كان الصحابة والتابعون رضوان الله عليهم
يتزاورن . ويشد أحدهم طرف ثوب أخيه
ليقول له : تعالى أخي ، هيا بنا نؤمن ساعة .. هيا بنا نجدد الإيمان.
هذه المقولة .. وهذه القصص قرأناها كثيرا .. وسمعناها أكثر
لكن ربما لم نستشعرها حقا
الآن أدعوكم إلى استشعارها
وأدعوكم إلى مراجعة أحوالكم ، ما هي النوايا التي تحملونها في قلوبكم حين تتزاورون أو تجلسون بين أصدقائكم ؟
وكم مرة جذب أحدكم طرف أخيه وهمس في أذنه قائلا ، أخي ,, تعالى نؤمن ساعة .. ونزيل الران الذي علا على القلوب
لقد أهملنا القلوب حقا .. لذا أكثر البشر اليوم لا يشعرون السعادة
لأنهم أهملوا منبع السعادة ، بل كادوا أن يدفنوا قلوبهم بأيدهم تحت الرمال – إن لم يكونوا دفنوها بعد -
إذا كان الصحابة والتابعون .. يحتاجون إلى أن يجددوا إيمانهم يوميا
وهم من هم .. والخير من حوليهم .. والصدق والإخلاص يجري بواديهم
والمحبة الصفاء والنقاء وكل معاني الخير والفضيلة عامر بناديهم
ورغم ذلك كانوا يحرصون ويعتنون أشد العناية بقلوبهم وأرواحهم
ويشعلون جذوة الإيمان ساعة بعد ساعة خشية أن تبرد أو أن تنطفئ
فماذا نقول نحن .. وحالنا لا يخفى على أحد
أبعد كل الأتربة المتصاعدة .. والأغبرة المتلاصقة .. والضباب الذي يلتف حول أجسادنا وأرواحنا !!
أبعد كل هذا !!
لا نحرص على الاهتمام بهذه القلوب الكليلة .. والأرواح المسكينة
التي علاها الران .. وتعبت من طول الحجاب !!
لذا يا أحبابي .. أدعوكم ونفسي إلى أن نتعاهد هذه القلوب دوما ..
وتعاهدها يكون بإيقاد سرج الإيمان فيها .. أو إبقائها غضة طرية إن كانت حية نضرة
وهذا عمل كل يوم .. بل كل ساعة ..
إذا كان الجسد يحتاج ليحيا بعافية إلى ثلاث وجبات في اليوم
فالقلوب والأرواح أغلى من الأجساد .. والعاقل أبصر بما عنده من ثروات
.. ..
وإن وسائل إحياء جذوة الإيمان حية في القلوب .. وغسل كل الأدران والأوساخ
وإبقاء القلوب صافية نقية تلمع وتبرق
الوسائل كثيرة ومتعددة .. وكل إنسان أدرى بنفسه .. وبعيوب نفسه .. وأدرى بكيفية التداوي والعلاج مما أصابه
وتقوى الله علاج كل داء
لكن من باب التعاون على البر والتقوى
أقترح بعض الأمور .. هي أمور تطبيقية .. وليست نظرية فقط
فأرجو منكم أحبابي أن تأخذوا منها ما تيسر .. وتطبقوا .. لكن بمداومة واستمرار
لعل الله أن يبقي الإيمان حيا في قلوبنا حتى نلقاه
ولعل الله أن يرفع عن قلوبنا حجاب الغفلة والقسوة
فنرتقي رويدا رويدا إلى درجات الإحسان
وهي درجات المقربين
الإحسان : هو أن تعبد الله كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنه يراك
وحينها يا أخي ويا أختي
حينها لا تسألوني عن مدى الراحة والسعادة والأنس الذي لن يفارقكم أبدا
حتى تلقوا الله .. باسمة أفواهكم .. مشرقة وجوهكم ..
.. .. ..
1- صلاة قيام الليل في الثلث الأخير .. عند ما يكون الجميع نيام ..
تستيقظ بهدوء .. تتوضأ ..
تقف بين يدي ربك ..
تصلي ما تيسر لك
ثم تناجي ربك – قبل أن تدعوه –
تقول في مناجاتك ..
ربي هل يعلم بحالي هذا وموقفي بين يديك غيرك ، سبحانك .. لك الحمد .. اخترتني من بين الكثيرين لتوقظني وتوقفني بين يديك
يا رب لك الحمد .. لا أجد شيئا أستحق به كرمك هذا
لكنك تتكرم لأنك الكريم سبحانك
وترحم لأنك الرحيم سبحانك
وهكذا .. تناجي ربك بأصدق العبارات من القلب
ثم تسأله حوائجك بكل فقر ومسكنة وتدعوه
وأهم ما تسأله هو أن يغفر لك ما مضى ويصلح لك ما بقي
...
2- الموعظة لها أثر بليغ في إحياء القلوب الموات ، فكيف لو كانت القلوب حية .. أفلا تقدر الموعظة أن تشرق الأنوار فيها
لذا .. استمعوا إلى موعظة واحدة على الأقل كل خمسة أيام
وهذه الموعظة قد تكون بدرس أو محاضرة أو موعظة عن طريق شريط سمعي .. أو مباشرة في المساجد والقاعات الكبرى – حسب ما تيسر –
والأفضل في المواعظ التنويع .. وإذا كان أحدكم يتأثر بأحد الدعاة والعلماء .. فليستمع إلى شرائطه .. لكن يجب أن يبحث عن الجديد والمفيد عند غيره .. فالكمال لله وحده . . فتجد عند بعض الدعاة أحد الجوانب متقنة .. وعنده نقص في جانب آخر .. فتسمع وتنوع حتى تستفيد من الخير الذي نشره الله وبثه في صدور أمته ..
ومن باب الإفادة . أنا أتأثر كثيرا بالشيخ صالح بن عواد المغامسي – حفظه الله –
وأيضا بالشيخ خالد الراشد – حفظه الله –
وأيضا بالشيخ محمد المختار الشنقيطي – حفظه الله –
هذا ما يحضرني الآن
ربما هذه الأسماء جديدة على بعضكم
لكن لا تستعجلوا ... اسمعوا ثم احكموا بأنفسكم
وسأكتب لكم روابط الدروس والمحاضرات ..- خصوصا المؤثرة منها- حتى تستفيدوا بإذن الله
أما الشيخ المغامسي .. والله لم أر في حياتي رجلا رقيق القلب مثله إلى الآن .. لم أسمع له محاضرة إلا وهو يبكي فيها ..
سأله أحد الأشخاص يوما في نهاية إحدى محاضراته ، كيف نخشى الله
فما أنا نطق بكلمة خشية الله حتى بكى وبكى حتى أشفق الحضور عليه .. سبحان الله
والشيخ خالد أيضا دروسه وخطبه صادقة ومؤثرة
والشيخ الشنقيطي أيضا دروسه مليئة بالعلم الرصين والحكمة البالغة .. مع صدق تتبينه من نبرات صوته
فاستمعوا لموعظة واحدة على الأقل كل خمسة أيام .. والله ستحسون الفرق بإذن الله .
.. ..
3- الجلسات الإيمانية مع الأصدقاء والأصحاب .. والله إنها تحيي القلوب
ابحث بين أصدقائك .. من إذا جلست معه .. تحس أنك ارتقيت إيمانيا .. هذا الصديق اجعله رقم واحد في الأصدقاء .. وجالسه كثيرا ..
( الصحبة الصالحة . الصحبة الصالحة )
.. ..
4- بر الوالدين .. والله يا أحبابي .. بر الوالدين شيء عجيب
كل شيء له أثر خفي وظاهر
إلا بر الوالدين .. فإن أثره ظاهر .. وعاجل في الدنيا قبل الآخرة
أحبابي تفننوا في بر والديكم ..
أجعلوا هدفكم الأول في الحياة – ما دام الوالدين أحياء أطال الله بقاءهما –
اجعلوا هدفكم الأول هو أن تدخلوا البسمة والسرور على محياهم .. وتخرجوا كل يوم من عندهم بدعوة صالحة
والله إن السعيد من وفقه الله لإسعاد أبويه
طيب أقولكم شيئا ..
من منكم يتمنى أن يعبد الله في رمضان القادم – اللهم بلغنا رمضان – كما لم يعبده من قبل؟
من منكم يتمنى أن يخشع في رمضان القادم ويبكي ويتغير حاله ويرتقي الدرجات ويحس بالقرب من مولاه ويدرك ليلة القدر ويكون من العتقاء؟
أكيد كلكم يتمنى هذا .. الحمد لله
طيب .. إذا قلت لكم عندي المفتاح السحري .. أتصدقونني !!
ابدأ من الليلة .. وتفنن في إسعاد والديك .. وإدخال السعادة في قلوبهم .. وخذ منهم هذه الدعوة ( يا رب افتح على ابني في رمضان فتحا مبينا ، وبلغه في يرضيك آماله ) طبعا ليس شرط بهذه الألفاظ ..
والله – وبإذن الله وفضله ورحمته – سترى ما لا يخطر لك على بال
إبدأ ببرهما .. وتجنب إغضابهما .. وإن كانا سريعي الغضب أو صعبي المراس ،، فتحمل منهما بكل حلم ورضا .. وتذكر فضلهما عليك ..
وإن أخفقت يوما في المهمة .. فلا تتوقف .. بل واصل و واصل
بقي على رمضان أربعة أشهر وعشرين يوما .. فالهمة يا أحبابي
أسأل الله أن يبلغني وإياكم شهره الفضيل .. آمين
واعلموا .. أن من أكبر الأسباب التي تحرم الإنسان من حلاوة الإيمان والأنس بالله والثبات على الحق .. من أكبر الأسباب (( أن يظن الواحد منا أنه خير من والديه بعدما هداه الله والتزم )) ..
والله من ظن هذا فقد وضع لنفسه عائقا كبيرا قد يحرم بسببه من خير كثير .. هذا وهو مجرد ظن
فكيف إذا تعدى إلى همز ولمز لوالديه ، وبدأ يحسسهما بأنه أفضل منهم لأنه يعبد الله أكثر ..
فلنتنبه لهذا أحبابي .. فهو مسقط خفي يسقط فيه الكثيرون ممن هداهم الله إلى الالتزام والتوبة ..
حتى لو كان الوالدان على معاصي أو قلة طاعات .. فإن مقاييس الأفضلية ليست عندكم
وفضل الوالدين على الأبناء لا يوفى بأي شيء
لذا يجب أن تعتقدوا دوما أن والديكم أفضل منكم
وليس معنى هذا أن نطيعهم في معصية صريحة .. أو أن لا نرشدهم إلى الخيرات والطاعات
لكن كل هذا بحكمة بالغة .. حكمة بالغة لا تجرح المشاعر ولا تحسس بالنقص أو الدونية
وصدق الله تعالى ومن أصدق من الله قيلا : (( ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا )) .
وفقكم الله لما يحبه ويرضاه .. ورزقنا وإياكم الحكمة .. آمين
ومن رأى أنه من المناسب أن يقرأ على والديه ما قلته آنفا .. فليفعل لعل الله أن يتقبل منا ومنكم أجمعين .
.. ..
( طبعا من طبق ما قلته ،، ووجد بركاته في رمضان وغير رمضان ،، فلا يبخل علينا بالأخبار )
..
أطلت عليكم .. سامحوني
لكن سبحان الله .. من كثر حبي لكم .. كتبت لكم كل هذا ،، رغم أني جلست .. وفي نيتي أن أكتب ردا مختصرا وسريعا
لكن الحمد لله الذي أجرى القلم بيدي .. وأسأل الله كما وفقني للكتابة أن يرزقني الإخلاص وأن يتقبل مني
آمين
...
دعواتكم الصالحة
قريبا بإذن الله سنبدأ ببعض التطبيقات العملية
في أمان الله
اللهم اغفر لنا إن أسأنا أو أخطأنا
آمين
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخوكم ، أبو محمد .
0 تعليقات:
إرسال تعليق