مسألة




" مسألة "



** إذا تاب العبد من الذنب هل يرجع إلي ما كان عليه قبل الذنب من الدرجة التي حطه عنها الذنب أو لا يرجع إليها ؟

قالت طائفة : يرجع إلي درجته لأن التوبة تجب الذنب بالكلية و تصيره كأن لم يكن .


و قالت أخري : لا يعود إلي درجته و حاله لأنه لم يكن ي وقوف و إنما كان في صعود فبالذنب صار في هبوط فإذا تاب نقص منه ذلك القدر الذي كان مستعدا به للترقي .


قال شيخ الاسلام : و الصحيح أن من التائبين من لا يعود إلي درجته و منهم من يعود إلي أعلي منها فيصير خيرا مما كان قبل الذنب و كان داود بعد التوبة خيرا من قبل الخطيئة .


قال ابن القيم رحمه الله : و هنا مثل مضروب ؛ رجل مسافر سائر علي الطريق بطمأنينة و أمن يعدو مرة و يمشي أخري و يستريح تارة و ينام أخري ؛ فبينما هو كذلك إذ عرض له في سيره ظل ظليل و ماء بارد و مقيل و روضة مزهرة ؛ فدعته نفسه إلي النزول علي تلك الأماكن فنزل عليها فوثب عليه ومنها عدو فأخذه و قيده و منعه عن السير فعاين الهلاك و ظن أنه منقطع به و أنه رزق الوحوش و السباع و أنه قد حيل بينه و بين مقصده الذي يؤمه ؛ فبينما هو علي ذلك تتقذفه الظنون إذ وقف علي رأسه والده الشفيق القادر فحل كتافه و قيوده و قال له اركب الطريق و احذر هذا العدو فإنه علي منازل الطريق لك بالمرصاد و اعلم أنك ما دمت حاذرا منه متيقظا له لا يقدر عليك فإذا غفلت و ثب عليك و أنا متقدمك إلي المنزل وفرط لك فاتبعني علي الاثر ؛ فإذا كان هذا السائر كيسا فطنا لبيبا حاضر الذهن و العقل استقبل سيره و استقبالا آخر أقوي من الأول و أتم و اشتد حذره و تأهب لهذا العدو و أعد له عدته فكان سيره الثاني أقوي من الأول و خيرا منه ؛ و وصوله إلي المنزل أسرع و إن غفل عن عدوه و عاد إلي مثل حاله الأول من غير زيادة و نقصان ولا قوة حذر ولا استعداد عاد كما كان و هو معرض لما عرض له أولا ؛ و إن أورثه ذلك توانيا في سيره و فتورا و تذكر الطيب و قيله و حسن ذلك الروض عذوبة مائه لم يعد إلي مثل سيره ونقص عما كان .



يتبع ....

0 تعليقات:

إرسال تعليق

المتابعون

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More

 
Free Web Hosting