9. مع الفقراء ..
عدد من الناس اليوم أخلاقهم تجارية .. فالغني فقط هو الذي تكون نكته طريفة فيضحكون عند سماعها .. وأخطاؤه صغيرة .. فيتغاضون عنها ..
أما الفقراء فنكتهم ثقيلة .. يسخر بهم عند سماعها .. وأخطاؤهم جسيمة .. يصرخ بهم عند وقوعها ..
أما رسول الله r فكان عطفه على الغني والفقير سواء ..
قال أنس t :
كان رجل من أهل البادية اسمه زاهر بن حرام ..
وكان ربما جاء المدينة في حاجة فيهدي للنبي r من البادية شيئاً من إقط أو سمن ..
فيُجهزه رسول الله r إذا أراد أن يخرج إلى أهله بشيء من تمر ونحوه ..
وكان النبي r يحبه .. وكان يقول : ( إن زاهراً باديتنا .. ونحن حاضروه ).. وكان زاهراً دميماً ..
خرج زاهر t يوماً من باديته .. فأتى بيت رسول الله r .. فلم يجده ..
وكان معه متاع فذهب به إلى السوق .. فلما علم به النبي e مضى إلى السوق يبحث عنه ..
فأتاه فإذا هو يبيع متاعه .. والعرق يتصبب منه .. وثيابه ثياب أهل البادية بشكلها ورائحتها ..
فاحتضنه r من ورائه ، وزاهر لا يُبصره .. ولا يدري من أمسكه ..
ففزع زاهر وقال : أرسلني .. من هذا ؟ ..
فسكت النبي عليه الصلاة والسلام ..
فحاول زاهر أن يتخلص من القبضة ..
وجعل يلتفت وراءه .. فرأى النبي r .. فاطمأنت نفسه .. وسكن فزعه ..
وصار يُلصٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍق ظهره بصدر النبي r .. حين عرفه ..
فجعل النبي r يمازح زاهراً .. ويصيح بالناس يقول :من يشتري العبد ؟ .. من يشتري العبد ؟ ..
فنظر زاهر في حاله .. فإذا هو فقير كسير .. لا مال .. ولا جمال ..
فقال : إذاً والله تجدني كاسداً يا رسول الله ..
فقال r : لكن عند الله لست بكاسد .. أنت عند الله غال ..
فلا عجب أن تتعلق قلوب الفقراء به e وهو يملكهم بهذه الأخلاق ..
كثير من الفقراء .. قد لا يعيب على الأغنياء البخل عليه بالمال والطعام .. لكنه يجد عليهم بخلهم باللطف وحسن المعاشرة ..
وكم من فقير تبسمت في وجهه .. وأشعرته بقيمته واحترامه .. فرفع في ظلمة الليل يداً داعية .. يستنزل بها لك الرحمات من السماء ..
ورب أشعث أغبر ذي طمرين مدفوع بالأبواب لا يؤبه له .. لو أقسم على الله لأبره ..
فكن دائم البشر مع هؤلاء الضعفاء ..
إشارة ..
لعل ابتسامة في وجه فقير .. ترفعك عند الله درجات ..
0 تعليقات:
إرسال تعليق