توقفنا في اخر مشاركة




توقفنا في اخر مشاركة عند أسرار و لطائف التوبة و وصلنا ان منها :

أن بالتوبة يكمل للعبد مراتب الذل و الخضوع و الانكسار بين يدي الله و الافتقار اليه و مراتب الذل أربعة :

المرتبة الأولي :مشتركة بين الخلق و هي ذل الحاجة و الفقر إلي الله ؛ فأهل السماوات و الارض جميعا محتاجون إليه فقراء إليه و هو وحده الغني عنهم .

المرتبة الثانية : ذل الطاعة و العبودية ؛ و هو ذل الاختيار وهذا خاص بأهل طاعته و هو سر العبودية .

المرتبة الثالثة : ذل المحبة فإن المحب ذليل بالذات و علي قدر محبته له يكون ذله كما قيل :
مساكين أهل الحب حتي قبورهم
عـلـيها تراب الذل بـين المـقابــر

المرتبة الرابعة : ذل المعصية و الجناية :

** فإذا اجتمعت هذه المراتب الاربع كان الذل لله و الخضوع له أكمل و أتم إذ يذل له خوفا و خشية و محبة و إنابة و طاعة وفقرا و فاقة .

*** فإذا فرضت أن المعصية و الخطيئة منتفية عن العالم فلمن يغفر و عمن يعفو و علي من يتوب و يحلم ؛ و إذا فرضت الفاقات كلها قد سدت و العبيد أغنياء معافون فأين السؤال و التضرع و الابتهال و الاجابة و شهود الفضل و المنة و التخصيص بالانعام و الاكرام ؛ فسبحان من تعرف إلي خلقه بجميع أنواع التعرفات و دلهم عليه ( ليهلك من هلك عن بينة و يحيي من حي عن بينة و إن الله لسميع عليم ) " الانفال: آية 42"

** و قد بين النبي صلي الله عليه و سلم محبة الرب جل و علا للتوبة فإن الله يحب التوابين و يحب المتطهرين ؛ فأوجبت هذه المحبة فرحا كأعظم ما يقدر من الفرح ؛ و لو كان في الفرح المشهود في هذا العام نوع أعظم من فرحة هذا الواجد لمادة حياته وبلاغه في سفره بعد إياسه من أسباب الحياة بفقده راحلته و هذا كشدة محبته لتوبة التائب المحب إذا اشتدت محبته للشئ و غاب عنه ثم وجده وصار طوع يده فلا فرحة أعظم من فرحته به .

** فما الظن بمحبوب لك تحبه حبا شديدا أسره عدوك و حال بينك و بينه و أنت تعلم أن العدو سيسومه سوء العذاب ويعرضه لأنواع الهلاك ؛ و أنت أولي به منه ؛ وهو غرسك و تولي تربيتك ؛ ثم إنه انفلت من عدوه و وافاك علي غير ميعاد ؛ فلم يفجأك إلا و هو علي بابك يتملقك و يترضاك و يستعينك و يمرغ خديه علي تراب أعتابك ؛ فكيف يكون فرحك به و قد أختصصته لنفسك و رضيته لقربك و آثرته علي سواه .

هذا و لست الذي أوجدته و خلقته و أسبغت عليه نعمك و الله عز وجل هو الذي أوجد عبده و خلقه و كونه و اسبع عليه نعمه و هو يحب أن يتمها عليه فيصير مظهرا لنعمه قابلا لها شاكرا لها محبا لوليها و مطيعا له عابدا معاديا لعدوه و مبغضا له .

*** و في التوبة من ذلك أوفر نصيب ؛ فكانت بذلك التوبة من أحب العبادات الي الله تعالي ؛ نسأل الله أن يرزقنا توبة نصوحا .

يتبع ...

0 تعليقات:

إرسال تعليق

المتابعون

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More

 
Free Web Hosting