا} فلو كان الكسوف وجوده كعدمه بالنسبة إلى الحوادث لم يكن سبباً لشرٍّ وهو خلاف نص الرسول.

وأيضاً : في السير أن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم نظر إلى القمر وقال لعائشة : "يا عائشة تعوذي بالله مِن شرِّ هذا فإنَّ هذا هو الغاسق إذا وقب" - رواه الترمذي (3366) وصححه ، وأحمد (23802) -، والاستعاذة إنما تكون مما يحدث عنه شرٌّ.

وأمر صلى الله عليه وسلم عند انعقاد أسباب الشرِّ بما يدفع موجبها بمشيئة الله تعالى وقدرته مِن الصلاة ، والدعاء ، والذكر ، والاستغفار ، والتوبة ، والإحسان بالصدقة ، والعتاقة ، فإنَّ هذه الأعمال الصالحة تعارض الشرَّ الذي انعقد سببه …. ، وهذا كما لو جاء عدو فإنَّه يُدفع بالدعاء وفعل الخير وبالجهاد له وإذا هجم البرد يدفع باتخاذ الدفء فكذلك الأعمال الصالحة والدعاء ، وهذا ما اتفق عليه الملل . أ.هـ "الرد على المنطقيين" (ص 271-272).

ما ينبغي فعله وقت الكسوف والخسوف

( 1 ) الصلاة
والأظهر أنها واجبة ، لأمر النَّبيِّ صلى الله علي وسلم بها – كما سيأتي -.
عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ كَانَ يُخْبِرُ عَنْ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ وَلَكِنَّهُمَا آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ فَإِذَا رَأَيْتُمُوهَا فَصَلُّوا" رواه البخاري (1402) ومسلم (914).

= وسيأتي – إن شاء الله – ذكر أحكامها.

( 2 ) الصدقة

عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ : خَسَفَتْ الشَّمْسُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّاس فَقَامَ فَأَطَالَ الْقِيَامَ …. ثُمَّ قَالَ : "إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ … وَصَلُّوا وَتَصَدَّقُوا" رواه البخاري (1044) ومسلم (901) .

( 3 ) الدعاء
عن الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ قال: انْكَسَفَتْ الشَّمْسُ يَوْمَ مَاتَ إِبْرَاهِيمُ فَقَالَ النَّاس انْكَسَفَتْ لِمَوْتِ إِبْرَاهِيمَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فَادْعُوا اللَّهَ وَصَلُّوا حَتَّى يَنْجَلِيَ" . رواه البخاري (1061) ومسلم (915).

( 4 ) ذكر الله والاستغفار
عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ خَسَفَتْ الشَّمْسُ فَقَامَ النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَزِعًا يَخْشَى أَنْ تَكُونَ السَّاعَةُ فَأَتَى الْمَسْجِدَ فَصَلَّى بِأَطْوَلِ قِيَامٍ وَرُكُوعٍ وَسُجُودٍ رَأَيْتُهُ قَطُّ يَفْعَلُهُ وَقَالَ هَذِهِ الْآيَاتُ الَّتِي يُرْسِلُ اللَّهُ لَا تَكُونُ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ وَلَكِنْ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ فَإِذَا رَأَيْتُمْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَافْزَعُوا إِلَى ذِكْرِهِ وَدُعَائِهِ وَاسْتِغْفَارِهِ" رواه البخاري (1059) ومسلم (912).

قال الحافظ ابن حجر : وفيه الندب إلى الاستغفار عند الكسوف وغيره لأنه مما يدفع به البلاء .أ. هـ "فتح الباري" (2/695).

( 5 ) العِتق
وإذا لم يكن في هذا الزمان رقابٌ تُعتق ، فيُعمل بالأولى وهو عتق النَّفس مِن الإثم ، ومِن النار ، والإنسان عبدٌ لربِّه فليسارع ليحرِّر نفسَه مِن عبوديَّة الهوى والشيطان ، ولعل هذه المناسبة أن تعيد العقول إلى أصحابها فيتخلوْن عن قتل الأبرياء ، وظلم الأتقياء ، وتلويث عرض الأنقياء ، وهضم حقوق الأخفياء .

عَنْ أَسْمَاءَ قَالَتْ : "لَقَدْ أَمَرَ النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْعَتَاقَةِ فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ" . رواه البخاري (1054) .

( 6 ) التعوذ بالله من عذاب القبر
عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ..فَسَأَلَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُعَذَّبُ النَّاس.. ثُمَّ رَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ غَدَاةٍ مَرْكَبًا فَخَسَفَتْ الشَّمْسُ فَرَجَعَ ضُحًى فَمَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ الْحُجَرِ ثُمَّ قَامَ يُصَلِّي وَقَامَ النَّاس وَرَاءَهُ فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلًا ….وَانْصَرَفَ فَقَالَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ ثُمَّ أَمَرَهُمْ أَنْ يَتَعَوَّذُوا مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ" .رواه البخاري (1050) ومسلم (903) - من غير الأمر بالتعوذ ، لكن فيه أنه كان يستعيذ بعده مِن عذاب القبر - .

= هذا ما تيسر ذكره مما يُفعل وقت الكسوف ، وأما الصلاة فيه فلها أحكامٌ كثيرة نوجزها فيما يأتي :

أ.عددها ركعتان
عَنْ أَبِي بَكْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : "انْكَسَفَتْ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ" .رواه البخاري (1062)

ب.القراءة فيها جهرية
وسواء كانت الصلاة في الليل أو في النهار.

عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : "جَهَرَ النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَلَاةِ الْخُسُوفِ بِقِرَاءَتِهِ" . رواه البخاري (1066) ومسلم (901).

ج. كيفيتها
وهي ركعتان ، في كل ركعة : قراءتان وركوعان وسجدتان .

عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : "جَهَرَ النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَلَاةِ الْخُسُوفِ بِقِرَاءَتِهِ فَإِذَا فَرَغَ مِنْ قِرَاءَتِهِ كَبَّرَ فَرَكَعَ وَإِذَا رَفَعَ مِنْ الرَّكْعَةِ قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ ثُمَّ يُعَاوِدُ الْقِرَاءَةَ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فِي رَكْعَتَيْنِ وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ" . متفق عليه – الموضع السابق - .

د. إطالة الصلاة
عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ : "خَسَفَتْ الشَّمْسُ فَقَامَ النَّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَزِعًا يَخْشَى أَنْ تَكُونَ السَّاعَةُ فَأَتَى الْمَسْجِدَ فَصَلَّى بِأَطْوَلِ قِيَامٍ وَرُكُوعٍ وَسُجُودٍ رَأَيْتُهُ قَطُّ يَفْعَلُهُ" . رواه البخاري (1059) ومسلم (912).

هـ. الركعة الأولى أطول مِن الثانية
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ يَهُودِيَّةً …. فَكَسَفَتْ الشَّمْسُ فَرَجَعَ ضُحًى فَمَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ الْحُجَرِ ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى وَقَامَ النَّاس وَرَاءَهُ فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلًا ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا ثُمَّ رَفَعَ فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلًا وَهُوَ دُونَ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ ثُمَّ رَفَعَ فَسَجَدَ سُجُودًا طَوِيلًا ثُمَّ قَامَ فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلًا وَهُوَ دُونَ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ ثُمَّ قَامَ قِيَامًا طَوِيلًا وَهُوَ دُونَ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ ثُمَّ سَجَدَ وَهُوَ دُونَ السُّجُودِ الْأَوَّلِ ثُمَّ انْصَرَفَ" . متفق عليه – وقد سبق قريباً -.

ز. ينادى لها "الصلاة جامعة" بلا أذان ولا إقامة
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّهُ قَالَ : "لَمَّا كَسَفَتْ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نُودِيَ إِنَّ الصَّلَاةَ جَامِعَةٌ فَرَكَعَ النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَكْعَتَيْنِ فِي سَجْدَةٍ ثُمَّ قَامَ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ فِي سَجْدَةٍ ثُمَّ جَلَسَ ثُمَّ جُلِّيَ عَنْ الشَّمْسِ قَالَ وَقَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا مَا سَجَدْتُ سُجُودًا قَطُّ كَانَ أَطْوَلَ مِنْهَا". رواه البخاري (1051) ومسلم (910).
قلت : ومعنى " سجدة " : ركعة .
= وعَنْ عَائِشَةَ أَنَّ الشَّمْسَ خَسَفَتْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَعَثَ مُنَادِيًا الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ فَاجْتَمَعُوا وَتَقَدَّمَ فَكَبَّرَ وَصَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ فِي رَكْعَتَيْنِ وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ" . رواه مسلم (901).

ح. صلاة الكسوف جماعة في المسجد
= وفيه بعض الأحاديث السابقة – ولا مانع مِن أن يصلِّيها الناس في بيوتهم فرادى ، وإن كان الأولى أن تكون في المسجد وجماعة - ، وأيضاً : عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ خَسَفَتْ الشَّمْسُ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ فَصَفَّ النَّاسُ وَرَاءَهُ فَكَبَّرَ فَاقْتَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِرَاءَةً طَوِيلَةً …". رواه البخاري (1046).

قلت : وهذا لا يتعارض مع الندب لأداء النوافل في البيت ، فإن هذه الصلاة مما تشرع فيه الجماعة ، فصار أداؤها في المسجد خير من أدائها في البيت .
قال شيخ الإسلام – رحمه الله - : وأما قوله – أي: النبي صلى الله عليه وسلم – "أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة" فالمراد بذلك ما لم تشرع له الجماعة ؛ وأمَّا ما شرعت له الجماعة كصلاة الكسوف فَفِعْلُها في المسجد أفضل بسنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم المتواترة واتفاق العلماء .أ.هـ "منهاج السنَّة النَّبوية" (8/309).

ط. صلاة النساء في المسجد
ويسنُّ حضور النساء إلى المساجد لأداء الصلاة ، ويجب التخلي عن الطيب والزينة في كل خروجٍ لَهُنَّ ، ويتأكد الأمر ها هنا لما فيه من الفزع والتخويف بهذه الآية .

عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهَا قَالَتْ أَتَيْتُ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ خَسَفَتْ الشَّمْسُ فَإِذَا النَّاس قِيَامٌ يُصَلُّونَ وَإِذَا هِيَ قَائِمَةٌ تُصَلِّي فَقُلْتُ مَا لِلنَّاسِ فَأَشَارَتْ بِيَدِهَا إِلَى السَّمَاءِ وَقَالَتْ سُبْحَانَ اللَّهِ فَقُلْتُ آيَةٌ؟ فَأَشَارَتْ أَيْ نَعَمْ قَالَتْ فَقُمْتُ حَتَّى تَجَلَّانِي الْغَشْيُ فَجَعَلْتُ أَصُبُّ فَوْقَ رَأْسِي الْمَاءَ فَلَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ … " . رواه البخاري (1053) ومسلم (905).

ي. رفع اليدين في الدعاء
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ : بَيْنَمَا أَنَا أَرْمِي بِأَسْهُمِي فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ انْكَسَفَتْ الشَّمْسُ فَنَبَذْتُهُنَّ وَقُلْتُ لَأَنْظُرَنَّ إِلَى مَا يَحْدُثُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي انْكِسَافِ الشَّمْسِ الْيَوْمَ فَانْتَهَيْتُ إِلَيْهِ وَهُوَ رَافِعٌ يَدَيْهِ يَدْعُو وَيُكَبِّرُ وَيَحْمَدُ وَيُهَلِّلُ حَتَّى جُلِّيَ عَنْ الشَّمْسِ فَقَرَأَ سُورَتَيْنِ وَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ" . رواه مسلم (913).

ك. الخطبة بعد الصلاة
ويسنُّ الإمام بعد الصلاة أن يخطب بالنَّاس – والأصح أنَّها خطبة واحدة ، وهو مذهب الشافعي- ، يذكِّرهم باليوم الآخر ، ويرهِّبهم مِن الحشر والقيامة ، ويُعلِّمهم بحالهم في القبور وسؤال الملكين، وكلُّ هذا مِن هديه صلى الله عليه وسلم ، وإليكم نماذج مِن خُطَبِه صلى الله عليه وسلم :

= عَنْ أَسْمَاءَ قَالَتْ أَتَيْتُ عَائِشَةَ وَهِيَ تُصَلِّي فَقُلْتُ مَا شَأْنُ النَّاسِ فَأَشَارَتْ إِلَى السَّمَاءِ فَإِذَا النَّاسُ قِيَامٌ فَقَالَتْ سُبْحَانَ اللَّهِ قُلْتُ آيَةٌ؟ فَأَشَارَتْ بِرَأْسِهَا أَيْ نَعَمْ فَقُمْتُ حَتَّى تَجَلَّانِي الْغَشْيُ فَجَعَلْتُ أَصُبُّ عَلَى رَأْسِي الْمَاءَ فَحَمِدَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ : مَا مِنْ شَيْءٍ لَمْ أَكُنْ أُرِيتُهُ إِلَّا رَأَيْتُهُ فِي مَقَامِي حَتَّى الْجَنَّةُ وَالنَّارُ فَأُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّكُمْ تُفْتَنُونَ فِي قُبُورِكُمْ مِثْلَ أَوْ قَرِيبَ – لَا أَدْرِي أَيَّ ذَلِكَ قَالَتْ أَسْمَاءُ – مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ يُقَالُ مَا عِلْمُكَ بِهَذَا الرَّجُلِ فَأَمَّا الْمُؤْمِنُ أَوْ الْمُوقِنُ – لَا أَدْرِي بِأَيِّهِمَا قَالَتْ أَسْمَاءُ – فَيَقُولُ هُوَ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ جَاءَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى فَأَجَبْنَا وَاتَّبَعْنَا هُوَ مُحَمَّدٌ ثَلَاثًا فَيُقَالُ نَمْ صَالِحًا قَدْ عَلِمْنَا إِنْ كُنْتَ لَمُوقِنًا بِهِ ، وَأَمَّا الْمُنَافِقُ أَوْ الْمُرْتَابُ – لَا أَدْرِي أَيَّ ذَلِكَ قَالَتْ أَسْمَاء –ُ فَيَقُولُ لَا أَدْرِي سَمِعْتُ النَّاسَ يَقُولُونَ شَيْئًا فَقُلْتُهُ " رواه البخاري (86) ومسلم (905) _ ، وسبق موضعٌ آخر في البخاري .

= عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى صَلَاةَ الْكُسُوفِ فَقَامَ فَأَطَالَ الْقِيَامَ …. ثُمَّ انْصَرَفَ فَقَالَ : "قَدْ دَنَتْ مِنِّي الْجَنَّةُ حَتَّى لَوْ اجْتَرَأْتُ عَلَيْهَا لَجِئْتُكُمْ بِقِطَافٍ مِنْ قِطَافِهَا وَدَنَتْ مِنِّي النَّارُ حَتَّى قُلْتُ أَيْ رَبِّ وَأَنَا مَعَهُمْ فَإِذَا امْرَأَةٌ حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ تَخْدِشُهَا هِرَّةٌ قُلْتُ مَا شَأْنُ هَذِهِ قَالُوا حَبَسَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ جُوعًا لَا أَطْعَمَتْهَا وَلَا أَرْسَلَتْهَا تَأْكُلُ مِن خَشَاشِ الْأَرْضِ" . رواه البخاري (745).

= عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ خَسَفَتْ الشَّمْسُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّاسِ فَقَامَ فَأَطَالَ الْقِيَامَ …. ثُمَّ انْصَرَفَ وَقَدْ انْجَلَتْ الشَّمْسُ فَخَطَبَ النَّاسَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَادْعُوا اللَّهَ وَكَبِّرُوا وَصَلُّوا وَتَصَدَّقُوا ثُمَّ قَالَ يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ وَاللَّهِ مَا مِنْ أَحَدٍ أَغْيَرُ مِنْ اللَّهِ أَنْ يَزْنِيَ عَبْدُهُ أَوْ تَزْنِيَ أَمَتُهُ يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ وَاللَّهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلبَكَيْتُمْ كَثِيرًا" . رواه البخاري (1044) ومسلم (901).

= عَنْ جَابِرٍ قَالَ : انْكَسَفَتْ الشَّمْسُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ مَاتَ إِبْرَاهِيمُ ابْنُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ النَّاسُ إِنَّمَا انْكَسَفَتْ لِمَوْتِ إِبْرَاهِيمَ فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى بِالنَّاسِ … ثُمَّ تَأَخَّرَ وَتَأَخَّرَتْ الصُّفُوفُ خَلْفَهُ حَتَّى انْتَهَيْنَا - وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ حَتَّى انْتَهَى إِلَى النِّسَاءِ - ثُمَّ تَقَدَّمَ وَتَقَدَّمَ النَّاسُ مَعَهُ حَتَّى قَامَ فِي مَقَامِهِ فَانْصَرَفَ حِينَ انْصَرَفَ وَقَدْ آضَتْ الشَّمْسُ فَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَإِنَّهُمَا لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ مِنْ النَّاسِ وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لِمَوْتِ بَشَرٍ فَإِذَا رَأَيْتُمْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَصَلُّوا حَتَّى تَنْجَلِيَ مَا مِنْ شَيْءٍ تُوعَدُونَهُ إِلَّا قَدْ رَأَيْتُهُ فِي صَلَاتِي هَذِهِ لَقَدْ جِيءَ بِالنَّارِ وَذَلِكُمْ حِينَ رَأَيْتُمُونِي تَأَخَّرْتُ مَخَافَةَ أَنْ يُصِيبَنِي مِنْ لَفْحِهَا وَحَتَّى رَأَيْتُ فِيهَا صَاحِبَ الْمِحْجَنِ يَجُرُّ قُصْبَهُ فِي النَّارِ كَانَ يَسْرِقُ الْحَاجَّ بِمِحْجَنِهِ فَإِنْ فُطِنَ لَهُ قَالَ إِنَّمَا تَعَلَّقَ بِمِحْجَنِي وَإِنْ غُفِلَ عَنْهُ ذَهَبَ بِهِ وَحَتَّى رَأَيْتُ فِيهَا صَاحِبَةَ الْهِرَّةِ الَّتِي رَبَطَتْهَا فَلَمْ تُطْعِمْهَا وَلَمْ تَدَعْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الْأَرْضِ حَتَّى مَاتَتْ جُوعًا ثُمَّ جِيءَ بِالْجَنَّةِ وَذَلِكُمْ حِينَ رَأَيْتُمُونِي تَقَدَّمْتُ حَتَّى قُمْتُ فِي مَقَامِي وَلَقَدْ مَدَدْتُ يَدِي وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أَتَنَاوَلَ مِنْ ثَمَرِهَا لِتَنْظُرُوا إِلَيْهِ ثُمَّ بَدَا لِي أَنْ لَا أَفْعَلَ فَمَا مِنْ شَيْءٍ تُوعَدُونَهُ إِلَّا قَدْ رَأَيْتُهُ فِي صَلَاتِي هَذِهِ" . رواه مسلم (904).

المعاني:
آضت: رجعت إلى حالها الأول قبل الكسوف.
لفْحها: لهبها وحرقها.
المِحجَن: عصا معوجَّة الطرف.
قُصْبَه: أمعاءه.
الخشاش: حشرات الأرض وهوامها.

ل. يجوز أداء الصلاة ولو في وقت الكراهة
المعلوم أن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم نهى عن صلاة التنفل بعد صلاة الفجر إلى طلوع الشمس ، وقبل الزوال – أي: الظهر - ، وبعد العصر إلى غروب الشمس – وهذا ثابت في الصحيحين - ، لكن إذا كان لهذه النوافل أسبابٌ : فالصحيح أنه يجوز أداؤها ، ويبقى النَّهي عن الصلاة لغير ذوات الأسباب .

قال شيخ الإسلام – رحمه الله - : ونهى النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم عن الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها لأنَّ المشركين يسجدون للشمس حينئذٍ والشيطان يقارنها وإن كان المسلم المصلِّي لا يقصد السجود لها لكن سدَّ الذريعة لئلا يتشبه بالمشركين في بعض الأمور التي يختصون بها فيفضي إلى ما هو شركٌ ، ولهذا نهى عن تحرِّي الصلاة في هذين الوقتين هذا لفظ ابن عمر الذي في الصحيحين فقصد الصلاة فيها منهيٌّ عنه.

وأما إذا حدث سببٌ تُشرع الصلاة لأجله مثل تحية المسجد ، وصلاة الكسوف ، وسجود التلاوة ، وركعتي الطواف ، وإعادة الصلاة مع إمام الحيِّ ، ونحو ذلك فهذه فيها نزاع مشهور بين العلماء والأظهر جواز ذلك واستحبابه فإنه خيرٌ لا شرَّ فيه وهو يفوت إذا ترك وإنما نهي عن قصد الصلاة وتحرِّيها في ذلك الوقت لما فيه مِن مشابهة الكفار بقصد السجود ذلك الوقت فما لا سبب له قد قصد فعله في ذلك الوقت وإن لم يقصد الوقت بخلاف ذي السبب فإنه فعل لأجل السبب فلا تأثير فيه للوقت بحال . أ.هـ "مجموع الفتاوى" (17/502).

م. بداية الصلاة ونهايتها
ويسنُّ أن يبدأ الناس بالصلاة أول وقت الكسوف ، ويستمر الوقت إلى نهاية الكسوف ، فإذا انتهى الوقت لم يشرع أداء الصلاة لانتهاء السبب وخروج الوقت .

عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ خَسَفَتْ الشَّمْسُ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَسْجِدِ فَقَامَ وَكَبَّرَ وَصَفَّ النَّاسُ وَرَاءَهُ فَاقْتَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِرَاءَةً طَوِيلَةً … ثُمَّ فَعَلَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُخْرَى مِثْلَ ذَلِكَ حَتَّى اسْتَكْمَلَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ وَأَرْبَعَ سَجَدَاتٍ وَانْجَلَتْ الشَّمْسُ قَبْلَ أَنْ يَنْصَرِفَ ثُمَّ قَامَ فَخَطَبَ النَّاسَ فَأَثْنَى عَلَى اللَّهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ثُمَّ قَالَ إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ فَإِذَا رَأَيْتُمُوهَا فَافْزَعُوا لِلصَّلَاةِ وَقَالَ أَيْضًا فَصَلُّوا حَتَّى يُفَرِّجَ اللَّهُ عَنْكُمْ …" رواه مسلم (901) ، والبخاري (1401) – بدون الجملة الأخيرة - .

وعَنْ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَانْكَسَفَتْ الشَّمْسُ فَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجُرُّ رِدَاءَهُ حَتَّى دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَدَخَلْنَا فَصَلَّى بِنَا رَكْعَتَيْنِ حَتَّى انْجَلَتْ الشَّمْسُ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمَا فَصَلُّوا وَادْعُوا حَتَّى يُكْشَفَ مَا بِكُمْ" رواه البخاري (1040) ، ومسلم (911) من حديث أبي مسعود الأنصاري.

قال شيخ الإسلام – رحمه الله - : والمقصود أنْ تكون الصلاة وقت الكسوف إلى أنْ يتجلى فإن فرغ مِن الصلاة قبل التجلي ذَكر الله ودعاه إلى أنْ يتجلى ، والكسوف يطول زمانه تارة ويقصر أخرى بحسب ما يكسف منها فقد تكسف كلها وقد يكسف نصفها أو ثلثها فإذا عظم الكسوف طوَّل الصلاة حتى يقرأ بالبقرة ونحوها في أول ركعة وبعد الركوع الثاني يقرأ بدون ذلك.

وقد جاءت الأحاديث الصحيحة عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم بما ذكرناه كله. أ.هـ "مجموع الفتاوى" (24/260).

فوائد :
1. قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - : والصواب أنه لم يصلِّ - أي: النَّبي صلى الله عليه وسلم - إلا بركوعين ، وأنَّه لم يصلِّ الكسوف إلا مرةً واحدةً يوم مات إبراهيم وقد بيَّن ذلك الشافعيُّ وهو قول البخاري وأحمد بن حنبل في إحدى الروايتين عنه والأحاديث التي فيها الثلاث والأربع فيها أنَّه صلاها يوم مات إبراهيم ، ومعلومٌ أنَّه لم يمت في يومي كسوف ولا كان له إبراهيمان .أ.هـ "مجموع الفتاوى" (1/256).

2. قال شيخ الإسلام – رحمه الله - : ولم يأمرهم أن يدْعوا مخلوقاً ولا ملكاً ولا نبيّاً ولا غيرهم ومثل هذا كثيرٌ في سنَّته لم يشرع للمسلمين عند الخوف إلا ما أمر الله به مِن دعاء الله ، وذكره والاستغفار ، والصلاة ، والصدقة ، ونحو ذلك فكيف يعدل المؤمن بالله ورسوله عما شرع الله ورسوله إلى بدعة ما أنزل الله بها مِن سلطان تضاهي دين المشركين والنصارى.أ.هـ "مجموع الفتاوى" (27/89-90). وكلامه – رحمه الله - : عن دعاء غير الله عز وجل.

3. قال شيخ الإسلام – رحمه الله - : الخسوف والكسوف لهما أوقاتٌ مقدَّرةٌ كما لطلوع الهلال وقتٌ مقدَّرٌ وذلك ما أجرى الله عادته بالليل والنهار والشتاء والصيف وسائر ما يتبع جريان الشمس والقمر ، وذلك من آيات الله تعالى كما قال تعالى { وَهُوَ الذي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ والشَّمْسَ وَالقَمَرَ كُلٌّ في فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} ، وقال تعالى {هُوَ الذي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالحِسَابَ مَا خَلَقَ الله ذَلِكَ إلاَّ بِالحَقِّ} ، وقال تعالى {وَالشَّمْسُ وَالقَمَرُ بِحُسْبَانٍ} ……وكما أنَّ العادة التي أجراها الله تعالى أنَّ الهلال لا يستهل إلا ليلة ثلاثين مِن الشهر أو ليلة إحدى وثلاثين وأن الشهر لا يكون إلا ثلاثين أو تسعة وعشرين فمن ظنَّ أنَّ الشهر يكون أكثر من ذلك أو أقل فهو غالط .

فكذلك أجرى الله العادة أنَّ الشمس لا تكسف إلا وقت الاستسرار وأنَّ القمر لا يخسف إلا وقت الإبدار ووقت إبداره هي الليالي البيض التي يستحب صيام أيامها ليلة الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر فالقمر لا يخسف إلا في هذه الليالي والهلال يستسر آخر الشهر إما ليلة وإما ليلتين كما يستسر ليلة تسع وعشرين وثلاثين والشمس لا تكسف إلا وقت استسراره وللشمس والقمر ليالي معتادة من عرفها عرف الكسوف والخسوف كما أن من علم كم مضى من الشهر يعلم أن الهلال يطلع في الليلة الفلانية أو التي قبلها ، لكن العلم بالعادة في الهلال علمٌ عامٌّ يشترك فيه جميعُ النَّاس وأمَّا العلم بالعادة في الكسوف والخسوف فإنما يعرفه مَن يعرف حساب جريانهما وليس خبر الحاسب بذلك مِن باب علم الغيب ، ولا مِن باب ما يخبر به من الأحكام التي يكون كذبه فيها أعظم مِن صدقه ، فإنَّ ذلك قولٌ بلا علمٍ ثابتٍ وبناء على غير أصلٍ صحيحٍ .أ.هـ "مجموع الفتاوى" (24/254-256).

4. قال شيخ الإسلام – رحمه الله - : والعلم بوقت الكسوف والخسوف وإن كان ممكناً لكن هذا المخبر المعيَّن قد يكون عالماً بذلك وقد لا يكون ، وقد يكون ثقةً في خبره وقد لا يكون ، وخبر المجهول الذي لا يوثق بعلمه وصدقه ولا يعرف كذبُه موقوفٌ ، ولو أَخبرَ مخبِرٌ بوقت الصلاة وهو مجهولٌ لم يُقبل خبرُه لكن إذا تواطأ خبر أهل الحساب على ذلك فلا يكادون يخطئون، ومع هذا فلا يترتب على خبرهم علمٌ شرعيٌّ فإنَّ صلاة الكسوف والخسوف لا تُصلَّى إلا إذا شاهدنا ذلك وإذا جوَّز الإنسانُ صدق المخبر بذلك أو غلب على ظنِّه فنوى أن يصلي الكسوف والخسوف عند ذلك واستعد ذلك الوقت لرؤية ذلك كان هذا حثّاً مِن باب المسارعة إلى طاعة الله تعالىوعبادته فانَّ الصلاة عند الكسوف متفقٌ عليها بين المسلمين وقد تواترت بها السنن عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ورواها أهل الصحيح والسنن والمسانيد مِن وجوهٍ كثيرةٍ واستفاض عنه أنَّه صلى بالمسلمين صلاة الكسوف يوم مات ابنه إبراهيم .أ.هـ "مجموع الفتاوى" (24/258).

5. اختلف أهل العلم فيما تُدرك به صلاة الكسوف ، والأظهر – والله أعلم – أنَّها تُدرك بالركوع الأول مِن الركعة الأولى ، وعليه : فمن فاته الركوع الأول فعليه قضاء الركعة.

والله أعلم
وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلِّم

كتبه
أبو طارق
إحسان بن محمد بن عايش العتيـبي
في : 20 ربيع ثاني 1420 هـ
1/8/1999م

خطورة التعايش بين الطاعة والمعصية

<

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أما بعد..

الأمر بالدخول في الدين كله وعدم تبعيضه:

فإن الله سبحانه وتعالى أمرنا أن ندخل في دينه كله، فقال الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً} [البقرة: من الآية 208].

يعني في كل الإسلام، في كل الشُعب، {وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ} [البقرة: من الآية 208].

فالشيطان يأمر بالتنازلات، والشيطان يأمر بالتبعيض، بعض الإسلام بعض الدين، بعض الأحكام، والمؤمن بالإضافة إلى تبنيه للدين كاملاً، وعدم تنازله عن شيء منه وسعيه إلى تكميل نفسه ويبدأ بالواجبات ويترك المحرمات ويسعى في المستحبات ما أمكن، ويترك المكروهات والمشتبهات، وعنده في نفسه حس في الخوف من الله، والتخوف من الذنب، وأثر المعصية، وهو يعيش في حالة حذرٍ وترقب من أن يخدعه إبليس ويستدرجه إلى خطوةٍ من خطواته، {وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ}. فيعيش كما ذكر ابن مسعود رضي الله عنه: «إِنَّ الْمُؤْمِنَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَأَنَّهُ قَاعِدٌ تَحْتَ جَبَلٍ يَخَافُ أَنْ يَقَعَ عَلَيْهِ، وَإِنَّ الْفَاجِرَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَذُبَابٍ مَرَّ عَلَى أَنْفِهِ, فَقَالَ بِهِ هَكَذَا» [البخاري (6308)].

قلب الفاجر مظلم، والذنب خفيف عنده، وإذا وقع في معصية قال هذه سهلة، ومن خف عليه ذنبه دل ذلك على فجوره، ولا تنظر إلى صغر المعصية ولكن انظر إلى من عصيت، جلاله مقامه صفاته عظمته، عقابه سطوته نقمته جبروته سلطانه عذابه .

قال أبو أيوب: "إن الرجل ليعمل الحسنة فيثق بها، ويغشى المحقرات - يعني ما يحتقره من الذنوب ويراه سهلاً -، فيلقى الله يوم القيامة وقد أحاطت به خطيئته" (ابن بطال، 19/266).

والذي تحيط به سيئته من كل جانب فالنار موعده .

الاستهانة بالمعصية:

بقدر ما يصغر الذنب عندك يعظم عند الله، وبقدر ما يعظم الذنب عندك يصغر عند الله، هذا كلام السلف، الذنب وإن صغر فإن مقابلة العظيم الذي لا شيء أعظم منه، والكبير الذي لا شيء أكبر منه، والجليل الذي لا شيء أجل منه، هذا الذي أنعم عليك، تصغير الذنب في حقه شنيع، ومقابلة العظماء والسادات باستصغار مخالفتهم يسبب انتقامهم، وأرذل الناس في نظر الكبراء من قابلهم باستسصغار مخالفتهم وعدم الاكتراث بها فكيف بعظيم السماوات والأرض، وبعض الناس يجزم لنفسه أنه قد غفر له وأنه قد نجا من التبعة، مع أن من الآيات المخيفة في القرآن، وقال بعض العلماء أنها أخوف آية في كتاب الله: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ} [النساء: من الآية 123].

هل هذه قاصمة الظهر؟!.. {وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ} [يونس: من الآية 27].

المعاصي خطيرة، والسيئات فظيعة، ومن مصائبها إذهاب لذة الطاعة، قال بعض السلف وقد سئل: "أيجد العاصي لذة الطاعة؟!"، قال: "ولا من همَّ" (يعني بالمعصية)، فرب شخصٍ أطلق بصره فحرمه الله اعتبار بصيرته، أو لسانه فحرم صفاء قلبه، أو آثر شبهة في مطعمه، فأظلم سره، وحرم قيام الليل، وحلاوة المناجاة إلى غير ذلك... (صيد الخاطر، 1/ 50).

قضية إنكار المعصية، واستنكار القلب للمعصية واستقباح النفس للمعصية مهم جداً أن يبقى في النفس وأن يتقرر وأن يتأسس وأن يزداد وأن يحافظ عليه استقباح النفس للمعصية، أن يكره قلبك المعصية، تأنيب الضمير شيء يجب المحافظة عليه، أن يأنبك ضميرك إذا فعلت حراماً، لأن العكس مصيبة، والنبي عليه الصلاة والسلام قال: «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ»، وذكر في آخر الحديث «فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ» [مسلم (49)].

فلا بد أن يستنكره، حتى العاصي نفسه يجب عليه أن يكره ما يعمله بيديه، يجب على العاصي أن يستقبح بقلبه ما يرتكبه، وهذا ضروري ليقود النفس إلى التوبة والتخلص من المعصية والندم لأن نزع فتيل الندم من النفس مصيبة، ولعظم الندم قال عليه الصلاة والسلام «الندم توبة» [صححه الألباني]. فذكر ركنها الأساس كما قال: «الحج عرفة» [صححه الألباني]، «الندم توبة» [صححه الألباني].

ومن شرائط قبول التوبة ترك الذنب لقبحه، ترك الذنب ندماً على فعله، ترك الذنب حزناً وأسفاً للوقوع فيه، وهذا الذي يولد العزم على عدم العودة، وإلا فلو لم يكن للذنب قبح في النفس مستمر ولوم لها على ما فعلت فما الذي يؤدي بها إلى العزم على عدم العود .

ولذلك من المصائب العظام أن يرى الإنسان الحسنة سيئة، والسيئة حسنة، ومن المصائب العظام، ومن مكر الله بالعبد، أن يزين الشيطان له سوء عمله فيراه حسناً، كما قال عز وجل في كتابه العزيز: {أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً} [فاطر: من الآية 8].

طبعاً هذا لا يمكن أن يتوب، وهذه مشكلة المبتدع صاحب البدعة لا يرى أصلاً أن عمله خطأ، لا يرى أصلاً أن عمله انحراف، بل يرى انه قربة وطاعة ودين ويزداد منه ويدافع عنه، ولذلك لا يكاد المبتدع يتوب، لأنه لا يرى أصلاً أن فيما يعمله خطاً أو انحرافاً، {أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} [فاطر:8].

إذاً الناس مراتب، شخص يعمل المعصية وهو نادم، ويعمل المعصية وهو يرى قبحها، ويعمل المعصية وهو في نفسه كراهة واستنكار إذا عملها، فلا زال في نفسه بقية من خير أنه يستقبح ما فعل، ومن الناس من نزع استقباح المعصية من نفسه فهو يعملها كشرب الماء ولا يرى نفسه أنه عمل خطأً، ومن الناس من يرى المعصية التي يعملها حسنة، ويراها زينةً {زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً} [فاطر: 8]، وهذا أسوء المراتب.

التعايش بين الطاعة والمعصية:

قضية الازدواجية، أن بعض الناس يعملون الحسنات ويعملون السيئات، يعملون الواجبات ويعملون المحرمات، يعملون ما أمر الله به ويرتكبون ما نهى الله عنه، هل هذا مقبول في الدين عند الله؟، هل هذا الخلط صحيح؟، هل الإسلام يقبل أن يسير أتباعه على هذه السياسة في التعايش بين الحلال والحرام وفي تقبل النفوس للأمرين جميعاً؟، الجواب: كلا، والدليل قال الله تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلاةَ}، والصلاة عبادة {إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} [العنكبوت: من الآية 45].

فإذاً ما يمكن أن يوجد قبول في الإسلام لازدواجية التعايش بين الطاعة والمعصية، وأن الوضع يكون طبيعياً إذا كان الإنسان يعصي بالليل ويطيع بالنهار، يصوم بالنهار ويجرم بالليل، يصلي في المسجد ويخرج ليرتكب منكراً، لأن الآية تقول: {إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} فلا مجال إذاً للتعايش في النفس المؤمنة بين الطاعة والمعصية، والحسنة والسيئة، وفرق بين أن يوجد الشيء وبين أن يكون مقبول شرعاً، أن يوجد وموجود، لكن هل هو مقبول شرعاً ؟ هل يصح عند الله ؟ بحسب قيام العبد بالأمر الإلهي، تدفع عنه جيوش الشهوة، وأنبياء الله كانوا يرفضون الازدواجية المقيتة هذه، ووضحوها لقومهم جيداً حتى قال قومهم بعد التفهيم : {يَا شُعَيْبُ أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ} [هود: من الآية 87]. صلاتك تأمرك بترك الشرك؟، صلاتك تأمرك بترك أكل المال الحرام؟... {أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ} الربا الرشوة السرقة. وبعض الناس يا عباد الله يا أيها الأحبة يجعل من النتائج التي بعد المعصية دليلاً على صحة ما فعل أو عدمه، وإذا رأى أن الأمور ماشية استمر، قال ابن القيم رحمه الله: "وها هنا نكتة دقيقة، يغلط فيها الناس في أمر الذنب، وهي إنهم لا يرون تأثيره في الحال -وقع في فاحشة وخاف أن يقع هذا في شيءٍ من أهل بيته لكن لم يقع، ارتكب محرماً وخشى من حرمان الرزق لكن الرزق استمر داراً وفيراً فهو يستمر في المعصية لأنه ما حصل شيء سلبي- وقد يتأخر تأثيره فيُنسى، ويظن العبد إنه لا يتغير عليه شيء بعد ذلك، وسبحان الله، ماذا أهلكت هذه النكتة من الخلق؟!، وكم أزالت من نعمة؟، وكم جلبت من نقمة؟!، وما أكثر المغترين بها من الفضلاء، فضلاً عن الجهال، ولم يعلم المغتر أن الذنب ينقض ولو بعد حين، كما ينقض السهم، وكما ينفض الجرح المندمل على الغش والدغل.

إذا ما الجرح رم على فسادٍ *** تبين فيه إهمال الطبيب

سينفجر ولو بعد حين ويتقيح وترجع الأمور أسوء مما كانت، ربما يظهر أو يرى في الظاهر أن الجرح اندمل، وبدأ يتعافى لكن إهمال الممرض أو الطبيب في تعقيمه وتنظيفه لم يمحى، فهو يعمل من تحت وفي الظاهر ربما يرى الاندمال، يُرى أن الأمور تتحسن حتى تأتي الفاجعة بانفضاض الجرح وانفجاره إلى أسوء مما كان .

قال أبو الدرداء: "البر لا يبلى، والإثم لا ينسى، والرجل يصيب الذنب في السر، فيصبح وعليه مذلته" (الجواب الكافي، 1/34).

إذاً لا للاغترار بقضية أنه لم يقع شيء بعد الذنب من السلبيات: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} [الجاثـية: 21].

أحسب المسيئون المكثرون من الذنوب المقصرون في حقوق الله أن نجعلهم كالذين قاموا بحقوق ربهم واجتنبوا مساخطه وجاهدوا أنفسهم وتعبوا في هذه الملاحظة لمرضاة الرب والحرص عليها، ساء ما ظنوا وما حسبوا وساء ما حكموا بها ونظروا فالله أحكم الحاكمين وخير العادلين سبحانه وتعالى.

{وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} [العنكبوت: من الآية 69].

الإسلام الجديد ومخاطره:

عباد الله، ظهر في الإسلام الجديد الذي ينادون به الآن أمور، تجزئة الإسلام وتبعيض الإسلام وهذا قد تقدم الحديث عنه، ظهرت قضية التهوين من المعاصي، وهذا واضح من الطرح الإعلامي التهوين من المعاصي، وظهرت قضية إنكار أنها معصية أصلاً وحشد أدلة مزيفة وموهومة عن الإباحة، هذا موجود في طرح المقالات الصحفية وبعض الطرح الإعلامي لنزع الندم من الناس، ونزع تأنيب الضمير، فتطرح قضية أن هذه ليست معصية أصلاً، وتطرح قضية أنها صغيرة وليست كبيرة، ثم في الإسلام الجديد الذي يريدونه تطرح قضية التعايش السلمي بين الطاعة والمعصية، وأنه شيء عادي؟... يقول أحدهم في مقالة له: دخلت مسجداً، وقبل موعد الصلاة كنت أجلس في مقهى شعبي قريب من المسجد, وكانت الشاشات تملأ المقهى, أينما تيمم وجهك تشاهد فتاة تتراقص، يجلس الناس في المقهى مع بعضهم البعض: شلة من الجنسين.دخل أذان المغرب وسمعنا صوت المؤذن هادئاً رخيماً - أنا لا أدري كيف سيسمع صوت المؤذن هادئاً رخيماً وإذا كانت الفتيات يتراقصن على الشاشات تحت الأنغام والطرب والأصوات المرتفعة في العادة كما هو ديدن الغناء المعاصر - ، فشعرت في تلك اللحظة بمعنى أن تكون مسلماً, أن تعيش حياتك الطبيعية, تتفرج على البنات الجميلات، وتشرب شيشة، وتصخب على الشاشات، ولكنك لست مقطوعاً من طابعك الأخلاقي الأصيل!!

فإذا جاء صوت الإسلام ذكرك بمن أنت وإلى من تنتمي ثم تقوم إلى المسجد.

أيها الأخوة هذا الإسلام الجديد، الذي يريدون طرحه اليوم وترويجه وتسويقه في الساحة، عيش حياتك، وقت الصلاة في المسجد، ووقت الترفيه مع البنات مع الشيشات والشاشات، هذا مقبول في الدين ؟ الله يرضى هذا ؟ لو عرضنا هذا على الآيات القرآنية والأحاديث النبوية، هل هذا الكلام مقبول عند رب العالمين ؟ ومسألة إيجاد الوعي عند المسلم بهذه المؤامرة التي تحاك حول الدين لتسويق إسلام آخر غير الإسلام الذي جاء به الله ورسوله، هو ما يجب التنبيه عليه والتحذير منه وكشف عواره وبيان زيفه وضلاله، وأن يرجع المسلم إلى الله، {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ} [الذريات: من الآية50]. إلى دينه الحق وإلى أحكامه وإلى شرعه وإلى كتابه، وإلى البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك.

أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه أنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية:

الحمد لله، أشهد أن لا إله إلا الله وسبحان الله ولا حول ولا قوة إلا بالله، الله أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا، له الحكم وإليه ترجعون، خلق السماوات والأرض بالحق، وصوركم فأحسن صوركم، ليبلولكم أيكم أحسن عملا، وأصلي وأسلم على البشير النذير، والهادي والسراج المنير، محمد بن عبد الله أشهد أنه رسول الله حقا، اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ونبيك محمد، اللهم صل وسلم وبارك على إمام المتقين وقائد الغر المحجلين، سيد الحنفاء وإمام الأتقياء، وعلى آله وذريته وأزواجه وخلفاءه والتابعين لهم بإحسانٍ إلى يوم الدين .

عباد الله بعض المدارس البدعية المنحرفة المنتسبة للإسلام من الطرق وغيرها تتبنى هذا التوجه، قضية مولد تتطمئن فيه النفوس أنها تعمل طاعة، وبعض المناسبات التي فيها شيء من الذكر لمجرد تسكين النفس وأنها بخير، ثم بعد ذلك الرضى بما يحصل من الآفات والمعاصي والسيئات وهكذا، وقضية رمضان في مكة ثم الفسق والفجور بعدها بأيام هذا صار مع الأسف الشديد حالاً ملاحظاً من المسلمين، قضية أن تصلي ثم تدخل في عالم التمثيل والفن مشاهد الرقص والعري والإيحاءات الجنسية متعايش أمر مشاهد، بل وصلت القضية وهذا من مفردات الإسلام الجديد الذي يروجونه إلى جعل بعض المعاصي طاعات، ولذلك يطرح بعضهم قضية الرقص الشرقي واليوغا وسماع الغناء الإلهي والعشق الإلهي أو الغناء الديني أو الموسيقى المشاعرية أن هذا طيب ومفيد وجيد ومن الدين، وهذا ما تطرحه بعض القنوات الشبابية، للشباب وأنها فور شباب فقط لهم، وهذا من أسوء السيئات ومن أعظم الانحرافات تلبيس المعصية بثوب طاعة، وتقديم إسلام جديد للناس، هذا الذي يسمونه إسلام New look، النظرة الجديدة، دين بنظرة جديدة، هذه يا أيها الأخوة من الكوراث العظيمة، لأن بعض الشباب مساكين الخلفية الشرعية عندهم ضعيفة، المعلومات الدينية ضحلة سيتقبلون ذلك ويعتبرونه ديناً يسيرون عليه، وهذا قريب مما يحصل حتى في بعض الأديان الاخرى، تقول الأخبار : أن حاخامات اليهود ينصحون النساء اللواتي يواجهن مشاكل زوجية بتعلم الرقص الشرقي لأنه يحرر الجسد والروح. هذا مبدأ، يعني التعبد أو التدين أو السعي إلى حل المشكلات بدلاً من أن يقول: كتاب الله، تلاوة القرآن، الفزع إلى العبادة، كان إذا حزبه أمر صلى، دعوات المكروب: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، هذا دعاء الهم والحزن، الشريعة تقدم حلولاً، تقدم حلولاً للمشكلات النفسية، والأزمات، تقدم حلولاً وأذكاراً وكلاماً وعملاً، أقوالاً وأفعالاً وأشياء قلبية ولسانية وعلى الجوارح، لكن سحب البساط من هذه والدفع إلى الواجهة بأشياء آخرى للمعالجات.

ثم المشكلة أيضاً دخول قضية أنا أحسن من غيري على الخط، وهذا واضح، قال عليه الصلاة والسلام: «انظروا إلى من هو أسفل منكم، ولا تنظروا إلى من هو فوقكم؛ فهو أجدر أن لا تزدروا نعمة الله عليكم» [صححه الألباني]. هذ في الدنيا، وفي الدين: أنظر إلى من هو فوقك حتى تعرف مدى تقصيرك، ثم هناك طاعات سهلة ومعاصي جذابة، وهناك طاعات صعبة ومعاصي ليست مرغوبة للنفس كثيرة، كثير من الناس قد لا يرغب في فاحشة اللواط مثلاً، وربما يقرف منها وتشمئز نفسه، لكنه قد يهوى معاصٍ من نوعٍ آخر، وهذه قضية طاعة سهلة وطاعة صعبه ومعصية جذابة ومعصية أقل جاذبية، هذا الباب ممكن أن يدخل منه الشيطان دخولاً كبيراً، قال ابن القيم رحمه الله: "وقد تجد الرجل يقوم الليل ويصوم النهار ويتورع من استناده إلى وسادة حريرٍ، لحظةً واحدةً ويطلق لسانه في الغيبه والنميمة والتفكه في أعراض الخلق، ومما يستزل به الشيطان الألسن بعض من عنده دين قضية الكلام والقول على الله فيما لا يعلم الإفتاء بغير علم، فتجد عند بعض الناس ورعاً من بعض الدقائق كقطرة خمر لا يمكن أن أذوقها، لكن محرمات أخرى وفواحش يقع فيها بالطول والعرض، يتحاشى رأس الأبرة من النجاسة"، قال ابن القيم: "ولا يبالي بارتكاب الفرج الحرام".

يقول بعدة الصابرين قصة مضحكة، كما يحكى أن رجل خلى بامرأة أجنبية فلما أراد مواقعتها قال: "يا هذه غطي وجهك فإن النظر إلى وجه الأجنبية حرام".

وقد سأل رجل عبد الله بن عمر عن دم البعوض فقال: "انظروا إلى هؤلاء يسألوني عن دم البعوض وقد قتلوا ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم".

عباد لله لا يمكن القبول بالأزدواجية بين الحرام والحلال ولا بد أن يطرد المسلم الحرام من نفسه، نعم هو يضعف ويعصي ولكن لا بد أن يتوب، نعم هو يستزله الشيطان ويقع في سيئة، يرتكب سيئةً، لكن لا بد أن يراها قبيحة، ولا بد أن يراها ضخمة جداً، «إِيَّاكُمْ وَمُحَقَّرَاتِ الذُّنُوبِ فَإِنَّهُنَّ يَجْتَمِعْنَ عَلَى الرَّجُلِ حَتَّى يُهْلِكْنَهُ» [صححه الألباني].

ولا بد أن يتوب منها ويعزم على عدم العودة إليها ويندم على فعله، لا بد أن تبقى قضية تأنيب الضمير واعظ الله في قلب المسلم أن يبقى حياً وأن ننظر إلى هذه الأشياء التي يبغضها رب العالمين على أنها حرام وأن تقوم عندنا الأدلة الشرعية بتحريمها، وأن نتعلم الأحكام وأن نتلافى خطوات الشيطان ولا نتبع خطوات الشيطان وكذلك فإن التعايش مع الحرام سيولد مصائب كبيرة في المستقبل، وظلمة القلب وضعف الدين والوقوع في الفتنة واسوداد القلب وذهاب نور القلب، وهكذا الحسنات تزيد نوره والسيئات تطفئ نوره، هناك قلوب مزهرة نسأل الله أن يجعلنا من أهلها، وقلوب مظلمة نسأل الله أن لا يجعلها فينا .

والعنوان بالخط العريض: «إذا سرتك حسنتك، وساءتك سيئتك فأنت مؤمن» [صححه الألباني]، قاله نبينا صلى الله عليه وسلم .

اللهم إنا نسألك فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين وإذا أردت بعبادك فتنة فاقبضنا إليك غير مفتونين، اقض ديوننا واستر عيوبنا، اللهم استر عوراتنا وآمن روعاتنا، واحفظنا من بين أيدينا ومن خلفنا وعن أيماننا وعن شمائلنا ومن فوقنا ونعوذ بعظمتك أن نغتال من تحتنا، اللهم إنا نسألك الأمن في الأوطان والدور، والصلاح للأئمة وولاة الأمور، وأن تغفر لنا يا عزيز يا غفور، اغفر لنا ولآبائنا وأمهاتنا، اللهم اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، اجعل جنة الفردوس مأوانا،

وقنا عذب النار يا أرحم الراحمين، سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.

الكاتب : محمد بن صالح المنجد

http://www.wathakker.net/articles/view.php?id=922

100 نصيحة للصائمين الكاتب : محمد حسين يعقوب

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

رب يسر وأعن وتمم بخير يا كريم.

أيها المسلم العزيز!... أخي؛ يا عبد الله ووليه!

هل أتشرف بإبلاغك؟!
هل أسعد بإعلامك؟!

إنها للبشرى السارة العظيمة!
إنها للفرحة الكبرى العميمة!

ها هي "المسابقة العالمية" التي تبتدئ بأول ليلة من شهر رمضان ولا تنتهي إلا بآخر ليلة منه!؛ فاستعد يا ابن الإسلام، وتهيأ يا حفيد الإيمان، استعد لأكبر فرصة في عامك، وأبرك موسم في سنتك...

إنها "المسابقة العظمى" التي أعلن عنها الملك العظيم في كتابه الكريم بقوله -تعالى-: {سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاء وَالْأَرْضِ} [الحديد: 21].

إن جائزة هذه المسابقة لأكبر جائزة والله: (إنها الجنة)؛ الجنة التي عرضها السموات والأرض والتي فيها من النعيم ما تشتهيه الأنفس، وتلذ الأعين.. وفيها من المتع الروحية والجسدية ما لم تره عين، ولم تسمعه أذن، ولم يخطر على قلب بشر أبدًا.

وهل بعد الجنة أيها العاقل اللبيب من مطلب لأصحاب السمو الروحي والكمال النفسي -مثلك- سوى رضوان الحبيب والنظر إلى وجهه الكريم؟

وصف المسابقة:

اسمح لي الآن أن أصف لك ميدان المسابقة، وأفصّل لك شروط السباق حتى يمكنك اللحاق بحلبتها، والمشاركة عن بصيرة فيها.

إن ميدان هذه المسابقة الإسلامية هو شهر رمضان المبارك الذي تفتح فيه أبواب الجنان فلا يغلق منها باب.

شروط المسابقة:

أولًا: أن يتخلى المتسابق عن كل مُحرَّم أو مكروه كان يأتيه في حياته قبل هذه المسابقة.

وذلك كأن يرد الحقوق إلى أصحابها، وأن يتجنب الباطل والشر في كل شكل أو صورة، وأن يترك سماع الأغاني والزمر والتطبيل، وأن لا يسمح به في بيته، ولا في دكانه أو محل عمله، وأن يترك لعب الورق ويبتعد عن مجالسه، كما يبتعد عن سماع الغيبة والنميمة والكذب والزور وقول ذلك كله، وأن يطهر لسانه من قول الفحش والبذاء وسماعه مطلقًا، وأن يطيب فمه ومجلسه بترك المكيفات من تبغ و"شيشة" ونحوهما.

ثانيًا: أن يقبل بعزم وتصميم على ما يلي:

- أن يعلن توبته لله -تعالى- قائلًا: (اللهم إني أستغفرك من كل ذنوبي، وأتوب إليك من كل معتقد وقول وعمل تكرهه ولا يرضيك، فاغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الغفور).

- أن يعمل الصالحات التالية:

1- أداء الصلوات الخمس في جماعة لا يفوّت ركعة منها.

2- قراءة القرآن آناء الليل وأطراف النهار طوال شهر رمضان.

3- الإكثار من نوافل الصلاة في الليل والنهار طوال شهر رمضان.

4- الصدقات بالمال أو الطعام أوالشراب أواللباس بحسب يساره وسعته.

5- الإكثار من الدعاء والاستغفار وقت السحر من كل ليلة.

هذه هي المسابقة وتلك شروطها...

فهل لك يا ابن الأبطال في السبق؟

هل لك في الفوز بالحور العين؟

هل لك في أن تضيف إلى عمرك عمرًا جديدًا، وإلى رأس مالك نصيبًا موفورًا.. (ربح ومدة ألف شهر أي 83 عامًا و 4 أشهر)؟

هل لك في تكفير كل سيئاتك ومحو كل ذنوبك؟

كل ذك يحصل بدخولك بجد وإخلاص في هذه المسابقة؛ فارْمِ أيها الشاب البطل والرجل الحكيم بجواد عزمك في حلبة هذا السباق وسابق.

- احفظ سمعك من الغناء والزمر، ومن الغيبة والفحش في القول والبذاء.

- ويديك من أن تتناول محرمًا بهما.

- ورجليك من أن تمشي إلى باطل أو لهو بهما.

- وكف لسانك من أن تقول غيبة أو نميمة أو كذبًا أو زورًا أو فحشاء أو بذاء!...

- اصرف قلبك عما لا يعني، واخْلِهِ من التفكير فيما ليس لك به ضرورة أو حاجة.

الله أكبر! الله أكبر...
أقدم أيها البطل..
وابسط يديك بالعطاء، تصدق فهذا أوان الصدقة.

اعكف في بيت ربك راغبًا راهبًا، لازمه ولا تخرج إلا لحاجة حتى يغفر لك ويتوب عليك...
مكانك يا أخي في الصفوف الأولى، لا تفوتك تكبيرة الإحرام من كل صلاة أبدًا...

كتاب الله... كتاب الله يا أخي... لا يمضي عليك رمضان دون أن تقرأه كله قراءة محفوفة بالتدبر والخشوع، والدعاء والدموع.
وسلام عليك في السابقين وبارك الله فيك في الفائزين!!.

وكيما يستقيم حالك في رمضان فلابد أن تعدَّ له عدة:

1- فلابد لك من شوق محرق يأخذ بيدك إلى ربك.

ولا يحصل لك ذلك إلا بأن تطالع أسماء الله وصفاته، وتشاهد منن الله عليك وفضله السابغ، وتطالع جنايتك فتتحسر على فوات الزمان في غير طاعة الله، فتتشوق لاستدراك الفائت، وتهفو نفسك إلى عمل صالح يكفر ما قد كان من فعالك.

تذكَّرْ سبق السابقين.. وأنت لازلت قابعا في شهواتك.

تذكر يوم الوعيد.. وأنت تأكل يديك حسرة، وأهل الإيمان في الفردوس الأعلى قد تناءوا عن أمثالك.

2- ومن ذلك أن تعرف عظم فضل العمل الصالح، كي تحتسبه عند الله -تعالى-، فإن تكفير الخطايا مرهون بذلك:

- قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه» [متفق عليه].

- وقال -صلى الله عليه وسلم-: «من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه» [متفق عليه].

- وقال -صلى الله عليه وسلم-: «من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه» [رواه البخاري].

3- ولابد من استعداد قبل رمضان

- بصيام رجب شهر الله الحرام، وشعبان الذي كان النبي يصومه إلا قليلًا..

- لابد لك من ركعتين في الليل تحافظ عليهما كي تعتاد حلاوة القيام وإن زدت فهو خير لك في العاجل والآجل، ولا يفارق المصحف يدك كي تعتاد القراءة فتختم المرة والمرتين حتى تختم كل ثلاث كما كان دأب الصالحين، ووصية النبي الأمين.

4- وحذار من رفقة السوء

فإنها لأشد قاطع وعائق على الطريق، بل الزم خل الطاعة، وانبذ أهل البطالة، ورافق أهل الهمم العالية..

{وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ} [المطففين: 26].

- هذا الفاروق عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: ما مات حتى سرد الصوم.

- وكانت أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- تسرد، وسرد أبو طلحة بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أربعين سنة.

- وقال نافع: "ما رأيت ابن عمر صائمًا في سفره ولا مفطرًا في حضره".

- وقال سعيد بن المسيب: "ما تركت الصلاة في جماعة منذ أربعين سنة".

- وكان سعيد بن جبير يختم القرآن في ليلتين.

- وكان الأسود يقوم حتى يخضر ويصفر، وحج ثمانين حجة.

- وقال ثابت البناني: "ما تركت في الجامع سادنة إلا وختمت القرآن عندها".

- وقيل لعمرو بن هانيء: لا نرى لسانك يفتر من الذكر. فكم تسبح كل يوم؟، قال: "مائة ألف، إلا ما تخطئ الأصابع".

- وصام منصور بن المعتمر أربعين سنة وقام ليلها، وكان الليل كله يبكي، فتقول له أمه: "يا بني قتلت قتيلًا؟"، فيقول: "أنا أعلم بما صنعت نفسي".

- قال الجماني: "لما حضرت أبا بكر بن عياش الوفاة بكت أخته"، فقال: "لا تبك"، وأشار إلى زاوية في البيت: "إنه قد ختم أخوك في هذه الزاوية ثمانية عشر ألف ختمة".

- قال الربيع: "وكان الشافعي -رحمه الله- يقرأ في كل شهر ثلاثين ختمة، وفي كل شهر رمضان ستين ختمة سوى ما يقرأ في الصلوات".

100 نصيحة

1- أخلص نيتك لله وحده.. فلن تؤجر إلا بالإخلاص.

2- إياك أن تتردد في نيتك.. فإن من نوي الإفطار يفطر.

3- احتسب كل طاعة تقوم بها.. فلن تؤجر إلا على ما احتسبت.

4- تب قبل دخول الشهر الكريم من كل الذنوب.. توبة نصوحا شاملة كاملة حاسمة قاطعة عازمة نادمة.

5- افرح بدخول الشهر الكريم.. فما فرح بدخوله إلا مؤمن.

6- هنئ إخوانك وأهلك بدخول هذا الموسم العظيم.

7- تأدب بآداب الصيام:

1- الدعاء عند رؤية الهلال.

2- الاستعداد للصوم بتبييت النية.

3- تأخير السحور.

4- تعجيل الفطر.

5- أفطر على التمر قبل ذهابك للصلاة.

6- الدعاء عند الإفطار.

7- اغتنام وقت السحر.

8- الدعوة إلى طعام الإفطار.

8- الثمرة المرجوة من الصيام هي التقوى؛ فاحرص على أن تتقي الله في أعمالك وأقوالك، ظاهرك وباطنك، سرك وعلانيتك.

9- إذا صمت رمضان وقمته فأنت من الصديقين والشهداء، فاجعل صومك جديرًا بهذه المنزلة.

10- أنصحك بالعزلة عن الناس وتجنب الاختلاط بهم.

11- تأمل نعم الله عليك.. إذ رزقك الطعام وحرمه غيرك، ورزقك الشراب وحرمه غيرك، ورزقك الطاعات وحرمها غيرك.

12- إذا اضطررت للاختلاط بالناس فحافظ على لسانك وبصرك وأذنك وعينك وقلبك، وصنهم عن ارتكاب المحرمات.

13- لا تضيع منك طاعة واحدة، قم بكل الطاعات التي تستطيعها.

14- أنفاسك هي عمرك، فلا تدع نفسا واحدًا يمر بك دون أن تذكر ربك، لا تفتر عن الذكر لحظة.

15- انبذ البطالة و"البطّالين" وصاحب ذوي الهمم.

16- فليصم قلبك عن المعاصي والخواطر الرديئة.

17- إذا صمت فليصم بصرك وسمعك ولسانك وأذنك وقلبك ويدك ورجلك وبطنك.

18- لا تجعل يوم صومك كيوم فطرك.

19- شرع الصيام لكي تشعر بالجوع، فحاول أن تشعر بالجوع، ولا تتذمر منه.

20- اغتنم الدعوة المستجابة كل يوم عند الإفطار.

21- سل الله أن تكون من عتقائه من النار في هذا اليوم.

22- الزم سنة نبيك، وإياك والابتداع.

23- احرص على الصدقة كل يوم.

24- احرص على تفطير الصائمين كل يوم.

25- احرص على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كل يوم، ولو أن تنهى وتأمر نفسك أنت.

26- لسانك سبع، إن تركته أكلك.

27- لا تتكلم إلا في طاعة الله.

28- الغيبة تخرق الصيام، والاستغفار يرقعه، فإذا وقعت في الغيبة رقع صيامك.

29- احرص على صلة رحم من أرحامك كل يوم.

30- احرص على بر والديك كل يوم، وأن تفطر معهما.

31- احرص على إدخال السرور على قلب مسلم كل يوم.

32- احرص على قضاء حوائج إخوانك ومساعدتهم.

33- احرص على إكرام جيرانك كل يوم، واحرص على دعوتهم إلى الإفطار معك ومع أسرتك.

34- احرص على الإقلال من الضحك؛ فإنه يميت القلب، وينبغي أن تكون في صيامك منكسرًا ذليلا، لا ضاحكًا مختالا.

35- لا تجادل ولا تمارِ، ولا تفتح على نفسك أبواب شر لن تستطيع أن تغلقها.

36- تخلص من حقوق العباد التي عليك.

37- أكثر من تلاوة القرآن، عشر ختمات على الأقل في الشهر.

38- احرص على الصلوات الخمس في المسجد في جماعة؛ تدرك التكبيرة الأولى في الصف الأول خلف الإمام على اليمين.

39- احرص على صلاة التراويح في المسجد، وأدرك الصلاة من أولها، ولا تنصرف حتى ينتهي الإمام حتى يكتب لك قيام ليلة.

40- احرص على التهجد في آخر الليل، وأفضل القيام طول القنوت.

41- لا تصلّ في مسجد تحدث فيه بدع أو مخالفات، فإنك إن أنكرت أوغرت، وإن وافقت وقعت.

42- احرص على الخشوع في الصلاة وحضور القلب في كل الطاعات.

43- استحضر الخشية من الله، واستجلب البكاء، فإن لم تجد فتباكَ.

44- الزم المسجد قدر استطاعتك.

45- أكثر من النوافل.

46- صلاة النساء في بيوتهن، أو في أقرب مسجد من البيت.

47- التزام النساء بآداب الخروج الشرعية.

48- يحرم على الحائض والنفساء دخول المسجد، ومس المصحف، والصيام، والصلاة.

49- لا تتوقف الحائض والنفساء عن ذكر الله.

50- اغتنم أوقات إجابة الدعاء.

51- احرص على الاستغفار بالأسحار.

52- احرص على الاعتمار في رمضان.

53- داوم على الطاعة وإن قلّت.

54- نوِّع بين العبادات والطاعات حتى لا تملّ نفسك.

55- لا تلهُ (أبعد عن أصحابك، وعاداتك، وشهواتك).

56- لا ترفث ( أبعد عن زوجتك).

57- لا تصخب (ابتعد عن الشجار والصراخ).

58- لا تجهل (بل احلُم وتعقّلْ).

59- إياك أن تردّ على من يسبّك أو يؤذيك، قل: إني صائم..

60- تجنب الاختلاط.

61- احرص على النصح للمسلمين كل يوم.

62- تخلّق بخلق الإيثار، إلا في الأوقات والطاعات والقربات.

63- إذا دخل العشر شد المئزر، واجتهد، وأيقظ أهلك، وقم الليل كله.

64- احرص على اعتكاف العشر الأواخر.

65- احرص على تحري ليلة القدر.

66- قلّل من ساعات نومك قدر استطاعتك (أربع ساعات تكفي).

67- إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين.

68- احرص على إطعام المساكين وكسوتهم، ومساعدة المحتاجين.

69- أخرج زكاة فطرك.

70- عوِّد أطفالك على الصيام، وعلى الصلاة، وعلى سائر العبادات.

71- كن أجود من الريح المرسلة في الصدقة والإنفاق.

72- علّم القرآن في شهر القرآن.

73- لا تطع نفسك في كل ما تطلب، فإن فعلت أهلكتك.

74- إياك وشياطين الإنس: «دُعَاةٌ إِلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا» [رواه البخاري].

75- إياك والمعصية في نهار رمضان (ولا ليلة).

76- إياك والتلفزيون، والأغاني، والخيم الرمضانية، والتدخين، والبنات، والتسكع في الشوارع، وإطلاق البصر، وأكل الحرام.. إياك أن تعصي ربك.

77- احرص على كل أسباب المغفرة حتى يغفر لك في رمضان، وإلا أصابتك دعوة جبريل عليه السلام: «رَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ دَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ ثُمَّ انْسَلَخَ قَبْلَ أَنْ يُغْفَرَ لَهُ» [صححه الألباني في: صحيح الجامع 3510].

78- صم الدنيا، واجعل فطرك الموت، الدنيا كلها شهر رمضان، المتقون فيه يصومون عن الشهوات المحرمات، فإذا جاءهم الموت فقد انقضى شهر صيامهم ، واستهلوا عيد فطرهم.

79- اصبر.. فالصوم نصف الصبر.

80- إذا أصبحت آمنا في سربك، معافى في جسدك، عندك قوت يومك، فكأنما حيزت لك الدنيا بحذافيرها، فاحمد الله، ولا تقتل نفسك بحثًا عن الرزق، فلن تأخذ إلا ما كتب لك.

81- من دقيق نعم الله التي لا تكاد تفطن لها أن تغلق عليك بابك، فيرسل الله من يطرق عليك الباب، فيسألك شيئًا من القوت؛ لتعرف نعمة الله عليك فتأمل! {وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ} [الضحى: 10].

82- {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ} [الضحى: 9]، ابحث عن أسرة بها أيتام، واكفلهم إن كنت تستطيع ذلك، ساعدهم وأدخلْ على قلوبهم السرور.

83- {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} [الضحى: 11] احمد ربك، وتحدث بنعمه.

84- الصوم ثلاث درجات:

صوم العوام: كف البطن والفرج عن قضاء الشهوة.

صوم الخواص: كف السمع والبصر واللسان واليد والرجل وسائر الجوارح عن الآثام.

صوم خواص الخواص: كف القلب عما سوى الله، والإقبال بكل الهمة على الله، والانصراف عن غير الله -سبحانه-.

85- إياك وقول الزور: «مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ» [رواه البخاري].

86- «رُبَّ صَائِمٍ لَيْسَ لَهُ مِنْ صِيَامِهِ إِلَّا الْجُوعُ» [صححه الألباني].

87- لا تصم عن الحلال، ثم تفطر على الحرام.

88- لا تستكثر من الطعام الحلال عند الإفطار: {كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى} [طه: 81]، وأيضًا حتى لا يثقل عليك القيام، ولا يغلب عليك النوم بكثرة الأكل.

89- ينبغي أن يكون قلبك بعد الإفطار معلقًا بين الخوف والرجاء، إذ لست تدري أيقبل صومك فتكون من المقربين، أو يرد عليك فتكون من الممقوتين.

90- الصبر على طاعة الله أهون من الصبر على عذابه.

91- الصوم حجاب ضربه الله على لسانك وسمعك وبصرك وفرجك وبطنك ليسترك به من النار «الصوم جنة» [رواه البخاري]، فاستر نفسك عن النار.

92- صوم اليدين بألا تمدهما إلى حرام (لمسة إلى زميلة، ورقة أو قلم تأخذه من محل عملك، ضربك بالظلم لأحد الناس)، وصوم القدمين كفهما عن البطش، والسعي إلى ما يكتب عليهما وزره وتبقى قبلهما تبعته وإثمه.

93-
حسِّن صومك، فإن كل عملك لك، إلا الصوم فإنه لله وهو يجزي به، استحي من ربك أن يأخذ منك صيامك مهترئًا.

94- احرص على بعض الطفرات الإيمانية.

95- سل الله القبول، فـ {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [المائدة: 27].

96- رَبُّ رمضان هو رب كل الشهور، فلا تعد إلى المعاصي بعد انتهاء الشهر، في صبيحة العيد!!

97- احرص على القضاء بعد انتهاء الشهر مباشرة.

98- أتبع القضاء بست من شوال، فهو أجدر أن يثبتك على الدرجة الإيمانية العالية التي وصلت إليها بصيامك.

99- اجتهد أن تجعل كل عامك رمضان، فلا تفتر عن الذكر وتلاوة القرآن، ولا تتوقف عن الصيام، ولا تمسك يدك عن الصدقات، وزد من البر والصلة والتزاور في الله.

100- بعض النيات التي يمكنك استحضارها عند صيامك:


1- أن تكون من: {التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآَمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} [التوبة: 112] قال المفسرون: "أما قوله: {السَّائِحُونَ} فإنهم الصائمون". وقالت عائشة -رضي الله عنها-: "سياحة هذه الأمة: الصيام" .

2- استحضر أنك تقوم بعمل لا مثيل له «عليك بالصوم فإنه لا عدل له» [صححه الألباني، صحيح الترغيب: 986].

3- استحضر أنك تقوم بعمل ادّخر الله ثوابه: {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [السجدة: 17].

4- أن تكفر سيئاتك «فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَوَلَدِهِ وَجَارِهِ تُكَفِّرُهَا الصَّلَاةُ وَالصَّوْمُ وَالصَّدَقَةُ» [رواه البخاري].

5- مغفرة ما تقدم من ذنوبك بصيام رمضان وقيامه وقيام ليلة القدر.

6- أن يشفع لك الصيام يوم القيامة.

7- اغتنام صلاة الله -عز وجل- والملائكة عليك: «إن الله وملائكته يصلون على المتسحرين» [حسنه الألباني، صحيح الموارد: 728].

8- أن يبعدك الصوم عن النار «الصوم جنة يستجنّ بها العبد من النار» [حسنه الألباني، صحيح الجامع :3867].

9- الصوم يوم الصيف نحتسب به أن يعوضنا عنه يوم تدنو الشمس من الرؤوس (يوم القيامة).

10- «الصوم في الشتاء الغنيمة الباردة» [حسنه الألباني، صحيح الجامع : 3868].

11- أن تدخل يوم القيامة من باب الريان ولا يدخل معك إلا الصائمون.

12- إذا مت وأنت صائم دخلت الجنة: «من ختم له بصيام يوم دخل الجنة» [صححه الألباني، صحيح الجامع: 6224].

13- أن تغتنم الدعوة التي لا ترد عند إفطارك.

14- تكون من الأبرار: «جعل الله عليكم صلاة قوم أبرار، يقومون الليل، ويصومون النهار، ليسوا بأثمة ولا فجار» [صححه الالباني، صحيح الجامع: 3097]

15- الحصول على الفرحتين الموعودتين: عند فطرك، وعند لقاء ربك.

16- أن يكون خلوف فمك أطيب عند الله من ريح المسك.

17- اغتنام ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر.

18- أن تكتب من القانتين أو من المقنطرين على قدر عدد الآيات التي تقوم بها، سواء مع إمامك في التراويح، أو وحدك في التهجد.

19- أن تكتب مع الصديقين والشهداء بصيامك رمضان وقيامك: جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم -، فقال: "يا رسول الله، أرأيت إن شهدت أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، وصليت الصلوات الخمس، وأديت الزكاة، وصمت رمضان، وقمته، فممّن أنا؟" قال: «من الصديقين والشهداء» [صححه الألباني، صحيح الترغيب: 361].

20- أن ترفع درجاتك في الجنة ويكون لك السبق: «أليس قد صام بعده رمضان؟» [حسنه الألباني].

تلك مائة نصيحة وزيادة من محب لك.. يرجو لك الفوز بالمسابقة

فلا أعدم منك دعوة صالحة أن يجمعني الله بك والفائزين..
في جنات النعيم

اللهم اجعلنا من عتقائك في رمضان

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
موقع الشيخ: محمد حسين يعقوب


-بتصرف يسير-



بسم الله.. الحمد لله الّذي خلق المكان والزّمان، والصّلاة والسّلام على نبيّنا محمّدٍ الّذي أكثر من الصّيام في شعبان، وعلى آله وصحبه وكل من اعتصم بالقرآن.. وبعد

فضائل شهر شعبان
عطية من عطايا الكريم المنان


عن أسامه بن زيد -رضي الله عنهما- قال: قلت يا رسول الله، لم أراك تصوم شهرًا من الشّهور ما تصوم من شعبان؟ قال: «ذاك شهرٌ يغفل النّاس عنه بين رجب ورمضان وهو شهرٌ يرفع فيه الأعمال إلى ربّ العالمين فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم» [حسنه الألباني 4/103 في إرواء الغليل].

لماذا سمي شعبان؟

شعبان هو اسم للشهر، وسمَّي بذل لأنّ العرب كانوا يتشعبون فيه (أي يتفرقون) لطلب المياه، وقيل تشعُّبهم في الغارات، وقيل لأنّه شعب (أي ظهر) بين شهري رجب ورمضان، ويُجمعُ على شعبانات وشعابين.

كثرة صيامه -صلّى الله عليه وسلّم- في شعبان:

لما كان شعبان كالمقدمة لرمضان، فحسن أن يكون فيه شيءٌ مما يكون في رمضان من صيامٍ.
عن أمّ المؤمنين عائشة -رضي الله تعالى عنها- قالت: «كان رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يصوم حتى نقول لا يفطر، ويفطر حتى نقول لا يصوم، فما رأيت رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- استكمل صيام شهرٍ إلا رمضان، وما رأيته أكثر صيامًا منه في شعبان» [البخاري 1969].

وعنها أيضًا -رضي الله تعالى عنها- قالت: «كان أحب الشّهور إلى رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أن يصومه شعبان ثم يصله برمضان» [رواه أبو داود 2431 والنّسائي 2349 وصححه الألباني].

قال الإمام ابن حجر -رحمه الله تعالى-: "في الحديث دليل على فضل الصّوم في شعبان" (بلوغ المرام).

وقال الإمام ابن رجب -رحمه الله تعالى-: "وأما صيام النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- من أشهر السّنّة فكان يصوم من شعبان ما لا يصوم من غيره من الشّهور" (لطائف المعارف).

وقال الإمام الصّنعاني -رحمه الله تعالى-: "وفيه دليلٌ على أنه يخص شعبان بالصّوم أكثر من غيره" (سبل السّلام).

الحكمة في إكثاره -صلّى الله عليه وسلّم الصّيام في شعبان:

عن أسامه بن زيد -رضي الله تعالى عنهما- قال: قلت يا رسول الله، لم ارق تصوم شهراً من الشهور ما تصوم من شعبان؟ قال : «ذاك شهرٌ يغفل النّاس عنه بين رجب ورمضان وهو شهرٌ يرفع فيه الأعمال إلى ربّ العالمين فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم» [حسنه الألباني 4/103 في إرواء الغليل].

1- أفضل الصّيام بعد رمضان أيام شهر الله الحرام (محرم).
3- كان -عليه الصّلاة والسّلام- يصوم في أيام شعبان ما لا يصوم في غيره من الشّهور.
3- باقي أيام الشّهور في الأفضلية سواءً إلا ما ورده فيه نص كصيام يوم عرفة وعاشوراء وشوَّال. إلخ


قال الإمام ابن رجب -رحمه الله تعالى- في بيان حكمة الصيام في شعبان: "وفيه معانٍ وقد ذكر منها النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه لما اكتنفه شهران عظيمان: الشّهر الحرام (رجب) وشهر الصيام (رمضان)، أشتغل النّاس بهما عنه، فصار مغفولًا عنه. وكثير من الناس يظنّ أنّ صيام رجب أفضل من صيام شعبان؛ لأنه شهر حرام، ولس كذلك" (لطائف المعارف).

الإعجاز العلمي في صيام شعبان

لقد ثبت علميًّا أنّ الجسم في أيام الصّوم الأولى يبدأ باستهلاك مخزونه الاحتياطيّ من الدّهون والبروتينات وغيرها (لتعويض النّقص الحاصل بسبب تقليل الطّعام) فينتج عن ذلك سموم تتدفق في الدّم (هرمون الأدرينالين)، قبل أن يتخلص منه الجسم مع الفضلات، مما يؤدي إلى شعور الصّائم ببعض الأعراض: كالصداع والوهن وسرعة الغضب وتغيُّر المزاج وقد يشتم ويسب.. إلخ ممّا قد يضطرّه لأن يترك الصّيام أحيانًا. وهذه الأعراض تزول بعد أن تعود نسب الهرمونات إلى وضعها الطّبيعيّ في الدّم خلال أيام من بدء الصّوم -بإذن الله تعالى- (وهذا ملاحظ لدى الصّائمين).
فصيام شعبان (المسنون) كالتّمرين على صيام رمضان (المفروض)، حتى لا يدخل المسلم في صوم رمضان على مشقةٍ وكلفةٍ ... والله -سبحانه وتعالى- أعلم.


الصّيام في آخر شعبان

عن أبي هريرة -رضي الله تعالى عنه- (حافظ السّنّة، وحبيب المؤمنين) عن النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- قال: «لا تقدموا رمضان بصوم يومٍ ولا يومين. إلا رجل كان يصوم صوماً، فليصمه» [رواه مسلم 1082].
ومثال من له عادةً: أن يكون المسلم محافظ على صيام يومي الإثنين والخميس مثلًا، فلا بأس بصيامهما.
كما نهى -صلّى الله عليه وسلّم- عن صيام (يوم الشّكّ) وهو يوم الثلاثين من شعبان إلا أن يوافق عادته في الصّيام.

من بدع ليلة النّصف من شعبان:

1- الاحتفال بليلة النّصف من شعبان بأيِّ شكلٍ من أشكال الاحتفال، سواءً بالاجتماع على عبادات أو إنشاد القصائد والمدائح، أو بالإطعام واعتقاد أن ذلك سنّةٌ واردةٌ.

2- صلاة الألفيَّة (في تلك الليلة) وتسمى أيضًا صلاة البراءة.

3-كذلك صلاة أربع عشرة ركعة أو اثنتي عشرة ركعة أو ست ركعات فيها.

4- تخصيص صلاة العشاء في ليلة النصف من شعبان بقراءة سورة يس، أو بقراءة بعض السّور بعدد مخصص كسورة الإخلاص، أو تخصيصها بدعاءٍ يسمى دعاء ليلة النّصف من شعبان، وربما شرطوا القبول هذا الدّعاء قراءة سورة يس أو صلاة ركعتين قبله. وكذلك تخصيصها بالصّوم، أو التّصدق، أو اعتقاد أنّ ليلة النّصف من شعبان مثل ليلة القدر في الفضل...

حكم الاحتفال بليلة النّصف من شعبان؟

سئل الشّيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله تعالى- عن ليلة النّصف من شعبان؟ وهل لها صلاة خاصة؟

فأجاب: ليلة النّصف من شعبان ليس فيها حديث صحيح. وكل الأحاديث الواردة فيها ضعيفة أو موضوعة لا أصل لها، وهي ليلة ليس لها خصوصية، لا قراءة ولا صلاة خاصّة ولا جماعة... وما قاله بعض العلماء أنّ لها خصوصية فهو قولٌ ضعيفٌ، فلا يجوز أن تخصّ بشيءٍ.. هذا هو الصّواب، وبالله التوفيق. انتهى. (الفتاوى. ج.1).



مركز وذكر

حوار ... بين ... الوردة و اللؤلؤة

ذات يوم التقت وردة جميلة رائعة الجمال شذية الرائحة جذابة الألوان

بلؤلؤة لا يبدو عليها شيئاًًً من هذه الصفات فهي تعيش في قاع البحار

تعرفا على بعضهما

فقالت الوردة: عائلتنا كبيرة فمنا الورد ومنا الأزهار

ومن الصنفين أنواع كثيرة لا أستطيع أن أحصيها

يتميزون بأشكال كثيرة ولكل منها رائحة مميزة وفجأة علت الوردة مسحة حزن!!

فسألتها اللؤلؤة: ليس فيما تقولين ما يدعوا إلى الحزن فلماذا أنت كذلك؟!

ولكن بني البشر يعاملونا بإستهتار فهم يزرعوننا لا حبا لنا ولكن ليتمتعوا بنا

منظرا جميلا ورائحة شذية ثم يلقوا بنا على قارعة الطريق أو في سلة المهملات

بعد أن يأخذوا منا أعز ما نملك النظارة والعطر

تنهدت الوردة ثم قالت للؤلؤة : حدثيني عن حياتك وكيف تعيشين؟؟

وما شعورك وأنت مدفونة في قاع البحـــار

أجابت اللؤلؤة: رغم أني ليس مثل حظك في الألوان الجميلة والروائح العبقة

إلا أني غالية في نظر البشر فهم يفعلون المستحيل للحصول علي!

يشدون الرحال ويخوضون البحار ويغوصون في الأعماق ليبحثوا عني

قد تندهشين عندما أخبرك أنني كلما ابتعدت عن أعين البشر ازددت جمالا ولمعانا ويرتفع تقديرهم لي

أعيش في صدفة سميكة وأقبع في ظلمات البحار

إلا أنني سعيدة بل سعيدة جدا لأنني بعيدة عن الأيدي العابثة وثمني غالي لدى البشر

أتعلمين من هي الوردة ومن هي اللؤلؤة ؟؟

فكري

فكري

وسوف تجدين أنهما
..

..

..

.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.


الوردة هي (المرأة المتبرجة)

و اللؤلؤة هي (المرأة المتحجبة)

حكم إلقاء السلام على المرأة الأجنبية













هل يجوز طرح السلام و التحية بين الرجل و المرأة الأجنبيين؟؟؟ أعني السلام قولا ، دون مصافحة ؟؟






الإجابــة












الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فالسلام بين الرجل والمرأة الأجنبية يسن إن كانت المرأة عجوزاً أو لا يشتهى مثلها، ويجب عليها رد السلام. وأما إن كانت شابة، أو ممن يشتهى مثلها ويخشى الافتتان بها، أو يخشى افتتانها هي بمن سلم عليها فيكره إلقاء السلام عليها، وكذا رده منها. وإلى هذا ذهب جمهور أهل العلم. وقالت الشافعية: يحرم على المرأة الشابة أن ترد على من سلم عليها.
ويجوز للرجل أن يسلم على جماعة النساء، وللرجال أن يسلموا على المرأة الواحدة عند أمن الفتنة.
ومما يدل على جواز السلام على المرأة العجوز، ما رواه البخاري عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: كنا نفرح يوم الجمعة. قلت: ولم؟ قال: كانت لنا عجوز ترسل إلى بضاعة نخل بالمدينة، فتأخذ من أصول السلق فتطرحه في القدر، وتكركر (تطحن) حبات من شعير، فإذا صلينا الجمعة انصرفنا ونسلم عليها، فتقدمه إلينا فنفرح من أجله، وما كنا نقيل ولا نتعذى إلا بعد الجمعة.
ومما يدل على جواز سلام الرجل على جماعة النساء ما ورد في سنن أبي داود وابن ماجه عن أسماء بنت يزيد قالت: "مر علينا النبي صلى الله عليه وسلم في نسوة فسلم علينا". والله أعلم.

ساندويتش بيض وكوب نسكافة !




































ساندويتش بيض وكوب نسكافة !







كتبته : فجر الأمل





بسم الله الرحمن الرحيم







السلام عليكم ورحمة الله وبركاته




تمرّ على الإنسان في حياته أحيانًا أيامُّ هَمّ ..




أو لحظاتُ حُـزن ، يشكو منها قلبُه ..




وترتاعُ روحه ..




ويظلُّ الصَّبرُ الجميلُ ذخيرة ..




والثِّقة بالله وحُسن الظَّنِّ به وقودًا يسيّره وأملاً ينوِّر ظلام البؤس .







قبل ثلاث سنوات كتب اللهُ لي أن أتخرَّج مِن الجامعة ..




ولا زلت إلى اليوم أعيش نشوة ذلك العام !




ولا زلت أرى أنَّ عام 1429 هـ عامُ فرَح !







ولمَّا تخرّجت حرصت أن أتخلَّص مِن كل شيءٍ يذكّرني بالجامعة !







كانت الجامعة بالنسبة لي ذكرياتٍ مؤلِمة ..




وأيامَ شجَن ..




ودهورًا مِن الأسى !







لم أُحِبّ الجامعة منذ دخلتها .




وكانت بالنِّسبةِ لي نوع مِن التحطيم !




ولكن يسّرها الرحمن حتى أتممت الدِّراسة وأخذت شهادتي في تخصصي (الأحياء) .







لمّا تخرّجت ..




تخلّصت مِن كلِّ شيءٍ يمكِن أن يفتحَ لي بابَ ذكرياتٍ للجامعة




فتخلّصت مِن مذكّراتي الجامعيِّة ، وكل دفاتري ، وكذلك الكُتب .




وتخلّصت مِن (البالطو) الأبيض .




وجمعت ملابسي وتصدّقت بها !




لم أبقِ شيئًا يجعلني أرى الجامعة بعد التخرُّج .







كنت أعيش نشوة الفرَح بالتخلّص مِن قيدٍ ثقيل ظلَّ يلازمني سنينًا مِن حياتي .




فحاولت ألا أكدِّر فرحَي برؤية ما يذكّرني بالجامعة .







بعد ثلاث سنين ..




وقبل أشهر ، في صباحٍ جميل ..




أردت أن أتناول فطوري .







وأراد الله لي أن أتعلَّم أنَّ الإنسانَ حياةٌ متكامِلة لا يمكِن أن يجزِّئها .







صنعت لي ( ساندويتش بيض) وَ (كوب نسكافة) ..




مجرّد ما ذقت أوَّل لقمة ، حتى أصابني زلزال ذكريات !







تذكرت صباح الجامعة ..




تذكرت حين كنت أقوم في ذلك الصَّباحِ الكئيب !




لأجرَّ رِجلي بحسرة ! ثمَّ أتناول فطوري قبل أن أذهبَ للجامعة




كنت أُفطِر كلَّ صباح بِـ ( ساندويتش بيض) وَ (كوب نسكافة) .







تذكرت وقوفي على (الموقِد) لأصنع لي بيضة ! وأغرسها ! بين شريحتي خُبز ، ثمّ أصنع معها كوب نسكافة كي أصحو !







في لمحة عيْن جاءت في بالي كل صباحات الجامِعة ..




تذكرت كل تلك الكآبة !




ثمَّ تبسَّمت !







قلت :




أنَّ الإنسانَ مهما حاول أن يُخفي جزء مِن حياته فهو لا يستطيع .




نعم تمرُّ بِنا أيامُ ألَم ، وبؤس ، وحُزن ..




ولكن هل صحيحٌ أنَّ للإنسان قُدرة كي يقفِز مِن فوقها ويتخطَّاها ؟!







لم أستطِع تخطّي مرحلة ذكريات الجامعة ..




لأنني أُسأل أحيانًا عنها ..




ولأنني أحيانًا أذكُر مواقِفي فيها .




حتى مع حِرصي ، ولكن يبقى أنها مرحلة مرَّت بي لا يجِب أن أنهيها وأتخلَّص منها .







وأقول أيضًا :




أن الإنسان لا يستطيع إغفال حَدَثٍ يمرُّ به في حياته ..




ولكنه يستطيع أن يستفيدَ منه ..




يستطيع استخراج مكنونه الجميل مهما كان في طيِّه الألم .







لماذا نُصِرُّ أحيانًا أن نتصوَّر أنَّ مرحلة البلاء هي مرحلة نكَد ومرحلة لا جميل فيها ؟!




لماذا نطوي صفحة العِبَرِ في البلاء ، فنظلّ نندُب حظَّنا !







أعجبُ أحيانًا مِن بعض الكلمات تخرُج مِن الأفواه ، حين يَجزِم صاحبها أنه في بلاءٍ ما مَرَّ على أحد !




أو أنه نسي طعم الابتسامة !




أو أنَّ الفرح لحظات والحُزن أيَّام ؟!







لمَّا أسمع أنشودة تقول :




البسمة حِلم بحياتي = والضِّحك أكبر أمنياتي ؟!!







وأخرى تقول :




الحِزن همّال كما وبل السَّحايـب = والسَّعادة كِلَّها لحظة وثواني




الفرَح سطرين والعِنوة كتايب !! = يا كتابٍ للحِزن يحمل معاني







أجِد تصوير عجيب للحُزن والبلاء .




ووالله لو تأمَّل الإنسانُ في حالهِ بعين البصيرة لوجدَ أنَّ الله تعالى أعطى وأعطى وأعطى أكثر مِمَّا أُخِذ مِن الإنسان .




ولوجدَ أنَّ الله تبارك وتعالى مع شِدَّةِ البَلاء فإنَّه يُنزِل سكينته ورحماته على الرَّاضين بالله







وأنَّه تهُبَّ على أهل البلاءِ نسائم الطمأنينة ، ما يجعلهم صابرين متماسكين راضين بأقدارِ الله تعالى .







الحُزن والدَّمع والألم ..




كلها مشاعِر لا تُنكَر على أحد ، بل مَن لا يبكي فهو قاسي القلب .




ولكن لا يعني هذا أنَّ الألم كأنه كسوف كلِّي !




فيُرى الظلام في كل مكان .







بل إن البلاء مرحلة يمرُّ بها العبد حتى يتمحّص ثمّ يُجلِّي الله بلاء عبده فيعيش عنه راضٍ بإذن الله .




تمامًا مثل الذَّهب ، حين لا يخرُج صافيًا إلا بمروره على النَّار .







ومَن فطِن لسُّنةِ الله في عباده لأدركَ أنَّ البلاء رحمة وتخفيف .




وقد قال الله { وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ } لكنَّ قرر سبحانه أنها ليست لكلِّ أحد بل قال عزَّ وجلّ { فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآَيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ (156) الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آَمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }







ومَن فطِن لسُّنةِ الله في عباده لأدركَ أنَّ البلاء ليست مرحلة أبديِّة




بل هي أيام يعيشها الإنسان ثمَّ يرفعُ الله البلاء وتنجلي الغُمَّة ويفرح القلب .







ومَن تأمَّل عظيم أسماء الله تعالى وصفاتهِ لأدركَ أنَّه بين يدي معبودٍ عظيم جلَّ جلاله




له الحِكمة البالِغة وهو العليم .







*****




رسالة إلى كلِّ مَن كتب الله لها البلاء ..




لن ينجيكِ مثل الإيمان بالله والتقرُّب إليه ، والرِّضا به ، والصَّبر .




ثمَّ التأمُّل في رحماتِ الله في ثنايا البلاء .




وكم مِن طاعاتٍ لم تُستخرَج مِن أصحابها إلا ببلاء .




وكم مِن أخلاقٍ لم تُهذَّب إلا بالبلاء .




وكم مِن لِذَّة ما كانت تُنال لولا البلاء .




وقد قال أحد العارفِين بالله تبارك وتعالى : " إنه ليكون لي إلى الله حاجة؛ فأدعوه، فيقع لي من لذيذ معرفته وحلاوة مناجاته، ما لا أحب معه أن يُعجل قضاء حاجتي خشية أن تنصرف نفسي عن ذلك، لأن النفس لا تريد إلا حظها، فإذا قُضي انصرفت " .







_.:._ _.:._ _.:.__.:.__.:._







/:/ همسة طريفة /:/




إحدى قريباتي قالت لي مرّة لمَّا عرفت وجبتي الصَّباحية : فيه أحد يشرب نسكافة مع ساندويتش ؟!




النسكافة للكيف مو للساندويتشات !




قلت لها : ساندويتش ، لأني لا أحِبّ أن أُفطِر في الجامعة ..




والنسكافة كي أصحو ! لأني كنت أعاني مِن أرق شديد فكنت لا أنام إلا قبل الفجر بساعة وأحيانًا بعد الفجر ، فلا يكون حظِّي مِن النَّوم إلا ساعة أو ساعتان




فكيف أجمع بين الشِّبَعِ والاستيقاظ ؟!




فاهتديت للبيض والنسكافة !!

المتابعون

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More

 
Free Web Hosting