رحلتي من الواقع إلى الحقيقة1



السلام عليكم


اليكم خاطرة على جزئين..
كتبتها اليوم متأثرا بما حدث هذه الأيام..



"رحلتي من الواقع الى الحقيقة"
الجزء الأول


مللت الجلوس في رواق الانتظار في الادارة.
الموظف الأول يرمقني بعين حسودة
و الثاني بعين طماعة و مرتشية
و الثالث بعين حقودة
و الرابعة بعين فاجرة
و الخامسة بعين مغتابة
و السادس بعين كسولة
و السابع بعين مشمئزة
و الثامن بعين نائمة
و التاسعة بعين بلهاء
و العاشر بعين متطاولة..
و لا هذا و لا ذاك و لا تلك.. ينوون القيام بعملهم لله
و لا مساعدتي لله..
ولا حتى حتى التبسم في وجهي لله..
كل واحد منهم له نية أخرى لا أعلمها..
و لا أريد معرفتها..
و لا سوء الظن بها..
فلولا الوقاحة التي فيها,
لوجدت لها أربعين أو سبعين أو ألف عذر..
لكن كل نظرة لم تفهمها.. ورائها لسان طويل يفهمك ما لم تفهمه..
علانية.. جهرا.. بلا حياء و لا ستر..
...
مللت الانتظار
بل أكلتني العيون الجوعانة.. المتعطّشة للدنيا..
العيون المفترسة لكل القيم الانسانية..
فخرجت مسرعا.. و أطبقت الباب..
و في سحابة كثيفة من دخان السجائر..
هرولت الى الخارج..
أول ما خرجت صدمني اعلان (دعاية) غطى السماء..
فيه دعوة للفجور أو الانهيار..
فأنت في عالم يجعلك مخيرا..
لا يفرض عليك شيئا..
اللوحة أمامك و المرأة العارية تروج عليها للشكلاطة..
و أنت مخير بين أن تراها أو تحول نظرك الى لوحات أخطر منها..
مخير بين أن تشتري تلك الشكلاطة المحلّية أو الشكلاطة اليهودية أو الأمريكية
مخيّر بين النظر عن اليسار و اليمين الى التبرج المتنقل أو النظر أمامك الى الشكلاطة أو النظر فوقك أو تحتك لتصدم في أول عمود أو أول سيارة ليرتاح منك هذا العالم ...
مخير أن تجامل التطور.. فتعايشه و تتقبله
و بين أن تتشدد فتعيش على هامشه..
أسرعت في الشوارع لكي لا أفكر في هذا الأمر..
فما فكرت فيه يوما الا و أحسست بضيق في النفس و انسداد في العروق و احتراق في القلب.
عبرت الشوارع مشيا..
حتى ضعت..
كل الشوارع متشابهه..
كلها تحترق بالتدخين..
كلها نساء و رجال يتمايلون على أنغام "موزاييك أف أم"..
كلها أجساد تتحرك بلا روح و لا هدف و لا قضية..
كلها عيون متحرّشة.. لا تدعك تمارس روحانيتك بسلام..
كلّها عيون حمراء أرهقها السهر و الديون الربوية و المجون..
كلها عيون وقحة.. أنستها روتانا و مثيلاتها غض البصر و الحياء..
كلها عيون جريئة.. لم يلطفها الاسلام و لم يهذبها..
لم أأبه لها.. و ابتلعت السكين بدمه و واصلت مسيرتي..
مررت بالملاسين
بالحلفاوين
بالعطّارين
مررت بسوق "الغشّاشين" حيث يجتمع الناس ليتحايلون على تجار اجتمعوا بدورهم ليغشونهم..
فأسلّم عليهم و لا يرد علي أحد..
و أسير بين الموز و الدلاع و الفراولو..
و أشتم رائحة الحرام الطازج في أرجاء السوق..
و أخرج منه في ضيق يشبه الاختناق..
لأصل الى مدرسة تتخرج منها العيون التائهة كل سنة..
فتقيم العيون المتبرجة لها حفلا, تستضيف فيه العيون الضالة..
ليحتفلوا بعيون أبنائهم التائهة الحائرة..
و في وسط الحفلة عيون باكية..
ترثي حالها و حال أمّتها و علمها..
و تنوح و تنحب في صمت..
فأخرج متأثرا من الحفل الحزين
لأجد نفسي في مكان لم أعرفه...
و حولي راقصات متحجبات
و شيوخ بلحاهم يضربون لهم على الطبل..
فقلت أين أنا؟
أجابت احداهن: أنت في التلفزيون يا أبيه..
و قال أحدهم.. على أي موجة تريد أن تنام الليلة..
قلت لهم لا.. اتركوني لحالي..
دعوني لفطرتي..
نزلت احداهن من الطاولة و قالت: فطرتك؟ انتكست من قبل أن تولد يا مسكين..
تب عن أحلامك يا فتى.. و اخضع لمجرى التيار.. و تعالى خذلك طبل و لا تار ..
نظرت في أنحاء المكان فلم أجد مخرجا..
قمت و تحركت في كل الاتجاهات..
و صرخت : أخرجوني من هنا..
فضحكت احداهن ضحكة خليعة و قالت: ألم تسمع يا مسكين بالغزو الثقافي؟ اجلس يا أسير و لا تتمرد.. التلفزيون هو صاحب الرموت كنترول (التليكوموند).. نحركك كما نشاء.. تصبح مؤمنا فتمسي بين المنافقين كافرا..
لم أجعلها تكمل..
فرميت الكاميراهات على الأضواء الاصطناعية..
و هشّمت عليهم الاستديوهات..
كسّرت الزجاج و خرجت من التلفزيون..
صحيح أن هناك خدوش.. ..
و لن يأسرني التلفزيون و لا غيره..
خرجت كالعادة.. مسرعا..
أبحث عن شيء آخر وراء هذا العالم الغريب..
أسرعت في المشي من شارع الى شارع
و من قرية الى قرية
و من قارّة الى قارّة
و من أرض الى أرض..
عساي أجد مكانا أستريح فيه
و عالما آخر عير هذا العالم..
و نهارا غير النهار..
الى أن وصلت مكانا..
لا صوت فيه و لا ضوضاء..
رائحة المسك و الورد تفوح منه..
ورد حقيقي لا علاقة بورد العطور الفرنسية..
طبيعي.. كما خلقه الله.. قبل أن تمسه الأيادي القذرة..
ربوة عالية..
كلها قلوب مفروشة على شكل سجاجيد..
كل من فيها يركع و يسجد..
سألت أين أنا..



يتبع..

0 تعليقات:

إرسال تعليق

المتابعون

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More

 
Free Web Hosting