) الحلقة الثالثة ( القصة الثانية والثالثة من قصص حسن الخاتمة )



بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على رسول الله الصادق الأمين
وعلى آله وصحبه أجمعين
..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أما بعد ،،،
.. .. ..
نستكمل معا بإذن الله حلقات الدار الآخرة
وحلقة اليوم أذكر لكم فيها قصتين من حسن الخاتمة
..
وأحب أن أذكر الجميع ،، بأن الغرض من حسن الخاتمة في هذه السلسلة ،، ليس فقط الاعتبار والعظة فحسب ،
بل الوصول بالقلب والروح إلى تلمس وتخيل واستشعار مدى النعيم الأخروي ، عن طريق مشاهدة بعض آثار هذا النعيم على أجساد الموتى والمحتضرين وما يحدث لهم من كرامات.
لأن الموت أول منازل الآخرة .. فهي أول نافذة لنا على الدار الآخرة
..
وكلنا نعرف أن الموت حق وأننا ميتون لا محالة قرب الأجل أو بعد قليلا
لكن القليل فقط يحاول معرفة حال الأموات وما يشعرون به من نعيم ، أو عذاب – والعياذ بالله –
.. ..
ومن ذلك قصة الصحابي الجليل عمرو بن العاص رضي الله عنه ،،
كان عمرو بن العاص رضي اللّه عنه يقول : لوددت لو أني رأيت رجلاً لبيباً حازماً قد نزل به الموت فيخبرني عن الموت.
فلما نزل به الموت قيل له : يا أبا عبد اللّه كنت تقول أيام حياتك لوددت أني رأيت رجلاً لبيباً حازماً قد نزل به الموت يخبرني عن الموت ، وأنت ذلك الرجل اللبيب الحازم وقد نزل بك الموت فأخبرنا عنه.
فقال: أجد كأن السماوات انطبقن على الأرض وأنا بينهما ، وكأن نفسي تخرج على ثقب إبرة " .
..
وفي كتاب الترمذي كان عثمان بن عفان رضي اللّه عنه إذا وقف على قبر بكى حتى يبل لحيته ، فقيل له : تذكر الجنة والنار ولا تبكي وتبكي من هذا؟ فقال: سمعت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يقول: " القبر أول منزل من منازل الآخرة فأن نجا منه صاحبه فما بعده أيسر منه وإن لم ينج منه فما بعده أشد منه ".
.. ..
فنقول ، بأن الموت وما حوله هي أول نافذة لنا على دار نحن مقبلون عليها ، فلنحاول ولو قليلا ، معرفة حالنا واستشعار مصيرنا عندما يحين أجلنا
..
ويا أحبابي الكرام ، ما اخترت الحديث عن الجانب المشرق ، جانب النعيم والسرور ، إلا رجاء أن نكون جميعا من أهل هذه الطائفة
ولكن اللبيب العاقل ، يعلم ويفهم ، بأن هناك من هم على النقيض
وأثناء بحثي لكم عن قصص حسن الخاتمة سمعت بقصص عن سوء الخاتمة ، فماذا أقول؟!!
نسأل الله لنا ولكم السلامة والعافية
..
قصة اليوم هي قصة طويلة .. لكن أختصرها وأذكر المفيد
في هذه القصة يظهر لنا جليا كم نحن فقراء إلى الله
ولولا رحمته بنا لكنا لا نملك أن ننفع أنفسنا ولو بحسنة واحدة
لكنه بعظيم رحماته يتفضل علينا بسيل من الرحمات والحسنات حتى بعد الممات
..
هذه قصة رجل انتقل إلى رحمة الله في مدينة جدة
حضر المغسل إلى بيت الرجل
وكان الميت في غرفة على سطح المنزل
بعد تجهيز كل شيء بدأ المغسل بغسل الميت
فكان يلاحظ أن رقبة الميت أطول من المعتاد .. يعني رقبة طويلة
فيقول المغسل فاستغربت لهذا الطول
..
بعد الانتهاء من الغسل والتكفين
سأل المغسل ابن المتوفى عن كيفية موت أبيه
قال الابن : أبي كان مؤذنا لأكثر من ثلاثين سنة
وكان كل يوم يصعد قبل الفجر إلى هذه الغرفة على السطح ويقرأ القرآن
فإذا اقترب الفجر .. نزل إلينا ، وسلم علينا ثم يخرج إلى المسجد
ويوم وفاته – وكان يوم الاثنين – لم ينزل والدنا كما يفعل كل يوم
فصعدنا إليه ،
فإذا هو ممد على السرير متوجه للقبلة وقد فارق الحياة
..
يقول المغسل ، فعرفت سر طول رقبته
وتذكرت حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال معاوية رضي الله عنه : مُعَاوِيَةُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " الْمُؤَذِّنُونَ أَطْوَلُ النَّاسِ أَعْنَاقًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ".
..
فهذا الميت ظهرت عليه هذه العلامة في الدنيا ، كرامة من الله له ودليلا على حسن خاتمته ورضوان الله عليه
..
يقول المغسل :
فأخذناه إلى المسجد للصلاة عليه بعد صلاة الفجر
وكان عدد المصلين في المسجد لا يتجاوز الصف الواحد
(( وعدد المصلين غالبا قليل في صلاة الفجر ، للأسف ))
.
فيقول المغسل ، بعد الانتهاء من صلاة الفجر التفت فإذا المسجد مزدحم بالناس عن آخره
فاستغربت ، كيف حضر هذا الجم الغفير من الناس ، لدرجة أن الشارع الخارجي ازدحم من كثرة الناس
فيقول ، سبحان الله هذه الكرامة الثانية لهذا الميت
كان ينادي بالصلاة لمدة ثلاثين عاما ، فأيقظ الله الناس وانتشر خبر موته في وقت قصير فامتلأ المسجد بالمصلين عليه.
..
يقول المغسل : بصعوبة أخرجنا الجنازة من المسجد من شدة الزحام ، ثم أدخلناها السيارة ، وانطلقنا إلى المقبرة
فإذ بنا نفاجأ بعدد كبير من الناس في المقبرة
يقول المغسل : فظننت أنهم حضروا لهذا الميت ،
فقمنا بدفن الميت والدعاء له بعد الدفن .
بعد قليل رأينا الكثير من الناس المجتمعين حول ميتنا انطلقوا إلى جنازة أخرى وصلت لتوها
فعلمت أنهم إنما أتوا لتلك الجنازة
ولكن انظر إرادة الله
ميتهم صلي عليه في مسجد قريب من المقبرة ، وهذا الميت المؤذن صلي عليه في مسجد بعيد عن المقبرة
فوصلت جنازة هذا الرجل البعيد إلى المقبرة قبل القريب لأمر لا يعلمه إلا الله
فكسب هذا الميت المؤذن دعاء كل هؤلاء قبل أن يصل ميتهم ويتوجهوا إليه
فسبحان الله
هو الملك جل جلاله .. يسوق الناس من فرشهم للصلاة على هذا العبد
ويؤخر تلك الجنازة القريبة وتصل هذه الجنازة البعيدة قبلا فيكسب الميت دعوات عدد غفير من الناس.
فسبحان الله الذي يسوق الخير إلى من شاء سوقا بلا قدرة منهم ولا طاقة
..
وهذا يحدث كثيرا في أماكن كثيرة
تجد ميتا يصلي عليه الجم الغفير
وتجد ميتا في نفس المكان والزمان ولا يصلي عليه إلا العشرات أو المئات
ورأيت هذا يحدث في الحرم المكي .. فبعد كل صلاة تقريبا عندنا صلاة على الأموات
بعد الانتهاء من الصلاة على الأموات ، ينصرف الإمام ،
فإذا حضرت جنازة ولو بعد دقائق ، فإن الإمام يكون قد انصرف ، فيضعون ميتهم في المطاف ، ويصلي عليه أحدهم ، ويصلي خلفه بعض من شاهد الجنازة ، ربما مئات أو نحو ذلك.
..
فسبحان الله ،، هذا ميت يصلي عليه الحرم بأسره ،، وميت آخر لتأخره دقائق ،، يصلي عليه بضع مئات فقط
فمن يملك هذا الأمر؟!!
وكم نحن بحاجة إلى أن يصلي علينا الملايين ، فهل نضمن ذلك لأنفسنا؟!
لا ، إلا أن يهيأ لنا ربنا ذلك ،
فلعل تأخير دقائق فقط تكون سببا في حرمان البعض من ملايين الدعوات والحسنات
..
وكم من مرة أكون في الحرم ، فينادى بالصلاة على الأموات ، فنصلي عليهم
ثم بعد الصلاة
أرى جنازة داخلة لتوها
فأدعو وأدعو وأدعو
وأقول يارب يتأخر الإمام قليلا ، يا رب لا ينصرف الإمام ، يا رب يجلس الإمام قليلا حتى تصل الجنازة
فأظل محبوسا الأنفاس حتى أسمع المؤذن يقول
الصلاة على الميت يرحمكم الله
فأطير فرحا ،، وأقول الحمد لله أنه أدرك الإمام قبل الانصراف ، حتى يصلي عليه جميع من في الحرم
أتعلمون .. ربما دقيقة أو أقل تكون كافية لأن لا يصلى على هذا الميت جماعة
لكن ربك يلطف بمن يشاء
فكمن نحن فقراء إلى ربنا
وكم هو سبحانه يسوق لنا الحسنات والدعوات لكي يرحمنا ويرفعنا ويزيدنا نعيما
..
في ختام القصة .. أقول لكم
تخيلوا ربا يفعل كل هذا بعبد من عبيده وهو عنه غني سبحانه
يكرمه ويسوق له المصلين ويكثر عدد الداعين ،
تخيلوا كيف يصنع بهذا العبد وهو عنده وروحه قد صارت إليه
الله أكبر .. يتملكني الآن هيبة لجلال الموقع العظيم
فلا إله إلا الله والله أكبر.
.. .. ..
..
القصة الثانية أقصها باختصار
أُستدعي الشيخ المغسل لزيارة أحد المرضى وهو مصاب بسرطان الرئة – عافانا الله وإياكم والمسلمين –
فلما وقف عليه وجده رجلا أنهكه المرض ولم يبق منه إلا جلد على عظم ، ودخلت خدوده إلى داخل فمه من شدة الذوبان وهزالة الجسم
المهم .. هذا الميت مات بعد يوم
بعد أن غسلوه وكفنوه .. وهو من مدينة جدة
أرادوا أن يدفنوه في مكة المكرمة
فانطلقوا إلى مكة ، والشيخ راكب معهم في السيارة بجوار الميت
في أثناء الطريق ..
ومع اهتزاز السيارة .. نزفت جراح الميت
وطفح الدم .. فقال الشيخ المغسل .. لا بد من الذهاب إلى مغسلة الأموات في مكة لإعادة غسل وتكفين الميت .. لأنهم لن يستطيعوا إدخال الميت إلى الحرم المكي بهذه الحالة
وعندما فتحوا كفن الميت .. ماذا رأوا ؟!!
سبحان الله .. وكأن الله سبب هذه الأسباب حتى يفتحوا الكفن فيروا ما أنعم الله على الميت من الكرامة
رأوه كأنه شاب في كامل صحته وعافيته
ورأوا جسمه الهزيل المتهالك قد امتلأ لحما ونضارة
ورأوا خدوده التي غاصت في فمه .. رأوا الخدود كخدود العروس تتلألأ
والوجه مشرق ..
فلا إله إلا الله
لم يصدقوا أن هذا هو ميتهم .. كيف .. متى ..
فسبحان الله .. أنظروا كيف ظهرت علامات النعيم الأخروي على جسده . فأين تكون روحه قد وصلت!!
هذا الجسد قد تتلألأ بالنعيم وهو جسد فاني ، فما ظنكم بروحه!!
يكاد العقل أن يعجز عن الإبحار في بحور الخيال ، لعجز الخيال عن مواصلة الإبحار
..
لكني أأكد لكم .. بأنه نعيم ما مثله نعيم .. إي ورب الكعبة
.. .. ..
وإذا كان موت أوله نداء كريم من ملك كريم بقوله (( يا أيتها النفس المطمئنة ))
فأي طمأنينة أكبر وأحلى من طمأنينة الموت إذاً .. ونعم المرقد والله ،، نعم المرقد والله لمن فاز.
اللهم اجعل من الفائزين . آمين.
..
وأذكر لكم هنا ،، خبرين جميلين رقيقين
لا تعليق لي عليهما .. بل يحتاج لإغماض العينين .. ثم الإبحار في محبة الله تعالى والشوق إليه .
..
1- قال سعيد بن زايد: قرأ رجل عند النبي صلى الله عليه وسلم " يا أيتها النفس المطمئنة "، فقال أبو بكر: ما أحسن هذا يا رسول الله ! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: [ إن المَلَكَ سيقولها لك يا أبا بكر ].
..
الله .. الله .. إن الملَك سيقولها لك يا أبا بكر .. وأسال الله أن يقولها لنا أيضا برحمة الرحمن الرحيم جل جلاله. آمين .
..
2- قال سعيد بن جبير: مات ابن عباس بالطائف، فجاء طائر لم ير على خلقته طائر قط، فدخل نعشه، ثم لم ير خارجا منه،
فلما دفن تليت هذه الآية على شفير القبر - لا يدري من تلاها -:
" يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية ".
.. .. ..
أي حفاوة من رب كريم بعبيده !!..
لا إله إلا الله.
.. .. ..
اللهم إنا نسألك حسن الحياة وحسن الممات وحسن الوقوف بين يديك يوم أن نلقك برحمتك يا أرحم الراحمين
آمين
..
أحبابي الكرام
أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه
....
لا تنسوني من الدعاء باليسر والخير والفرج والرحمة والمغفرة
..
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب غليك
..
سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين
والحمد لله رب العالمين
..
في أمان الله
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته


محبكم.


نعمة الموت والله راض عنك



0 تعليقات:

إرسال تعليق

المتابعون

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More

 
Free Web Hosting