اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة (أبو زياد) كلام خاص للأخت ألفة.. أختي الفاضلة ألفة.. من أول يوم و أنا أريد أن أطلب منك طلبا.. و متردد.. و الجو الايماني هذه الأيام جعلني أتجرأ على الطلب.. أختي هل بمكن أن تقي علينا قصة اسلامك (بالتفصيل).. والله أختي ما تجرأت الا لأني أعرف أنك ستكونين قدوة للكثيرين.. و أننا سنستفيد كثيرا.. و أن قصتك من أجمل القصص التي أثرت فيا.. فلم نحرم البقية من هذه الشحنة؟ أحترم رئيك في حالة عدم الموافقة.. لكن لو وافقت.. سأكون سعيدا و ممتنا.. و ستثقلين ميزان حسناتك ان شاء الله.. |
أخي معز،
طلبك مستجاب يا أخي ". تذكرت أنه عندما كتب يعقوب رحمه الله قصته، كنت سأكتب قصتي أيضا ثم عدلت.
لمن لا يعرفني، نشأت في عائلة يهودية، من أم يهودية و اب مسلم لم أعرفه إلى أن بلغت سن ال17. إنفصل أبواي و عمري سنتين. بالنسبة لليهود، يجب أن تكون الأم يهودية كي يكون الطفل يهوديا و لو أن الأب يهودي و الأم لا، فالطفل ليس يهوديا. نشأت إذا عند أمي و بيت جدي و أنا على اليهودية و لي أخت أكبر مني. ثم تزوجت أمي و كان عمري 3 سنوات و أختى الكبرى 4 سنوات و نصف. وعيت على زوج أمي على أنه أبي، بابا جورج، أرمني مسيحي، يحبنا أنا و أختي مثل بناته و يخشى الله فينا خوفا رهيبا. حتى أن إبنه رحيل كان هو من يعاقب كي لا نعاقب نحن. كبرت أنا و أختي الكبرى على اليهودية، و رحيل، أخي، على المسيحية و كبرت على أننا إخوة و أن ذلك ابي و أن تلك أمي و أن الله واحد للجميع. كبرت و ترعرعت في ربوع لبنان حيث كان بابا جورج يعمل (مثل معظم الأرمنيين) و بقيت هناك حتى سن ال17 سنة تقريبا تعرفت فيها على أحد المجاهدين في التراب اللبناني، مسلم إسمه محمد، خطبني من أهلي و أصبح أحب أصدقاء أخي.
لم يكن محمد يضغط علي في أي شيء، و كان يحول نقاشاتنا إلى شيء ممتع، لم تكن تحتد مهما قلنا. و كان يركز على السلوك و الأخلاقيات و هي شيء مشترك تقريبا بين كل الأديان إلى أن تطورت حواراتنا إلى أعمق من ناحية الدين. كنت مقتنعة جدا باليهودية و لكن لا يمنع أن أشياء في داخلي تقول لي ذلك خطأ، أنني لا أعيش لأذهب هباء (مسألة الآخرة التي لا توجد عند اليهود - الجنة و النار التي لا يؤمن بها إلا القلة القليلة و نقول عنها عادة أنها أفكار إنجيلية). كان محمد يعيد دائما على مسمعي أننا وجهين لعملة واحدة و أننا نقيم نفس الدين و أن الدين واحد و أني مسلمة لو اني أؤمن بالكل و لكني أجزأ هذا لي و هذا لكم و كنت أكابر و اقول لهم ألم يقل القرآن الكريم "لكم دينهم و لي ديني" إذا لي ديني و لسنا واحدا و لا يمكن أن نكون عملة واحدة... و كان يصبر و يقول لي أنه يصبر لأنه يحب الله و أن الله يحبه و يحبني و أن محبة الله تشملني إن فتحت قلبي لأحسها و أقدر عظمته و نعمه علي.
في يوم من الأيام، أصبت بحادث خطير جعلني طريحة الفراش. كنت أغمض عيني و أفيق فأجد محمد في قاع الغرفة يصلي و يقرأ القرآن و يدعو و يبكي و يتضرّع لله. و كان بابا جورج في الجهة الأخرى يقرأ لي الأناجيل و يرتل و يدعو. أذكر أن محمد ما إن أحس أني أفقت حتى أتاني بسرعة ليقول لي "لا تموتي قبل ما تنطقي الشهادة، مشان خاطري بس ما تموتي قبل ما تقوليها" و يعود للصلاة و الدعاء طالبا لي الهداية. أذكر أنني فتحت عيني و كنت واعية جدا حينها و كان قد رآني فتحت عيني و بدأ يقرأ القرآن بصوت عال : "سورة الدخان". بقيت أسمعه بانتباه و كان يقرأ الهوينى و العربية عندي جدية جدا يعني أني فهمته مباشرة. و كان يتوقف من الحين للحين كي يرى إن كنت أتابعه و كي يرتاح لأنه كان منفعلا جدا و كان يبكي. سمعت السورة كاملة حينها و إنتهى الأمر عند ذلك و من ألطاف الله أني لم أمت في تلك الحادثة.
و تواصلت الحياة عادية، محمد يعلمني و أعلمه و نتفق و نواصل مثل حصص التنمية الذاتية و من جملة ما طلب مني أنه لو لم يعد في يوم ما أن أقرا له كل يوم القرآن و لمدة 15 دقيقة فقط. علمني كيفية الوضوء و كتبه لي في ورقة و أهداني القرآن و فسر لي ما يجب أن ألبس كي يناله الثواب و ما إليه. و حصل الأمر، إختفى محمد في غضون 2004، دون أن أعرف إن مات أو بقي حيا و محتجزا. و كنت عند وعدي، قرأت الفرآن كما طلب مني بعد الوضوء و اللباس و الخشوع و بعض ما علمه لي من التجويد كي أقرأ بشكل صحيح. بدأت أقرأ بشكل غير معمق في البداية لانشغال فكري أولا و أيضا لأن الأمر كان وعدا أكثر منه إكتشافا لنص الإسلام. حدثت لي في الإثناء بعض الأحداث سأحكيها قبل أن أواصل:
و الحدث الأول المهم في حياتي هي صديقة لي في حياتي إسمها ريما و هي إبنة يعقوب رحمه الله (من العائلة الموسعة). لم يكن لدي الكثير من الأصدقاء. كان لي عالم صغير و ضيق و مغلق، يسع عائلتي لا أكثر و لا اقل (علاقاتنا في العائلة متينة جدا). ريما، إبنة يعقوب كانت مسلمة، و قد أرسلها يعقوب للبنان كي تبقى عندنا مدة. كنت أكبرها بسنة و نصف أي أن فارق السن لم يكن كبيرا كما أنها أصبحت معي في غرفتي. و بالتالي أصبحنا صديقتين بسرعة و تحاببنا في الله. كان أسعد الناس بذلك محمد حيث أنه في النهاية، هناك على الأقل "نفس مسلم" كما يقول، في البيت. كان يتواصل معها و يعلمها بما أنهما يتفقان. و الفضول و الغيرة جعلتاني أتابع الدروس و الحلقات و ما يعلمها و يريها. و بالتالي تعرفت أكثر و عن كثب عن الإسلام.
و الحدث الثاني كان عندما ذهبت للدراسة في فرنسا، كانت من تشاطرني منزلي صديقة لي إيطالية مسيحية و قد واضبت على قراءة الربع ساعة من القرآن. فطلبت مني أن أدخلها الجامع لأنها لا تجرأ على الذهاب وحدها. وافقت، و ما اليوم الذي إختارته : الجمعة لأنها تعود لإيطاليا في نهاية كل أسبوع. إتفقت معها أن نذهب بعد الصلاة لأن المسالة ليست مسرحا للفرجة و لا يجب أن نزعج أحدا فلا يجوز أن تصلي الناس و نحن نتجوّل لنتفرّج. ذهبنا بعد صلاة العصر، أدخلتها لمكان الوضوء و طلبت منها أن تتوضأ و فعلت أيضا. و من ثم دخلنا الجامع و لم أكن في حياتي قد دخلت جامعا في حياتي قبل ذلك الحين. كنت أعلم أن المسلمين لا يصلون بأحذيتهم و لكن لم يخطر ببالي أنه يجب نزع الأحذية قبل الدخول للفناء أصلا. فقد كنا بأحذيتنا في صدر الجامع و لم يكلمنا أحد قلم أتوقع أن ننزع الأحذية في الداخل. تصورت أن الأحذية تنزع عند الصلاة. و بالنالي دخلت أنا و كريستينا (صديقتي الإيطالية) بأحذيتنا في فناء الجامع. و هنا كان الخطأ!!!!!!!!
وجدت سيدة أشارت لنا بيدها أن نخرج. تملكني الخوف، ماذا ؟ هل يظهر أننا لسنا مسلمتين. ما الخطأ؟ هل تظهر نجمة داوود في رقبتي؟ لا لا تظهر. تملكني خوف رهيب فأنا أعرف أنه يُغفر للمسيحية و لن يغفر لي!!!! خرجنا و كنا قد بدأنا بالإبتعاد أصلا عندما خرجت السيدة وراءنا و نادتنا بالفرنسية " يا أهل الكتاب، تعالا" مصيبة !!!! "يا أهل الكتاب"!! و أنا من أردت أن أدخل بصمت و أخرج بصمت. عدنا إليها فقالت لنا أن ندخل و أشارت إلينا أن لا نلمس القرآن و أن لا نمر أمام مصل و أن لا نرفع أصواتنا و أن نجلس في آخر المسجد. ففعلنا. أنهى الجميع صلاة جماعية إصطفوا فيها في الأمام متزاحمين و بحركة واحدة. قم لما أنهوا أتت السيدة و كانت مغربية. جلست أمامنا و أعطتنا الشاي (يحملون معهم الشاي و الطعام في مسجد باريس كل يوم جمعة أي أن المسجد مكان إجتماعي، و هم يعطون لعابري السبيل) و لم تسألنا عن دياناتنا و الحمد لله. و كان لكريستيانا بعض الأسئلة عن المواقع : لماذا أنتم مزدحمون و الفناء واسع؟ لماذا نجت في الخلف و أنتم ذهبتهم للأمام؟ فأجابتها السيدة المغربية : نحن نزدحم كي نكون معا فالصلاة جماعية و إلا فليبقى كل منا في بيته و نحن نذهب للأمام لأننا أقرب إلى الله و أيضا كي لا يمر أماننا أحد و ايضا كي يجد من يأتي متأخرا المكان فيذهب تلقائيا إلى الأمام ليتركك المكان للذي بعده : المسألة تنظيمية.
أذكر أن كريستيانا إبتسمت و قالت : صحيح أن الإسلام فيه كل شيء. هذا المثل البسيط يعني أنكم تلتزمون بالصف في أعمالكم و الأكيد أنكم تركبون الحافلات بشكل منظم كي تتركوا المجال لمن يركب بعدكم. ضحكت لأني أعرف واقع الحال عندنا و لكني أذكر أني قلت لنفسي : ما تقوله كريستيانا صحيح، فلا يجب الحكم على الإسلام في تطبيق بعض أصحابه و لكن كي أعرف يجب أن أدرسه.
و بعدها لم أعد أقرأ القرآن لمجرد الوفاء بوعدي، قرأته بتمعّن و عدت من البداية و صرت أبحث عن التفاسير و افسر و افهم و أقابل الأئمة و اسأل. و إقتنعت بالإعجاز العلمي دون شكوك، ثم تفكرت "أتؤمنون ببعض الكتاب و تكفرون ببعض" فتعمقت أكثر كي لا أقول أني أحب الجانب العلمي و لكني لا أرى ماذا أيضا في الكتاب من نواحي أخرى. فتعمقت أكثر كي أكتشف حلاوة اللغة العربية و بلاغتها (اللغة العربية ليست لغتي الأم، و هي لغتي الرابعة في الأصل) وواصلت إلى أن بدأت قراءة سورة الدخان. هذه السورة أبكتني و جعلتني طريحة الفراش مرة أخرى و كأنني مصابة من جديد. الأكيد أن قناعتي تضخمت من سورة إلى أخرى و كانت هذه السورة هي التي كانت الفصل. ماالذي جاء فيها؟ لا أدري كيف أشرحه و لكني أحييت أنها تخاطبني و أن ما ترويه له صدى لدي. كيف سأفسر ذلك؟ تتحدث عن الرحمة و المغفرة و عن العقاب و الثواب و عن موسى و عن سيدنا محمد عليه الصلاة و السلام و ما قيل فيه. أحسست بالجهل. فيما أكابر؟ هل أنا أعرف شيئا عن الإسلام و نبي الإسلام عدا ما أراه من حولي؟ هل إستعملت عقلي و هو مطلوب كي أميز و أختار؟ أم أني نشأت على اليهودية فضللت كما أنا لا أكثر و لا أقل؟ ما الذي أفعله غير أني أقول أنه معلّم مجنون ؟ وجدت بكل ببساطة أنني طاغية و أنني مستكبرة و انني و أنني... في لحظة مر بخاطري معنى الإسلام، المعنى اللغوي. و الله كم كان ما اكتشفته رائعا رغم بساطته كمن ينفض غبار سنين طويلة من التعليم الديني القاسي. تحررت فعلا في لحظة لا أدري كيف أصفها.
علمت فيما بعد أن القرآن لا يقبل من غير المسلمين و أن طلب محمد كان فقط كي لا أتوه عن القرآن !!!
هذا ما ورد في بالي الآن إجمالا و هي أحداث متفرقة ساهمت كلها. الحمد لله على ما أعطى، له الحمد على كل نعمه.
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
0 تعليقات:
إرسال تعليق