أسرار التوبة و لطائفها







** أسرار التوبة و لطائفها **



اعلم أن صاحب البصيرة إذا صدرت منه خطيئة فله نظر إلي ثلاثة أمور :


أحدها : أن ينظر إلي أمر الله ونهيه فيحدث له ذلك الاعتراف بكونها خطيئة و الإقرار علي النفس بالذنب .


الثاني : أن ينظر إلي الوعد و الوعيد فيحدث له ذلك خوفا وخشية يحمله علي التوبة .


الثالث : أن ينظر إلي تمكين الله له منها و تخليته بينه و بينها و تقديرها عليه و أنه لو شاء لعصمه منها ؛ فيحدث له ذلك أنواع من المعرفة بالله و أسمائه و صفاته و حكمته و رحمته و حلمه و كرمه ؛ و توجب له هذه المعرفة عبودية بهذه الأسماء لا تحصل بذون لوازمها ألبته ؛ و يعلم ارتباط الخلق و الامر و الجزاء و الوعد و الوعيد بأسمائه و صفاته و أن ذلك موجب الاسماء و الصفات و أثرها في الوجود ؛ و أن كل اسم وصفة مقتض لأثره و موجبه متعلق به لابد منه .


* هذا المشهد بأسمائه يطلعه علي رياض مونقه من المعارف و الايمان و أسرار القدر والحكمة يضيق عن التعبير عنها نطاق الكلم .


** فمنها : أن يعرف عزة الله في قضائه و هو أنه سبحانه العزيز الذي يقضي بما يشاء و أنه لكمال عزته حكم علي العبد و قضي عليه بأن قلب قلبه و صرف إرادته علي ما يشاء ؛ وحال بين العبد و جعله مريدا شائيا لما شاء فيه العزيز الحكيم ؛ وهذا من كمال العزة إذ لا يقدر علي ذلك إلا الله ؛ وغاية المخلوق أن يتصرف في بدنك و ظاهرك و أما جعلك مريدا شائيا لما يشاؤه منك و يريده فلا يقدر عليه إلا ذو العزة الباهرة ؛ فإذا عرف العبد عز سيده و لاحظه بقلبه و تمكن شهوده منه كان الاشتغال به عن ذل المعصية أولي به و أنفع له ؛ لأنه يصير مع الله لا مع نفسه .


- و من معرفة عزته في قضائه : أن يعرف أنه مدبر مقهور ناصيه بيد غيره لا عصمه له إلا بعصمته ولا توفيق له إلا بمعونته فهو ذليل حقير في قبضة عزيز حميد .


- و من شهود عزته ايضا في قضائه : أن يشهد أن الكمال والحمد و الغناء التام و العزة كلها لله و أن العبد نفسه أولي بالتقصير والذم والعيب والظلم والحاجة و كلما ازداد لذله و نقصة وعيبه و فقره ازداد شهوده لعزة الله وكماله و حمده و غناه و كذلك بالعكس فنقص الذنب و ذلته يطلعه علي مشهد العزة .



يتبع....

1 تعليقات:

غير معرف يقول...

وجازاك الله خيرا على تناولك موضوع التّوبة .

إرسال تعليق

المتابعون

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More

 
Free Web Hosting