اللهمّ اقسم لنا من خشيتك



بسم الله الرّحمن الرّحيم الحمد لله وحده والصّلاة والسّلام على من لا نبيّ بعده

اللهمّ اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معصيتك ومن طاعتك ما تبلغنا به جنّتك ومن اليقين ما تهوّن به علينا مصائب الدّنيا
اللهمّ إنّا نسألك من الجنّة و اللهمّ إنّا نعوذ بك من النّار

ما ينتظر الإنسان مباشرة بعد الموت وإلى الأبد ليس هيّنا وفوق كلّ تصوّر... كلّ الصّور والمناظر والمواقف التي تعرض لنا في كتاب الله وفي سنّة رسول الله تؤكّد دون أدنى أيّ شكّ أنّ ما سيعشه كلّ واحد منّا غير متوقّع من حيث الأحاسيس والمشاعر ...
لا المكان ولا الزّمان ولا المشاهد تشبه ما نعيشه في هذه الحياة الدّنيا وهذا بشهود :
سيصيبنا دون شك ذهول في المكان :
يقول تعالى : يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُواْ للّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (48ابراهيم )

وذهول في الزّمان فنجد في سورة المؤمنون
قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ (112)
قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلْ الْعَادِّينَ (113)
قَالَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا لَّوْ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (114)

و يقول تعالى في سورة يونس : وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَن لَّمْ يَلْبَثُواْ إِلاَّ سَاعَةً مِّنَ النَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِلِقَاء اللّهِ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ (45)

أَيْ يَعْرِف الْأَبْنَاء وَالْآبَاء وَالْقَرَابَات بَعْضهمْ لِبَعْضِ كَمَا كَانُوا فِي الدُّنْيَا وَلَكِنْ كُلّ مَشْغُول بِنَفْسِهِ !
وهنا أيضا ذهول في الأشخاص وخاصّة أقرب النّاس الذين قد يمثّلون يومها خيطا يتمسّك به كلّ واحد ليستأنس به في خضمّ ما يستغرب وينذهل له من مشاهد ولكن هيهات حتّى هذا الخيط لا ينفع !
يوم يفرّ المرء من أخيه وأمّه وأبيه وصاحبته وبنيه...
يالها من وحشة ويالها من حيرة وياله من ذهول...

الكلام كثير ولا يتوقّف وآيات الله وأحاديث رسول الله الصّحيحة المتواترة وما تصوره لنا من مشاهد لن يقدر أفضل مخرج سينيمائيّ على وجهه الأرض إخراجها في فيلم لأنّها زاخرة بأحداث غير مألوفة ولا يستطيع عقلنا الضعيف تخيّلها...

فقط حقيقة واحدة وحيدة هي التي ستعطينا شعور الاستئناس في هذه المواقف الرّهيبة الموحشة هي :الله خالقنا وبارئنا الذي جاهدنا ونجاهد وسنجاهد بإذن الله قلوبنا وعقولنا أن نعرفه بل نتعرّف عليه...نحسّ به برحمته...نسجد له ونبكي لذكره...نتحسّر بمجرّد الغفلة عنه وعن أوامره ونواهيه...أنت بهذا غريب عن النّاس في هذه الدّنيا لا تستأنس إلاّ بخالقك فوق الاستئناس بهم ولا تطمئنّ إلاّ بخلوتك مع ربّك وفيما سوى ذلك مشقّة ومكابدة لمشاغل الدّنيا... إن تحقّق هذا وشعرنا به فعليّا سيكون هذا الاستئناس صاحبنا يوم الأهوال... سنبكي فرحا كما كنّا نبكي رجاء وأملا في الحياة الدّنيا بمجرّد أن نلاقي ربّنا...يومها ليس نحن من نقول بل ربّنا هو من يقول : يا عبادي لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون !

0 تعليقات:

إرسال تعليق

المتابعون

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More

 
Free Web Hosting