أحمد و حي الأيتام



أحمد و حي الأيتام
أحمد في الأيام الأخيرة من العمرة.. سمع درسا عن أجر كفالة اليتيم.. و أن "أنا و كافل اليتيم كهاتين" (الحديث) ثم أشار الرسول صلى الله عليه و سلم باصبعيه.. أي جار الرسول مباشرة..
فسألني لأسأل الأخ الشهيد المكي عن معنى الكفالة.. و هل الكفالة شرطا أن تكون مادية و معنوية أو يكفي الكفالة المادية الخ...
المهم بعد الاستشارة و الاستخارة قال لي: "معز.. هل تعرف يتامى؟" و أحسست في سؤاله نبرة من الخجل و البراءة.. على فكرة أحمد هذا من عائلة "بورجوازية"..و رغم تربيته الارستقراطية الا أنه من يوم زواجه و هو يعيش حياة عادية مكتفيا بمرتبه من الحكومة..
و هداه الله من وقت قريب جدا.. سنة أو سنتين بالكثير..
ثم وفقه لهذه العمرة..
فحينما سأل أحسست أن محيطه كله من "الأكابر" و حتى أيتامهم "كوبة بابهم ذهب".. و رغم أنني أقنعته أن اليتيم شرعا يكفي أن يكون يتيما (كما أفهمني أخي المكي).. و ليس شرطا أن يكون أيضا فقيرا الا أنه أصر على الأفضلية.. والأفضلية في هذه الأمور أن يجمع الطفل بين الحرمان من الأب و الحرمان من حاجيات الدنيا.. يتم و خصاصة (toutes options).. فأصرّ.. فقلت له أني أعرف شارعا في منطقة فقيرة جدا.. فيه يتيما..(اسمه أحمد على فكرة).. و أنه بحاجة لرعاية..
و بعد العودة من العمرة بأسبوع.. اتصل بي أحمد.. و ذكرني باتفاقنا.. و طلب مني أن آخذه الى ذلك الشارع لأنه لا يعرف هذه المناطق الفقيرة..
و حينها كان عندي عمل و مشاغل كثيرة فأجلت الموعد الى الغد.. و في الغد اتصل بي.. فاعتذرت مرة أخرى..
ثم لم يتصل بي مرة أخرى..
مر أسبوع كامل أو أكثر.. فتذكرت وعدي له.. اتصلت به.. و عزمته على غداء..
جاء الى المكتب.. و خرجنا سويا الى مطعم..
حينها اعتذرت منه عن تأخري..
فابتسم ابتسامة المشفق..
ثم بعد تفكير قال لي "مشيت وحدي"
رميت الفرشيطة و السكين و أبعدت الصحن من أمامي و قلت له "الآن تخبرني بكل التفاصيل".. فهم أني لن أتركه.. و كأنه أيضا أراد أن يعطيني درسا في المسارعة في الخيرات.. و يرهبني من التخلف..
قال – و هو صادق ان شاء الله- " حينما اتصلت بك و وجدتك مشغولا.. أخذت تاكسي و طلبت منه أن يأخذني الى حي من الأحياء الفقيرة..
استغرب السائق.. قال لي أي حي بالضبط تريد؟ قلت له لا أدري.. مثلا حي التضامن.. فقال لي: هناك من هم أكثر فقرا من حي التضامن.. قلت له :اذا لما السؤال؟ خذني اليه مباشرة.. فقال لي: لكنمن الآن أنصحك بأن تنزع الكرافات (ربطة العنق) و الكسوة.. حالك هكذا يجلب اليك النتباه.. قلت له اطمئن..
قال: الطريق بعيد.. نصل في ساعة الا ربع تقريبا.. قلت له لا عليك.. لكن على شرط اقفل الراديو..(طريقة اخرى للنهي عن المنكر)..
طول الطريق و السائق يحاول أن يستفسر عن سر هذه الرحلة.. و أحمد يحاول أن يستغل الفرصة لتوعيته أو الله أعلم.. الحديث لم يكن مثمرا حسب كلامه..
المهم أنه وصل الى حي .. كما يصورونه في الأفلام.. حي فقير.. كله غبار.. كل علامات الفقر متوفرة.. على فكرة هذه أشياء تسعد أحمد.. وجهه يصبح كمن وجد له عملا..كأنه عثر على كنز.. أحيانا أشك أنه ينوي تحرير العالم بأسره من الفقر..
واصا أحمد السرد: " سرت خطوات طويلة.. لم أدر من أين أبدأ.. الى أن وجدت بطحة فيها أولاد يلعبون كرة قدم.. ناديت أحدهم.. قلت له..أتعلم أين هو "آش اسمو" ذاك الولد اليتيم..و تظاهرت بأني نسيت اسمه.. قال لي "آه.. علي؟" قلت له "نعم".. قال علي لم تدعه أمه "يكور" معنا..تجده في بيته.. طلبت منه أن يأخذني الى بيته.. ففعل جزاه الله خيرا.. طرقت الباب.. خرجت امرأة تصيح "قلتلكم ماهوش باش يكور..توة وقت قراية".. فلما فتحت الباب..ارتبكت.. فقلت لها: أنت أم علي.. قالت "نعم آش كون سيادتك".. لم أدري كيف أجيب.. لم يخطر على بالي هذا الموقف..
يتبع..

0 تعليقات:

إرسال تعليق

المتابعون

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More

 
Free Web Hosting