قصة اسلام الاخت الفة 2

بالنسبة لردود الافعال تغيرت من شخص لآخر. أعلنت إسلامي مجبرة في رمضان. أقول مجبرة لأني لو إستطعت أن لا أعلنه لفعلت. و لكن في رمضان، ما باليد حيلة. كان قد مر على إسلامي بعض شهور و الوحيد الذي يعلم بالأمر كان يعقوب. لا أقول أنه كان يوافقني أو أنه لم يحاول أن يجعلني أعدل عن الأمر و لكنه لم يغضب و لا أخبر العائلة و ما إليه. و الواقع أنه لا يريد أن يعيد ما فعل مع ابنته ريما (ريما كانت مسلمة و لم يعد يطيقها فأرسلها للبنان عندنا حيث ماتت دون أن يراها و كانت أكبر لوعه في حياته). بالنسبة ليعقوب كنت مثل إبنته لذلك لم يشأ أن يجعل الغضب يعميه. فكان ينصحني فقط. ثم علم رحيل أخي.

أخي راهب كنيسة و له مكانته و قد أعلمته عن طريق الإعترافات في الكنيسة بحيث أنه مجبر على أن لا يفشي سرا. و بالتالي ضمنت أنه لن يتكلم أبدا كي لا يخرق قاعدة الصمت في الإعترافات للرهبان. ثم أعلمت زوجة رحيل و في الواقع هي لم تمسني بضر و لكنها أبعدت أطفالهما عني كي لا أعلمهما شيئا. من هنا بدأت تظهر ردود الفعل. ثم جاء أول رمضان و إضطررت للقول. فلنا عادة في المنزل ان نجلس معا للطاولة على الساعة الواحدة بعد الظهر دون تأخير. جمعت العائلة و قلت لهم دفعة واحدة. أختي الكبرى سكتت و لم تقل غير "أنت حرة"، الصغرى أيضا. بابا جورج هو الوحيد الذي شجعني "و ما الضرر في ذلك؟ أنت ستضلين إبنتي في كل الأحوال و افضل أن يكون صغيري في ديانة توحيدية على أن يكون وثنيا أو متعدد الآلهة أو ملحدا، فالله يغفر كل شيء ما عدا الشرك له" (بابا جورج رائع بأتم معنى الكلمة). رحيل و زوجته سكتا لأنهما يعرفان مسبقا و الرد الأقسى الذي لم أتصوره أتاني من أمي. لم أتوقعه لأنه ببساطة عائلة أمي متكونة من يهود و مسلمين و لا أحد يعترض سبيل الآخر و كلنا نعيش سالمين. لي خالتان مسلمتان أسلمتا بعد زواجهما من مسلمين و لي خال مسلم، أسلم من أجل زوجته التي أرادها و كانت مسلمة، و هو الآن مقتنع و يعلمها أكثر مما تعلمه. فلم أتوقع أن يجن جنون أمي و لكني فهمت لاحقا. فأخوتي لم يكن ردهم قاسيا لأنه في كل الأحوال نحن أنداد و كذلك كانت أمي لإخوتها أما أن تكون إبنتها فالأمر يختلف.

غضبت أمي و بكت و صرحت و إستحلفتني أن أفكر مرة أخرى في الأمر و كانت كل السبل ناجعة لديها : ماذا سأقول لطائفتي؟ ايقولون أني لم اتمكن من تربية بناتي (و كأني أتيت فعلا منكرا)؟ راجعي الأمر، أعتقد أنه من فعل صدمة فقدك لمحمد (كان محمد قد إختفى حينها ببعض أسابيع)...

و كان رمضان سيبدأ في نفس الأسبوع و في قرابة منتصفه طفق الكيل بأمي فأصرت على أن لا تأكل حتى تموت أو أن أعدل عما أنا فيه و آكل. و إستغللت في هذا جهلها بالإسلام كي آكل في الايام المتاحة و أقول لها " خلاص، أنا آكل" كي تأكل. ثم فاض يها الكيل في نهاية رمضان عندما لبست الحجاب (مع العلم أني كنت ألبس حجابا، ليس إسلاميا و لكني لم أكن أبدا سافرة، و لكن الحجاب الإسلامي أثارها). قطّعت حجابي و في النهاية طردتني من البيت. ذهبت عند أخي في منزله، و إستقبلني طبعا بلا تردد رغم أنه يعارض إسلامي و لكنه بطبعه حنون، و كان أن هدّأ أمي و لم يعجبه أن تفعل ذلك فماذا لو أنه ليس لي أخ ألجأ إليه أو أنه هو طردني و الآخرون؟ كان يقول لها : هي لا تعمل و ليست متزوجة، هل ستجبرينها على الوقوف على ناصية الشوارع؟ لا يجب معالجة الخطأ بالخطأ (كان يرى أن إسلامي خطأ و لكن لا يجب معالجة الأمر بتلك الطريقة)

عدت للمنزل و بدأت الحرب الباردة. كان رحيل مقتنع أنني أسلمت من صدمتي باختفاء محمد و ذلك ما أقنع به أمي. أسلمت بعد أن إختفى محمد و ليس قبله. و بدأ العمل على زعزعتي، و إنهالت علي الأسئلة. رحيل كان مطلعا جدا على الأديان بحكم أنه راهب كنيسة و له دراسة دكتوراه عن المسيح عيسى بن مريم في القرآن. أي أنه قرأ القرآن آلاف المرات. و كل ما أقوم به خطأ، و كل ما أفعله سيئ و أنظري المسلمين، هل بعد كل دراستك و أصلك السامي، أنت تريدين أن تصبحي شيئا لا قيمة يوضع في أحجبة و قماش و يوارى عن العيون و لا يقول رأيه كي لا يسمع صوته لأنه عورة؟ أبعد كل سنين تعليمك و كل ما قدمته عائلتك، رخصت نفسك لهذه الدرجة؟ لم يكن يدافع عني سوى يعقوب (أحيانا، ليس كل الأوقات فأحيانا يطرح علي أسئلة و لكن ليس بهدف تعجيزي، فقط أنه لا يفهم و يستفسر مني) و بابا جورج الذي لم يجد ما يفعله من أجلي سوى أن يجعلني أنخرط في بعض النشاطات خارج المنزل كي لا أكون في صراع دائم مع من فيه و كان الوحيد الذي يجالسني ساعات كي يسمع مني (أبي رجل كبير، و لا يتحدث كثيرا و له طاقة كبيرة في الإستماع للآخرين و التخفيف عنهم نظرا لتدينه الشديد)
لمن لا يعرف ايضا، مات رحيل و عائلته الصغيرة و ابي في حادث واحد منذ قرابة السنة و النصف. بكيت رحيل كثيرا لأنه كان أخي و كل طفولتي، و ابي الذي كان يحبني فوق التصور لرقة قلبه و حنانه. بكيت فيهم ايضا أنهم لم يكونوا مسلمين و أني لم أتمكن إلا من زيادة تكبر أخي، و بالنسبة لأبي، الأمر مفروغ منه نظرا للسن. فقدت الجميع في ضربة واحدة و ما قدر الله فعل. و عادت أمي لتطردني من المنزل ووجدت نفسي فعلا في الفراغ هذه المرة. لجأت لبيت جدتي و هي حنونة أيضا و تحبني كثيرا و استقبلتني طبعا بكل سرور و لكن جدتي لا يمكنها التكفل بمصاريفي فبحثت عن عمل و قبل أن أجده تفاقم الأمر عندما دخلت جدتي إلى المستشفى (القلب) لتطردني أمي من بيت جدتي أيضا و تضيق علي الخناق ببعض ديون مستحقة علي و تضيق بي الدنيا تماما. مر الأمر بسلام و الحمد لله بفضل الله أولا و بفضل بعض من إتصلت بهم و ساعدوني و لو بالكلمة الطيبة أو أن يدلوني على الخير و الحمد لله على كل ما أعطى.
بالنسبة لمحمد يا أختي، تم إسترجاعه و لكن ... ممسوح الذاكرة، أو جزئيا أي أن ذاكرته sélective أنا لم أره منذ عاد و لكني أعرف حاله جيدا. لم يتسنى له أن يفرح بأن أكون أسلمت لأنه لا يذكر ما قبلها، و لا يذكر إلا بعض الأحداث تكون لا قيمة لها بدون إطار عام. عاد الآن و هو يدرس الدين من البداية لأنه ظل في سلوكه و لكن دون ثوابت. و هو الآن يعمل بعد ان إسترجع شركاته و الحمد لله التي أدارتها إحدى أحواته مع زوجها في غيابه و الحمد لله، أنا مسرورة له و أدعو له و إن شاء الله يكون دعائي له صادقا كصدق دعائه لي في كل وقت دعى فيه من أجلي.
في النهاية، أمي أسلمت منذ مدة قصيرة و الحمد لله و أدعو الله أن يكمل علي نعمه بجدتي و جدي و إخوتي و خالاتي و أخوالي و أصدقائي و كل من أعرف من أي ديانة كانت أو حتى ليس لهم دين أصلا.

0 تعليقات:

إرسال تعليق

المتابعون

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More

 
Free Web Hosting