إرث جدتي



أتذكرها دائمًا، وهي تُتَمتم بالذِّكر صباحًا، عند شقِّ أول خيط للفجر في كَبِد السَّماء، تتقَلَّب بجانبي، وكنتُ وقتها أشعُر بالضجر، لماذا يا جدتي لا تتركينني أنام؟!



فكانتْ تدللني قائلة: ومَن سيصلِّي مع الجدة سوى حبيبتها؟!



أتذكرها، وهي تبتسم في وجْهي عند إشراقة كل صباح لتسعدني بقول: صبحك الله بالخير يا وجْه الخير.


أتذكرها، وهي تهرع إلى الوضوء، مشمرة عن ساعدَيها إذا سمعَتْ صوت الأذان، وكأنها على موعد مع الحبيب.


أتذكرها، وهي تلقنني التشهُّد الذي كان يصعب عليَّ حِفْظه في سنوات عُمري الأولى، وسورة الإخلاص.


أتذكر تلك الأمية التي تحمل لقب خبيرة في الحب، وفض منازعات الأهْل، ورسْم سياسات الصلح، وطاهية البيت الأولى، ومعلمة حصة الدين والفقه والزُّهْد.


أتذكَّر تلك الجميلة التي كانت تزْرع الوُرُود في كلِّ مكان، تذهب إليه بحلو حديثها، وإشاعة البهجة.


أتذكر حنانها الذي كان يكْفي ليفيض على البشرية أجمعها، رحم الله معلمتي الأولى وجزاها عني خير الجزاء

0 تعليقات:

إرسال تعليق

المتابعون

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More

 
Free Web Hosting