الخميس/ العاشر من ذي الحجة ... يوم النحر 2



بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


الخميس/ العاشر من ذي الحجة ... يوم النحر

أول أيام عيد الأضحى.... الله أكبر


تابع......

لم يكن هناك مجال للزيارة بعد صلاة العيد، فقد صدرت لنا الأوامر المشددة يومها بالعودة المباشرة لتناول طعام الإفطار مع العائلة (المكونة من أربع أسر) لأول أيام العيد...

كان الأمر أشبه بعيد الفطر، فمعظم أفراد العائلة كانوا قد صاموا جميع أيام العشر، بل إن منهم من لم يفطر حتى في يوم السفر...

وبعد إتمام هذا الواجب العائلي....... تحررنا....

وانطلقنا كلٌ في اتجاه...

الرجال للنوم، فقد زاروا وانتهى موضوعهم... (لا حسد والله)
والأطفال للتمشية مع أبناء عمومتهم في الأسواق....
والنساء للمسجد للزيارة....

كل واحدة بمفردها...

الآن نعيِّد حقا........... هذا هو العيد الحقيقي....
الآن نلقى الأحبه.... محمدا وصحبه

وكان الزحام لا يوصف... وكأن جميع أهل الحجاز والمقيمين فيه، ممن تخلفوا عن الحج، قد أتوا ليعوضوا ذلك بزيارة الحبيب صلى الله عليه وسلم...


يا خير من دفنت بالقاع أعظمه
فطاب من طيبهن القاع والأكم
نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه
فيه العفاف وفيه الجود والكرم


وكانت الصلاة في الروضة في ذلك اليوم حلما من الأحلام...
وجلست في نفس مكاني بالأمس، وصليت ما شاء لي ربي... ودعوت...

أما أختي، فقد وقفت في الزحام، واختفت عن ناظري..

ومر الوقت سريعا... أشبه بنسمة لطيفة شذية، أو حلم وردي جميل...
واستيقظت على تصفيق إحدى المطوعات، وهي تقول:

هيا يا أختي، هذا مصلى الرجال... هيا إلى مصلى النساء...
فأشرت لها أن تسمح لي بإكمال تلاوة الجزء الذي أتلوه...
قالت: الثواب واحد يا أختي، هنا وفي مصلى النساء... لا فرق..
فتنهدت تنهيدة عميقة حملتها كل ما في قلبي من أسى وحسرة وشوق ولهفة....
- لكن يا أختي الحال هنا مختلف... أنوار القرب من الرسول صلى الله عليه وسلم وتجلياتها هنا مختلفة...

وابتسمتُ لها، وابتسمتْ لي.... لست أدري إن كانت قد فهمتني...
يقولون إن شدة القرب حجاب...
أسأل الله تعالى أت يفتح قلوبهم وقلوبهن ليستشعروا نعيم القرب الذي أكرمهم الله به وهم لا يشعرون...
سبحان الله... له في خلقه شؤون..


قالت لي أختي وقد اجتمعنا في طريق الخروج:

- هل صليت في الروضة؟
- لا... الزحام شديد جدا... وفكرت أن أعطي مكاني للآفاقيات، فهن أولى مني بذلك...
نظرت لي أختي بطرف عينها، وقالت:
- لم يكن هذا أسلوبك في التفكير، وكنت لا يعجبك كلام الشيخ علي الطنطاوي بهذا الصدد..
- نعم... ولكن... الوقت قصير جدا... فكرت أن أستغله كله، بدلا من أن أضيعه في الانتظار...
- بالعكس يا أختي.. لقد نظم المسؤولون هذه المرة نظاما جيدا جدا، جزاهم الله خيرا، فقد جعلوا الدخزل للروضة من مكان، والخروج من مكان مختلف، أترين هذا الزحام الشديد، لو وقفت بهدوء وصبرت، لرأيت أنهم يدخلون فوجا، ويتركونه ليصلي ركعتين أو أربعا، ثم يأمرونهم بالخروج من المكان المخصص، ثم يسمحون للفوج الذي يليه بالدخول، وهكذا... وبالصبر قليلا، تدخلين الروضة بمنتهى الهدوء...
- أحقا؟!...

كم تحسرت على نفسي وما فاتني... وتذكرت حديث الرسول صلى الله عليه وسلم:
"بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس إذ أقبل ثلاثة نفر ، فأما أحدهما فوجد فرجة في الحلقة فدخل فيها ، وأما الآخر فجلس وراء الناس ، وأدبر الثالث ذاهبا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا أنبئكم بخبر الثلاثة ؟ أما الأول فآوى إلى الله فآواه الله ، وأما الثاني فاستحيا فاستحيا الله منه ، وأما الثالث فأعرض فأعرض الله عنه"
صحيح/ ابن كثير /تفسير القرآن 8/73

نسأل الله أن يؤوينا إليه، وألا يجعلنا من المعرضين..

سبحان الله... حفظة القرآن لهم أحوال مختلفة...
وأختي هذه –تصغرني بست سنوات- حفظت القرآن الكريم ولما تنهِ بعد المرحلة الإعدادية، ثم أعادته ثلاث مرات، وفي الرابعة حصلت على إجازة القرآن الكريم، وكان احتفالنا بنيلها الإجازة، في نفس يوم احتفالنا بخطوبتها، وكان أن أثنت عليها أستاذتها، ولفتت نظر صديقاتها إلى أننا نحتفل كل يوم بخطبة فتاة أو زفافها، لكننا لا نحتفل كل يوم بحصول مسلمة على إجازة في القرآن الكريم، فهذا هو الحفل الحقيقي، وهذه هي السعادة الكبرى...
وأختي هذه تعمل الآن في تعليم القرآن، وابنها الذي لم يبلغ السابعة من عمره قد حفظ –ما شاء الله- ثلاثة أجزاء من القرآن...
فكم تحفظون يا إخوتي؟
وكم يحفظ أبناؤكم؟

بارك الله لها وبلغنا...
بلغنا جميعا يا إخوتي في الهدف...
بلغنا جميعا.
.


0 تعليقات:

إرسال تعليق

المتابعون

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More

 
Free Web Hosting